( الجبهة الإسلامية ) العنوان الذي انتظرناه طويلاً من القوى الإسلامية

كان المجتمع المدني في سورية مع انطلاقة الثورة المباركة  ملحة إلى إعادة تنظيم صفوفه . ليس على مستويات حزبية شعاراتية أو برامجية ضيقة ؛ وإنما على مستوى تيارات كبرى يمكن أن تنتظم كل توجهات الشعب السوري الوطنية .

 يحاول البعض وهو ( يُسرُّ حَسواً في ارتغاء ) أن يجعل  عنوان ( الوطنية ) خاصا بالقوى العلمانية أو القومية فيطرحه قسيما موازيا للقوى الإسلامية . فيقول مثلا المعارضة الوطنية والإسلامية ، مما يوحي بانحسار المظلة الوطنية عن القوى الإسلامية . وهي حالة سواء تمت بحسن نية أو بغيرها مما ينبغي أن يتنبه له مسلمو الاختيار ويرفضوه .

نعتقد أن من حق أصحاب كل توجه فكري أو سياسي أن يعبروا عن أنفسهم بالطريقة التي ترضيهم . على أن تكون صيغة التعبير واضحة ودالة وصادقة . على القوى والشخصيات الإسلامية مثلا أن توضح أنها في اختيارها للمظلة الإسلامية لا تحسر اسم الإسلام ولا وصفه عن الآخرين . وأن إعلان إسلامية مظلتها لا يتنافى مع مدنيته ووطنيته في الوقت معا . ويمكن للقوى والشخصيات العلمانية أن يختاروا لأنفسهم العنوان الذي يريدون مع احتفاظهم بتباينات مدارسهم من ليبراليين ويساريين وقوميين ...

ونزعم أنه سبق السوريون إلى تنظيم صفوفهم ضمن أربعة أو خمسة تيارات كبرى لكان تشاورهم أيسر وتقاربهم وتوحدهم أسهل ، وتمثيلهم أقرب ..

لقد عجز السوريون لأسباب غير مفهومة– غير عجز القيادات - عن المبادرة إلى هذه الخطوة الأولية والأساسية ، وما زالوا ، على ضرورتها ، متشاغلين عنها . يزعمون أنهم يريدون أن يتوحدوا على مستوى الكل فيفوتهم الكل . وإذا فات هذا الأمر على مدى ثلاث سنوات أهل الدنيا فمن العجب الأعجب أن يفوت أقواما يزعمون أنهم ممن (( لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا )) ويجمعهم بميثاق غليظ لا يد لهم في الانفكاك عنه : واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ..

إن عنوان ( الجبهة الإسلامية ) الذي سبقت إليه بالأمس سبع تشكيلات عسكرية ، وقالت إن له ظلالا ميدانية وظلالا سياسية أيضا ؛ هو عنوان له تاريخ من خمسينات الحياة السياسية السورية منذ أيام المرحوم المؤسس لجماعة الإخوان المسلمين مصطفى السباعي . كما كانت له سابقته من ثمانينات القرن الماضي يوم  كان القادة قادرين على الجمع والتوحيد والانجاز ..!!!

إن ترحيبنا اليوم بالمبادرة إلى إنجاز الإعلان عن ( الجبهة الإسلامية )  سيظل مرتبطا باعتبار أن ما تم الإعلان عنه هو خطوة على طريق المشروع الوطني ، خطوة  تهدف إلى الجمع لا إلى التفريق . نعم سنرحب بها على أنها الخطوة التي يجب أن يكون لها ما بعدها في الاستيعاب والتوحيد والتعاون والتنسيق ..

ننتظر من ( الجبهة الإسلامية )  أن تكون المظلة الجامعة والعنوان القابل لاستيعاب كل الرؤى والتطلعات للذين يستجيبون لصوت المؤذن ينادي حي على الصلاة .. حي على الفلاح ...

وننتظر من القوى السياسية الإسلامية بأحزابها وجماعاتها وعلمائها وشخصياتها أن تبادر هي الأخرى لتكون ( الجبهة الإسلامية ) الجامعة عتبتها إلى مشروعها الوطني . والمنصة الوطنية التي تمد عليها يدا موحدة للآخرين للعلمانيين أو لليبراليين أو لليساريين ..

إن أروع وأجمل ما تابعناه في الإعلان عن الجبهة الإسلامية التي ندعو الله أن يوفق القائمين عليها للوفاء بالتزاماتهم أن تضم الجبهة في صفوفها الفصيل الكردي الإسلامي لتترجم عمليا وحدة إسلامية طالما حلم بها المسلمون .

وحين ندعو اليوم إلى ضرورة أن يبادر أصحاب كل تيار إلى تنظيم صفوفهم ، والتعبير عن أنفسهم فنحن لا ندعو إلى تفريق بقدر ما ندعو إلى جمع وتوحيد . إن معضلة المعارضة السورية حتى اليوم أنها معارضة ( أفراد ) ، يصعب جمعهم وتوحيدهم وتمثيلهم ؛ ولكن حين يكون لدينا خمس تيارات وطنية كبرى سيسهل علينا بلا شك تمثيلها بخمسة أشخاص ..

إنه لا يجوز تحت أي ظرف أن ينظر إلى الإسلام في حياة المسلمين على أنه عنوان بعثرة و تفريق . الإسلام الدين الجامع هو في الوقت نفسه منهج حياة له استحقاقاته الفكرية و السياسية والاجتماعية والاقتصادية ولا يجوز تحت دعوى العموم أن يتم نفي الخصوص ..

ولكل قوم هاد ..

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين