الثورة السورية... إلى أين؟!

أبو البراء

كما هو حال السواد الأعظم من السوريين، لم أكن أتوقع يوما ما أن تقوم الثورة السورية ضد حكم نظام الأسد وتصل إلى ما وصلت إليه في هذه الأيام. فبعد أن كان النظام الأسدي محكما قبضته على كرسي الحكم وضاربا شعبه بيد من حديد، هاهي جموع المتظاهرين تجتث كل ما زرعه الأسد الأب ومن بعده الابن من جذور الخوف والاستعباد بل وتغرس روح القوة والتفاؤل في نفوس المواطنين. هاهم المتظاهرون يسطرون أروع الأمثلة في الشجاعة والاستبسال في مواجهة الدبابات وهم عزل من السلاح. وهاهم الشباب ينزلون إلى الساحات وأرواحهم على أكفهم يتحدون الرصاص ويواجهون الموت ويقهرون النظام وشبيحته. وهاهي الحرائر وأمهات الشهداء يزغردن لاستشهاد أبنائهن ليساهمنفي كتابة تاريخ الثورة بالدموع والدم.وهاهو الشهيد الصيدلاني جمال الفتوى الذي فسخ عقد زواجه مع خطيبته وأخبرها أنه "مشروع شهيد". وهاهي أمه تخرج مع جنازة ابنها وتدعو له بكل قوة وثبات لتذكرنا بالخنساء التي خلدت اسمها في التاريخ بموقف مماثل. "ارفع رأسك أبو الشهيد" صرخة مدوية لمجموعة من الشاباتفي تشييع جثمان الطفل الشهيد إبراهيم شيبان انطلقتلتسكب الزيت على نار الثورة وتزيدها اشتعالا. كل هذه الظواهر وغيرها تزيدنا إيمانا بأن الثورة السورية لا يمكن أن تتراجع؛ بل سوف تمضي حتى تحقق أهدافها وأول ذلك إسقاط النظام.
 
ولكن السؤال الذي يبرز هنا: متى ستحقق الثورة هذا الهدف؟
إن الناظر في أحداث الثورة السورية يرى أنها تتقدم بخطى خجولة ولكن بتسارع متصاعد وخصوصا في مجالين مهمين هما:
1-      اتساع رقعة المظاهرات لتشمل جميع مناطق ومحافظات سورية بما فيها القرى الصغيرة بعد أن كانت تقتصر على مدن درعا وحمص وحماة في بداية الثورة. أما الآن فهي وبدون مبالغة تبلغ جميع مدن ومحافظات سورية بما فيها القرى والأرياف التي قد يقل تعدادها عن 5000 نسمة!! ومما ساعد على ذلك كثيرا القدرة على تجبير يد الإعلام التي كسرها النظام السوري منذ بداية الأحداث والتغلب على مشكلة بث الصور والفيديوهات عبر الأقنية الإعلامية المختلفة. كان ذلك عاملا مساعدا على جلب التعاطف العربي بل حتى العالمي. ولو نظرنا نظرة مقارنة بين الثورة السورية الحالية وبين أحداث القمع التي حصلت مطلع الثمانينيات الميلادية ، وخصوصا مجزرة حماة في عام 1982 ، لوجدنا أن الإعلام يشكل علامة فارقة بين هذين الحدثين.
2-      انتشار حمى الانشقاقات في صفوف الجيش والأمن وذلك بالرغم من حوادث التصفية التي حصلت للعديد من عناصر وضباط الجيش الذين حاولوا الانشقاق بسبب ما رأوا من قتل للمدنيين العزل. ومما سيساعد على تصاعد وتيرة الانشقاق في صفوف الجيش إنشاء منطقة عازلة توفر الحماية للمنشقين والمنضمين إلى الجيش الحر.
 
إننا نرى أن الثورة السورية وبالرغم من بعض الخطوات السلبية للمعارضة السياسية والجامعة العربية التي تسببت في بطئ دوران عجلة الثورة، فإن المحصلة تشير إلى أنها تسير بحمد الله وتتقدم إيجابيا لصالح الثوار.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين