الحلال والحرام بين حكمة السماء وأهواء الأرض

في الرحِم[1]

"يَسأل أحد التوأمين أخاه:

·  هل تؤمن حقّاً بحياةٍ أخرى بعد خروجنا من هذا الرحم؟

·  ولمَ لا؟ لا بدّ أن يكون هناك شيءٌ ما ينتظرنا في الخارج. من الواضح أنّهم وضعونا هنا مؤقتاً ليهيّئونا لتلك الحياة الجديدة.

·  هُراء. لا شيء هناك. كيف يمكنك أن تتصوّر وجود حياةٍ أخرى مختلفةٍ عن حياتنا؟!

·  أنا لا أعرف تماماً كيف ستكون تلك الحياة، ولكنّني متأكّدٌ من أنّها ستكون أكثر سعةً وضياءً. يقال إنّنا سنتحرّك هناك بأقدامنا، وسنأكل بأفواهنا، بل ربّما ستكون لنا حواسّ أخرى غير حواسّنا الحاليّة!

·  تخاريف. كيف يمكن أن نتحرّك بأقدامنا، ونأكل بأفواهنا؟ تلك أمورٌ من المستحيل أن تقع. من الواضح أنّ حبل السرّة وحده هو الذي سيغذّينا ويزوّدنا بكلّ ما نحتاج إليه، كما هو الآن. كن منطقيّاً مع نفسك. إنّ وجود حياةٍ أخرى مختلفةٍ بعد الخروج من هنا أمرٌ لا يقبله عقلٌ ولا منطق. لو كانت هناك حياةٌ أخرى مختلفةٌ خارج هذا الرحم، ولو كان مَن خرجوا من هنا ما زالوا أحياء حقّاً، فلماذا لم يَعُد أحدٌ منهم فيخبرنا عن تلك الحياة؟ الخروج من هنا يعني النهاية. ليس هناك بعد خروجنا من الرحم إلّا السكون، والعدم، والظلام.

·  حسناً. أنا لا أعرف بالضبط ماذا ينتظرنا هناك، ولكن ما أنا متأكّدٌ منه هو أنّنا سنقابل هناك "أمَّنا" وهي ستعتني بنا خير عناية.

·  "أمّنا"؟! ها ها ها.. أتؤمن حقّاً بوجود شيءٍ اسمه "أمّ"؟ إنّه لأمرٌ مثيرٌ للضحك. إذا كان هذا الشيء الذي تسمّيه "أمّنا" موجوداً حقّاً فأين هي الآن؟ أرني إيّاها!!

·  إنّها حولنا، ونحن محاطون بها، إنّنا في بيتها، ونعيش بين جدرانها الأمينة.

·  اسمع، إنّني أؤمن بشيءٍ واحد: أنا لا أراها، إذن هي غير موجودة.

·  ستراها وتشعر بوجودها عندما تخلو إلى نفسك، وتركّز في داخلك، وتُنصت إلى ضميرك وفطرتك، عندئذٍ سوف تستمتع بسماع صوتها المُحْيي يناديك من فوق.

فقط: فكّر، وركّز، وأنصت، واستمع.

*            *             *

لا أملك إلّا أن أستحضر هذا الحوار الذكيّ بين توأمي الفيلسوف (Wayne Dyer) فأتخيّلهما يتحاوران أمامي وأنا أستمع كلّ يومٍ إلى جدل أولئك الذين يتحدّثون عن السماء، وعن أحكام السماء، وكأنّهم يتحدّثون عن القوانين البشريّة الأرضيّة:

لمَ لا تكون لنا قوانيننا وأحكامنا الأرضيّة، المخالفة لما نعرفه من قوانين وأحكامٍ سماويّة؟

لمَ لا يمكن أن يكون هناك أكثر من قانونٍ واحدٍ للعمل بها في هذه الأرض؟

مَن أَولَى بأن يضع قوانين ومفهوماتٍ للأرض؛ مِن أهل الأرض؟ 

حتّى إن وُجدت تلك القوانين والأحكام السماويّة، المختلفة عن قوانيننا وأحكامنا، فما الذي يمنعنا من إهمالها والعمل بقوانيننا وأحكامنا الأرضيّة؟

لمَ لا نملك حرّية الاختيار؟

ما الذي سيصيبنا لو امتلكنا تلك الحرّيّة؟ لا شيء طبعاً.. لا شيء.

أتقول إنّه ينتظرنا جنّةٌ أو نار؟ لا بدّ أنّك تمزح!

 

الحلال والحرام في الشرائع السماويّة الثلاث

كم تألّمت، وتألّم الكثيرون، لقصّة العائلة الإيطاليّة التي ركبت سيّارتَها باتّجاه مدينةٍ أخرى، وحملتْ معها كميّةً من اللحوم بغية الاستراحة أثناء الرحلة، وشيّها وتناولها عندما يحين موعد الغداء.

توقّفت السيّارة بهم عند مرتفعٍ مُطِلٍّ على وادٍ جميل، ورأت العائلة أنّه المكان المناسب لتناول غدائها. وهكذا أعدّ أفرادُها المكان ليَشْووا ما حملوه معهم من لحوم، ولكنّهم تبيّنوا أنّهم نسوا القضبان الحديديّة الخاصّة بشيّ اللحم فلم يحملوها معهم! وتلفّتوا حولهم فلم يجدوا إلّا شجيرات زهرة الدِّفْلَى تحيط بهم من كلّ جانب. إنّها الشجيرات ذات الزهور الجميلة المتنوّعة الألوان، فمنها الورديّ، والأرجوانيّ، والأبيض، والتي تزيّن معظم الطرق في إيطاليا، داخل المدن وخارجها، كما في كثيرٍ من بلدان البحر الأبيض المتوسّط.

كان أفراد العائلة يعرفون أنّ زهور الدِّفلى وأوراقها، على جمالها الأخّاذ، سامّةٌ جدّاً، ولكنّهم، وهم في أشدّ الجوع، وفي أشدّ الحاجة إلى ما يحلّ مشكلة الغداء، لم يجدوا حلّا لهذا الأمر خيراً من أغصان الدّفلى، القويّة، والملساء، والمستقيمة، وهي الصفات المطلوبة لهذه الغاية.

تردّدوا قليلاً في اتّخاذ القرار الصعب. ما الحلّ الآن؟ وغلبهم الجوع والشهوة للطعام وهم يرون أمامهم اللحوم الطازجة المغرية، ثمّ أجمعوا أمرهم وقالوا: ولمَ لا؟ إنّنا على أيّة حال لن نأكل الأغصان، بل سنشكّ بها قطع اللحم لنشويها على النار لا أكثر. وهكذا كان.

بعد بضع ساعات، كانت سيّارات الشرطة تحيط بالمكان من كلّ جهة، وأمامهم ستّ جثثٍ بشريّةٍ متناثرةٍ على الأرض.

أعادتني هذه الحادثة المؤلمة، إلى قصة توأم (Wayne Dyer)، وإلى حوارهما الذي يمثّل في الواقع جانباً من حياتنا اليوميّة نعيشه باستمرار ونحن نحاول أن نجد لموقعنا المتأرجح في فضاء هذه الحياة مكاناً بين السماء والأرض، وأن نصل إلى قناعةٍ حول حقيقة دور السماء في تنظيم حياتنا، ومدى تطبيقنا العمليّ لهذه القناعة، إن كنّا مقتنعين حقّاً بهذا الدور، ممّا تمثّله قصة العائلة الإيطاليّة، ثمّ تلخّصه العبارتان الأخيرتان اللتان اختتمنا بها تساؤلاتنا قبل ذلك بقليل:

ما الذي سيصيبنا لو فعلنا ذلك؟ لا شيء طبعاً.. لا شيء.

ينتظرنا جنّةٌ أو نار؟ لا بدّ أنّك تمزح..

*            *             *

إنّه لأمرٌ مصيريٌّ لكلّ من يظنّ أنّه يؤمن بوجود خالقٍ لهذا الكون، ويؤمن بوجود يومٍ للحساب في الآخرة نحاسَب فيه على أعمالنا، فنكافأ أو نعاقَب، ألّا يتجاهل ركناً أساسيّاً تقوم عليه كلّ شريعةٍ سماويّةٍ، اسمه: الحلال والحرام.

كم منّا من يجد نفسه، في كثيرٍ من الإشكالات التي تواجهه، يقف أمام إغراءات الدنيا وشهواتها وقفة أفراد تلك العائلة أمام إغراءات الطعام من جهة، وأمام نداء الجوع من جهةٍ أخرى، ثمّ ما يلبث أن يستسلم لتلك النداءات، رغم علمه، أو شكّه على الأقلّ، بما يحفّ بهذا الاستسلام من مخاطر قاتلة.

لو قلت لطفلك الذي يشكو ألماً في معدته: لا تأكل المثلّجات! فهل أنت مضطرٌ إلى أن تقدّم له تفسيراً علميّاً مقنعاً لو سألك: لماذا تضرّه المثلّجات؟ حتّى لو حاولت أن تفعل، فهل سيكون قادراً على فهمك في النهاية؟

وبغضّ النظر عن اختلاف البيئات، الزمانيّة والمكانيّة، وتأثير ذلك الاختلاف، المحدود طبعاً، على معدة كلٍّ منّا، وطبيعة استجابتها لهذا الطعام أو لذاك، هل كانت معدة الطفل قبل ألف عام، وهل ستبقى بعد ألف عام، كما هي عليه اليوم، يضرّها آنذاك ما يضرّها اليوم، وينفعها ما ينفعها؟ أم إنّ هناك معدةً مختلفةً لكل عصر، ولكلّ إنسان؟

أيمكن أن ينقلب ما حرّمه الله تعالى في الماضي على الإنسان، من طعامٍ أو شرابٍ أو لباسٍ أو عمل، فيصبح حلالاً لنا اليوم؟ وماذا تغيّر من بنائنا الجسديّ عمّا كان عليه عند أجدادنا لينقلب ما كان حراماً عليهم فيصبح حلالاً لنا؟

لو تمعّنّا في معنى الحلال ومعنى الحرام، وأدخلنا هذين المصطلحين السماويين إلى مخابرنا العلميّة الدنيويّة؛ لوجدنا أنّ كلّ حلالٍ نافعٌ، بشكلٍ من الأشكال، وكلّ حرامٍ ضارٌّ، بشكلٍ من الأشكال.

هذا يعني أنّنا نستطيع أن نخزّن في برنامجنا التطبيقيّ الوجدانيّ مصطلَحَين دنيويّين مقابِلَين للمصطَلَحين السماويين (حلال وحرام)، مصطلَحَين واضحين مباشَرَين، وغير قابلين للمراوغة والتأويل والاجتهاد: نافعٌ، وضارّ.

إنّ الله لم يحلّل لنا إلّا ما هو نافعٌ، ولم يحرّم علينا إلّا ما هو ضارّ، هل نشكّ في ذلك؟

قبل أن أتزوّج؛ كنت كثيراً ما أسمع وأرى وأقرأ عن أولئك الآلاف الذين يصابون بسرطان الرئة، أو يموتون كلّ يومٍ بسبب تعاطيهم للدخان، وكانت العادة في بلدي، وفي بيت أسرتي، تتطلّب أن يقدِّم صاحب البيت لضيوفه فيما يقدّمه من ضيافات: الدخان!

كنت أعجب وأتساءل كلّما استضافني أحدهم وأراد أن "يكرمني" فقدّم لي الدخان، بأنواعه المحلّية أو الأمريكيّة المستوردة، وبأشكالها الأنيقة، وبعُلَبِها المغرية، وأقول في نفسي: متى كان المُضيف في تاريخ الحضارات كلّها، يقدّم لضيفه السموم القاتلة، وهو يعلم، وضيفه يعلم، أنّها سموم؟! أوَلم يُثبت لنا العلم، والأطبّاء، والمستشفيات، والمرضى، والمقابر، أنّ الدخان ليس أكثر من سمٍّ بطيء؟ وما الفرق بين سمٍّ يقتل الآن، وسمٍّ يقتل غداً؟

منذ ذلك الوقت؛ عاهدت الله على أنّني حين أتزوّج، ويكون لي بيتي الخاصّ وأسرتي وغرفة ضيافتي، لن أسمح لنفسي بأن أقدّم هذا السمّ لأحدٍ من ضيوفي. إنّها جريمة قتلٍ حقيقيّة! بل هي، فوق ذلك، جريمة غشٍّ وخيانةٍ وغدرٍ بالضيوف والأصدقاء والأقرباء الذين أمّنوني على أرواحهم، ووثِقوا بعلمي، وبثقافتي، وبحسن ضيافتي، وبخوفي من الله أوّلاً وأخيراً!

تُرى أيّ الرجال الأربعة أكثر جنوناً، وأعظم جُرماً، وأكثر استحقاقاً للتحقير والعقاب: رجلٌ أحرق مالَه؟ أم رجلٌ أحرق نفسَه؟ أم رجلٌ أحرق نفسَه بمالِه؟ أم رجلٌ أحرق نفسَه وضيوفَه وأقرباءَه وأحبابَه بماله؟

أليس هذا الأخير هو نفسه الذي يشتري الدخان بماله، فيحرق ماله، ويحرق به نفسه، ويحرق ضيوفه وأصحابه وأحبابه؟

تجد أحدهم يحاول أن يدفع عن نفسه التهمة فيقول: ولكنّ الله لم يُحرّم علينا الدخان، فلماذا تريد أن تحرّمه أنت؟

تُرى لو كان للخالق عزّ وجلّ أن يُعدّد لنا كلّ أنواع السموم والموادّ القاتلة التي خلقها ويأمرنا باجتنابها، فضلاً عن السموم والموادّ التي ابتكرها الإنسان لنفسه، فكم نحتاج لإحصائها؟ وهل ذكر الله ورسلُه بين المحرّمات: شجرة الدِّفْلى، وأنواع المخدّرات، وأنواع الكحول، وأنواع الموادّ والسموم الكيميائيّة الخطيرة التي ابتكرناها ممّا لا يُعدّ ولا يُحصى؟ وهل ذكر القنبلة النوويّة، والقنبلة الهيدروجينية، والقنبلة الفوسفوريّة، والنابالم، والغازات السامّة، والقنابل الجرثوميّة، وغيرها من الأسلحة الفتّاكة التي تقتل الناس بالجملة، فلا تفرّق بين مجرمٍ وبريء؟

لَمْ يعدّد لنا الخالق كلّ هذه الموادّ المحرّمة، والقاتلة، ولكنّه منحنا العقل لنفكّر ونقرّر، ونحمي أنفسنا ونحمي الآخرين: ما النافع، وما الضارّ؟ وبلغة السماء: ما الحلال، وما الحرام؟ وأوجز لنا النبيُّ (ص) الأمر كلّه في أربعِ كلمات:

-         عن عبدِ الله بنِ عبّاسٍ قال: قالَ رسولُ الله (ص): "لا ضَرَرَ ولا ضِرارَ أي حُرِّمَ على الإنسانِ أنْ يَضُرَّ نفسه، أو أنْ يَضُرَّ غيرَه -". [رواه مالك في الموطّأ، وقوّاه الألباني]

لقد حدث أن حرّم الله على بعض الأمم بعض الطيّبات الحلال/النافعة؛ عقاباً لهم على خروجهم عمّا أمرهم به، كما فعل مرّةً ببني إسرائيل فيما توضّحه لنا الآيات:

-       فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللَّـهِ كَثِيرًا ﴿النساء: ١٦٠﴾

-       وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إلّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَٰلِكَ جَزَيْنَاهُم بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ ﴿الأنعام: ١٤٦﴾

وفيما عدا تلك المحرّمات "الظرفيّة" المؤقّتة؛ نجد أنّ الكتب السماويّة الثلاثة أجمعت على تحريم الأشياء نفسها، تقريباً، مِن مَطاعم، ومشارب، وأعمالٍ مختلفةٍ ضارّةٍ بالإنسان. وبإمكاننا التعرّف على هذا "الاتّفاق السماويّ" الكامل على "الضارّ والنافع"، حتّى إن اختلف قليلاً شكل العقوبات أحياناً، لو ألقينا نظرةً سريعةً على النصوص المأخوذة من الكتب الثلاثة:

 

من العهد القديم:

 

-       وكلَّ دَمٍ لا تَأكُلُوا في جَمِيعِ مَساكِنِكُم مِنَ الطَّيرِ وَمِنَ البَهائِم [سفر اللاويين: 7: 26]

-       7 والخِنْزيرُ لأنّهُ يَشُقُّ ظِلْفاً ويَقْسِمُه ظِلْفَيْنِ لَكِنَّهُ لا يَجْتَرّ. فَهُوَ نَجِسٌ لَكُم 8مِنْ لَحْمِها لا تَأكُلُوا وجُثّتَها لا تَلمَسُوا [لاويين: 11: 7-8]

-       مِنْ كُلِّ مَا يَخْرُجُ مِنْ جَفْنَةِ الْخَمْرِ لا تَأْكُلْ، وَخَمْرًا وَمُسْكِرًا لا تَشْرَبْ [قضاة: 13: 14]

-       20 لا تكنْ بين شِرّيبي الخمر، بين المُتْلِفين أجسادَهم، 21 لأنّ السكّير والمُسرِفَ يفتقران [أمثال: 23: 20-21]

-       وَإِذَا تَدَنَّسَتِ ابْنَةُ كَاهِنٍ بِالزِّنَى فَقَدْ دَنَّسَتْ أَبَاهَا.  بِالنَّارِ تُحْرَقُ [لاوييّن: 21: 9]

-       1 لا يدخلْ مَخْصيٌّ بالرضّ، أو مجبوبٌ، في جماعة الربّ. 2 لا يدخلُ ابنُ زنىً في جماعة الربّ. حتى الجيلِ العاشرِ لا يدخلُ منه أحدٌ في جماعة الربّ [تثنية: 23: 1-2]

-       23 وَإِذْ أَشْرَقَتِ الشَّمْسُ عَلَى الأَرْضِ دَخَلَ لُوطٌ إِلَى صُوغَرَ، 24 فَأَمْطَرَ الرَّبُّ عَلَى سَدُومَ وَعَمُورَةَ كِبْرِيتًا وَنَارًا مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ مِنَ السَّمَاءِ. 25 وَقَلَبَ تِلْكَ الْمُدُنَ، وَكُلَّ الدَّائِرَةِ، وَجَمِيعَ سُكَّانِ الْمُدُنِ، وَنَبَاتَ الأَرْضِ. 26 وَنَظَرَتِ امْرَأَتُهُ مِنْ وَرَائِهِ فَصَارَتْ عَمُودَ مِلْحٍ. [سفر التكوين: 19: 23-26]

 

من العهد الجديد:

 

-       أنْ تَمْتَنِعُوا عَمّا ذُبِحَ لِلأصْنامِ وعَنِ الدَّمِ والمَخْنُوقِ والزنى التي إنْ حَفِظْتُمْ أنْفُسَكُمْ مِنْها فَنِعِمّا تَفْعَلُون [أعمال الرسل: 15: 29]

-       وَلا تَسْكَرُوا بِالْخَمْرِ الَّذِي فِيهِ الْخَلاَعَةُ، بَلِ امْتَلِئُوا بِالرُّوحِ [أَفَسُس: 5: 18]

-       9 أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الظَّالِمِينَ لا يَرِثُونَ مَلَكُوتَ اللهِ؟ لا تَضِلُّوا: لا زُنَاةٌ وَلا عَبَدَةُ أَوْثَانٍ وَلا فَاسِقُونَ وَلا مَأْبُونُونَ شاذّون وَلا مُضَاجِعُو ذُكُورٍ، 10وَلا سَارِقُونَ وَلا طَمَّاعُونَ وَلا سِكِّيرُونَ وَلا شَتَّامُونَ وَلا خَاطِفُونَ يَرِثُونَ مَلَكُوتَ اللهِ [كورنثوس 1: 6: 9-10]

-       9 لأنّنا نعرفُ أنّ الشريعةَ أي فَرْضَ قوانينِها وعقوباتِها ما هي للأبرار، بل للعصاةِ والمتمرّدين، للفجّارِ والخاطئين، للمدنِّسين والمستبيحين، لقاتلِي آبائهم وأمّهاتِهم، لسفّاكي الدماء، 10 للزناةِ والمُبْتَلِين بالشّذوذِ الجِنسيّ، لتُجّارِ الرقيقِ والكذّابين والذين يَحلِفون باطلاً، ولكلِّ مَنْ يُخالفُ التعليمَ الصحيح [تيموثاوس 1: 1: 9-10]

 

8 وَأَمَّا الْخَائِفُونَ وَغَيْرُ الْمُؤْمِنِينَ وَالرَّجِسُونَ وَالْقَاتِلُونَ وَالزُّنَاةُ وَالسَّحَرَةُ وَعَبَدَةُ الأَوْثَانِ وَجَمِيعُ الْكَذَبَةِ، فَنَصِيبُهُمْ فِي الْبُحَيْرَةِ الْمُتَّقِدَةِ بِنَارٍ وَكِبْرِيتٍ، الَّذِي هُوَ الْمَوْتُ الثَّانِي [رؤيا يوحنّا: 21: 8]

-       19 وأمّا أعمالُ الجسدِ فهي ظاهرة: 20 الزنى والدعارةُ والفجورُ وعبادةُ الأوثانِ والسِّحرُ والعداوة والشِّقاقُ والغَيرةُ والغضبُ والدسُّ والخصامُ والتحزّبُ 21 والحَسَدُ والسُّكْرُ والعربدةُ وما أشْبَه. وأنبّهُكم الآن، كما نبّهتُكم من قبل، أنّ الذين يعملون هذه الأعمالَ لا يرِثون ملَكوتَ الله [غلاطية: 5: 19-21]

 

من القرآن الكريم:

-       حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّـهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ.. [المائدة: 3]

-       90 يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. 91 إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ ۖ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ [المائدة: 90-91]

-       وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ۚ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا [الفرقان: 68]

-       29 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إلّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ۚ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا [النساء: 29]

-       80 وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ 81 إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاءِ ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ 82 وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إلّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ 83 فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إلّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ 84 وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا ۖ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ [الأعراف: 80-84]

-       33 قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ [الأعراف: 33]

ولكنّ الإنسان، الضعيف في تكوينه، يبحث دائماً في داخله عن مخارج شيطانيّةٍ تُحِلّ له ما حَرَّم عليه ربّه، وتوجِد له الأعذار لذلك، هذا لو كان يهمّه على الإطلاق إيجاد مثل هذه الأعذار، لإخلاء ساحته من عقوبات خالقه، وهو ما حذّر منه النبيّ (ص) حين توقّع لأصحابه أنّ الزمن سيأتي حين يحلّل الناس الخمرة، فيسمّونها بغير اسمها:

- عن عبدِ الرحمنِ بنِ غَنّامٍ أنّ أبا مالكِ الأشعريَّ سَمِعَ رسولَ اللهِ (ص) يقول: "يَشرَبُ ناسٌ مِنْ أمّتي الخَمرَ، يُسمُّونها بغيرِ اسمِها". [رواه المنذري في الترغيب والترهيب، وصحّحه الألباني]

وها نحن اليوم نرى الناس مِن حولنا يسمّون كلّ حرامٍ باسمٍ يزيّنه لمرتكبيه، ويداري حقيقته لهم، فتنقلب المحرّمات بأسمائها الجديدة إلى مزايا وخصال، ليصبح الربا مجرّد (فائدة)، والخمرة بأنواعها ليست أكثر من (مشروبات روحيّة)، والمخدّرات، بأصنافها العديدة القاتلة، ليست أكثر من حبوب طبّية drugs، والزنى والفواحش مجرّد (علاقات رضائيّة) أو (مثليّة) بين شخصين لا شأن للناس، أو للدولة، أو لله، بهما أو بممارستهما..

 



[1] حوارٌ بين توأمين في الرحم تخيّله الفيلسوف الأمريكي Dr Wayne Dyer (- 2015) وقمت بترجمته مع بعض التصرّف.


جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين