الجوائح في الإسلام (13) طاعون عمواس

(ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون) صدق الله العظيم.

طاعون عمواس

نزل بالمسلمين سنة (18هـ/640م) طاعون وهم في أرض الشام سموه (طاعون عمواس). وعندما بلغ خبره (عمر بن الخطاب) كتب إلى أبي عبيدة ليستخرجه منه: (أن سلام عليك، أما بعد فقد عرضت لي إليك حاجة أريد أن أشافهك فيها فعزمت عليك إذا أنت نظرت في كتابي هذا ألا تضعه من يدك حتى تقبل إلي). فعرف أبو عبيدة ما أراد، فكتب إليه: يا أمير المؤمنين قد عرفت حاجتك إلي وإني في جند من المسلمين لا أجد بنفسي رغبة عنهم فلست أريد فراقهم حتى يقضي الله في وفيهم أمره وقضاءه فحللني من عزيمتك.

إنه موقف الأمير الصادق الأمين الذي لا يؤثر نفسه على جنده ورجاله فهو ليس بخير منهم.

فلما قرأ عمر الكتاب بكى، فقال الناس: يا أمير المؤمنين أمات أبو عبيدة؟ فقال: لا وكأن قد. ثم كتب إلى أبي عبيدة قائلا: ليرفعن بالمسلمين من تلك الأرض.

فسار أبو عبيدة - امتثالاً لأمر الخليفة عمر - بالناس حتى نزل (الجابية) ، ثم قام بهم خطيباً فقال: أيها الناس إن هذا الوجع رحمة ربكم، ودعوة نبيكم، وموت الصالحين قبلكم، وأن أبا عبيدة سأل الله أن يقسم له منه حظه. ثم طعن قبل أن يتم كلامه ومات.

واستخلف الناس معاذ بن جبل، فقام خطيباً بعده فقال: أيها الناس إن هذا الوجع رحمة ربكم، ودعوة نبيكم، وموت الصالحين قبلكم وإن معاذاً يسأل الله أن يقسم لآل معاذ حظهم. فطعن ابنه عبد الرحمن فمات، ثم قام فدعا به لنفسه فطعن في راحته ومات. فلما مات معاذ استخلف على الناس عمرو بن العاص، فقام خطيباً في الناس فقال: أيها الناس إن هذا الوجع إذا وقع فإنما يشتعل اشتعال النار فتجبلوا منه في الجبال. وخرج الناس إلى الجبال، ورفعه الله عنهم فلم يكره عمر ذلك.

الطاعون: مرض يصيب الحيوانات القارضة كالجرذان وتنتقل عدواه بواسطة لدغ البراغيث التي تعيش متطفلة على هذه الحيوانات. وعمواس كورة من فلسطين بالقرب من بيت المقدس.

الجباية: قرية من أعمال دمشق من ناحية الجولان قرب مرج الصفر في شمالي حوران.

جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((فناء أمتك بالطعن أو الطاعون، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فبالطاعون)).

طاعون البصرة

حل هذا الطاعون في البصرة سنة (64هـ/683م)، وكان طاعوناً جارفاً أهلك الآلاف من الناس في البصرة وفيمن حولها.

طاعون العراق وبلاد الشام

عمَّ الطاعون العراق وبلاد الشام فجرف الآلاف من الناس، وذلك في سنة (65هـ/684م). وممن توفي في هذا الطاعون أم عبيد الله بن عمر، الذي كان والياً على البصرة.

وباء مصر والشام

انتشر وباء قاتل ومميت في مصر وبلاد الشام سنة (66هـ/685م)، أدى إلى موت الآلاف من الناس.

طاعون الشام

أصاب بلاد الشام سنة (79هـ/698م) طاعون شديد، وكانت الناس تتساقط في الأسواق والأحياء، حتى كاد الفناء يأتي على مجمل الناس، وتوقف الغزو في تلك السنة لكثرة تفشي الموت في ثغور بلاد الشام.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين