التنوير في عزّ الظهيرة

 

يطلع علينا هذه الأيام زمرة من دعاة التنوير بدعاوى أقل ما يقال فيها إنها تسبق " داعش وأخواتها" في التطرف، والافتئات على الإسلام وعلى كتاب الله وسنة رسوله، فتارة يخرجون علينا بدعوى "تجديد الخطاب الديني" وتارة بدعوى تدشين "عصر أنوار" جديد يخرجها من حالة الظلام والتخلف الذي تعيش فيه !!

 وقد وفرت وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية التجارية لهؤلاء المتنورين فرصاً كبيرة للانتشار حتى بات بعضهم أكثر شهرة وانتشاراً من نجوم ونجمات السينما والتلفزيون !!

والعجيب أن مقولات هؤلاء غ تتشابه إلى حد التطابق، وكأنهم  يعملون جميعاً في جوقة موسيقية يديرها نفس "المايسترو"، فالمتتبع لنشاط هؤلاء واحتفاء القنوات الفضائية لهم  وتلميع صورهم يؤكد  بما لا يدع مكاناً للشك أن وراءهم مؤسسة عالمية كبرى لا تزودهم بالأفكار فحسب وإنما تزودهم كذلك بالتمويل وتغدق عليهم العطايا ، وتخلع عليهم الجوائز الرنانة التي تظهرهم أمام العامة والجهلة بمظهر العلماء الكبار، والمبدعين الأفذاذ!

ولسنا هنا بصدد تفنيد مقولات هؤلاء الأدعياء، وإنما يكفينا عرض نماذج من مواقفهم ومقولاتهم لفضح المستوى المزري الذين وصل بمعظمهم حداً لا يكاد يصدق !  وإليكم نماذج من بعض هؤلاء :

@  فهذا متنور احتج بآية في سياق دعوته إلى تجديد الخطاب الديني، وعندما سأله المُحاور عن موقع الآية من كتاب الله، أجاب هذا المتنور الألمعي إنها وردت في  سورة الرمز، وراجعه المحاور في اسم السورة فكرر الألمعي مراراً أنها سورة الرمز( هكذا !!؟ ) بدل الاسم الصحيح للسورة ( الزمر) فانظر درجة الجرأة والوقاحة تجاه كتاب الله من هذا المتنور الذي يجهل حتى اسم السورة ومع هذا يزعم أنه يريد تجديد الخطاب الديني ويزعم رغبته بنقل المسلمين إلى "عصر التنوير" !!!!

@ ومتنور آخر يبدو أنه أكثر تنويراً من سابقه،  ينصب نفسه في إحدى القنوات فقيهاً، ويفتي أن اشتغال المرآة في "البغاء" حلال لا شك فيه، وعندما سأله المحاور عن دليله في هذه الفتوى، أجاب المتنور بكل ثقة وكأنه حاز علم الأولين والآخرين، أن الدليل قوله تعالى : (ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصناً) سورة النور ??، ولكم أن تتخيلوا الضحكة الساخرة التي أطلقها المحاور بعرض الشاشة، لاسيما وهو يرى تلعثم المتنور بقراءة الآية، فانظر أي تنوير يريد هؤلاء المتنورون أن يأخذوا الأمة إليه !!!

@ ومتنور ثالث، بعد أن عرض حلقات مطولة أيّد فيها النظرية المتهافتة في " التطور والارتقاء" المنسوبة الى اليهودي "داروين" لم يكتف المتنور بكل ما طرحه من أفكار لنصرة النظرية، بل زعم بكل جرأة ووقاحة أن في خلق الله للإنسان عيوب ( هكذا!) وأن وجود هذه العيوب تؤكد صحة القول بالتطور، فوجود هذه العيوب في الإنسان دليل على أن عوامل التطور مازالت تفعل فعلها لكي تصحح في المستقبل هذه العيوب (!!!؟)

@ ومتنور رابع،  لا يعتبر نفسه الرابع، بل الأول في جوقة التنوير هذه، فهو يتبجح في كل مناسبة أنه جاء بما لم يأت به الأوائل، وما لن يستطعه الأواخر، وبالفعل طرح مقولات لم نسمع بمثلها من قبل، ولن نسمع بمثلها بعد، ومن ذلك مثلاً قول هذا المتنور : إن "الخمرة" ليست حراماً على الإطلاق، وإنما الحرام هو السُّكر ، فلا مانع بزعمه شرب شيء من الخمرة بالقدر الذي لا يوصل الشارب إلى حالة السكر، ويذهب إلى مثل هذا الرأي في مسألة "الزنا" فهو يرى أن ممارسة الجنس مع امرأة أجنبية ليس زنا إذا حصل برضا الطرفين، وفي السر، وإنما الزنا في زعمه، فقط ممارسة الجنس على مرأى من الناس، أو مع امرأة متزوجة، أما ما عدا هذا فليس زنا !!

وهكذا يبدو واضحاً أن دعاة التنوير سوف تتحول البلاد الى ماخور !!؟

وبعد : أعتقد أن هذه النماذج التي عرضناها تكفي لبيان الطريق الذي يريد دعاة التنوير أن يأخذوا الأمة إليه، وهو طريق سيجعلها حتماً ترى النجوم في عز الظهيرة ... فتأمل!!

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين