الحلف الشيطاني


قبل أن أبدأ بالموضوع أود أن أشير إلى أنّ مقالاتي التي كتبتها خلال عقد مضى تقريبا ونشرها مشكورا الموقع الرائع موقع رابطة أدباء الشام هي خلاصة دراستي ومطالعاتي ومتابعتي للأخبار وتحليلي لها وليست مقالات منقولة ولا مقتبسة .
وفي الوقت نفسه ليست هي مقالات طويلة وإنما هي مقالات إما قصيرة أو متوسطة .
لكنني اليوم سأخالف عادتي و أدع ما درجت’ عليه حيث ستكون مقالتي هذه نقلاً لمقطع من كتاب لا يعرف كثير من الناس قدره لأنهم لم يقرؤوه والإنسان عدو ما جهل ولو أنهم قرؤوه بفهم وتجرد لظلّت أعناقهم له خاضعين ومن معينه مغترفين وبفضله وتفوقه معترفين . إنه ( في ظلال القرآن ) للعملاق الشهيد سيد قطب رحمه الله الذي قضى رافع الرأس منتصب القامة عالي الهامة أمام طغيان الأقزام المتعاظمين والفساد المنتفش المتسلط ، لم تخدعه يوما زينة الباطل ولم ترهبه سجونه ولا سجّانوه ولا سياطه و جلادوه.
إنه مقطع يبين فيه الشهيد سيّد مصلحة الشيطان في تخويف المؤمنين خاصة والناس عامة من حلفائه وأوليائه المتمثلين في صور شتى ومظاهر متعددة .. منها : الحكام الفاسدون المتألهون والطغاة المتجبرون ... محلّقا كعادته في الحديث عن قوله تعالى : " إنما ذلكم الشيطان يخوّف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين " .
وليس ثمة حاجة إلى تعليق أو شرح مطول أو مختصر لكلام الشهيد البطل وما ذاك إلا لروعة بيان سيّد وبلاغته التي يتذوقها كل من يعرف لغة القرآن ويعشقها.
قال رحمه الله تعالى : إن الشيطان هو الذي يضخّم من شأن أوليائه ويلبسهم لباس القوة والقدرة ويوقع في القلوب أنهم ذوو حول وطول وأنهم يملكون النفع والضرّ ذلك ليقضي بهم لباناته وأغراضه وليحقق بهم الشرّ في الأرض والفساد وليخضع لهم الرقاب ويطوع لهم القلوب ، فلا يرتفع في وجوههم صوت للإنكار ولا يفكر أحد في الانتقاض عليهم ودفعهم عن الشر والفساد .
والشيطان صاحب مصلحة في أن ينتفش الباطل وأن يتضخم الشر وأن يتبدى قويا قادرا قاهرا بطاشا جبارا لا تقف في وجهه معارضة ولا يغلبه من المعارضين غالب ... الشيطان صاحب مصلحة في أن يبدو الأمر هكذا فتحت ستار الخوف والرهبة وفي ظل الإرهاب والبطش يفعل أولياؤه في الأرض ما يقرّ عينه . يقلبون المعروف منكرا والمنكر معروفا وينشرون الفساد والباطل والضلال ويخفتون صوت الحق والرشد والعدل ، ويقيمون أنفسهم آلهة في الأرض تحمي الشرّ وتقتل الخير، دون أن يجرؤ أحد على مناهضتهم والوقوف في وجههم ومطاردتهم وطردهم من مقام القيادة بل دون أن يجرؤ أحد على تزييف الباطل الذي يروجون له و جلاء الحق الذي يطمسونه .
ثم بعد أن يبين أن الشيطان يختفي وراء أوليائه وينشر الخوف منهم يقول : إن القوة الوحيدة التي تخشى وتخاف هي القوة التي تملك النفع والضر هي قوة الله وهي القوة التي يخشاها المؤمنون بالله ، وهم حين يخشونها وحدها أقوى الأقوياء فلا تقف لهم قوة في الارض لا قوة الشيطان ولا قوة أولياء الشيطان .
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين .
-------------------------------------------
نائب رئيس جمعية علماء حماة سابقا
عضو مؤسس في رابطة أدباء الشام
عضو مؤسس في رابطة العلماء السوريين
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين