الترغيب في سؤال الله تعالى الشهادة والحرص عليها

الشيخ: مجد مكي

قال تعالى:[اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ] {الفاتحة:7} .
افترض الله على عباده أن يسألوه في كل صلاة الهداية إلى صراط الذين أنعم عليهم وهم المذكورون في قوله تعالى: [فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا] {النساء:69} .
ـ روى مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن سهل بن حنيف رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من سأل الله تعالى الشهادة بصدق بلَّغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه).
ـ روى أبو يعلى 2/56(697) وابن حبان عن سعد بن أبي وقاص أن رجلاً جاء إلى الصلاة والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي، فقال حين انتهى إلى الصف: اللهم آتني أفضل ما تؤتي عبادك الصالحين فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة، قال: من المتكلِّم آنفاً ؟ قال الرجل: أنا يا رسول الله، قال: إذاً يُعقر جوادك، وتستشهد في سبيل الله).
ـ وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تضمَّن الله لمن خرج في سبيله، لا يخرجه إلا جهاد في سبيلي وإيمان بي وتصديق برسلي، فهو عليَّ ضامن أن أدخله الجنة أو أرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه نائلاً  ما نال من أجر أو غنيمة، والذي نفس محمد بيده ما كلم ـ جرح ـ يكلم في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة كهيئته يوم كلم، لونه لون دم، وريحه ريح مسك، والذي نفس محمد بيده لولا أن أشقَّ على المسلمين ما قعدت خلاف سرية تغزو في سبيل الله. ولكن لا أجد سعة فأحملهم ولا يجدون سعة ويشق عليهم أن يتخلفوا عني،والذي نفس محمد بيده لوددت أني أغزو في سبيل الله فأقتل، ثم أغزو فأقتل، ثم أغزو فأقتل)
ـ وعن سعيد بن المسيب رضي الله عنه قال: قال عبد الله بن جحش رضي الله عنه يوم أحد: (اللهم أقسم عليك أن تلقى العدو، و إذا التقينا العدو أن يقتلوني، ثم يبقروا بطني، ثم يمثلوا بي، فإذا لقيتك سألتني فيم هذا؟ فأقول: فيك، فلقي العدو ففعل وفعل ذلك به ) رواه ابن المبارك وابن أبي شيبة.
ـ وروى ابن إسحق أن جيش مؤتة لما حضر خروجهم ودع الناس أمراءهم وسلَّموا عليهم، فلما ودع عبد الله بن رواحة رضي الله عنه من و دع بكى، فقالوا: ما يبكيك يا ابن رواحة؟ فقال: أما والله ما بي حب الدنيا ولا صبابة ـ حرارة الشوق ـ فيكم، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ آية من كتاب الله يذكر فيها النار، [وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا] {مريم:71}.فلست أدري كيف لي بالصدور بعد الورود، فقال المسلمون: صبحكم الله ودفع عنكم، وردكم إلينا صالحين، فقال عبد الله بن رواحة:
لكنني أسأل الرحمن مغفرة=وضربة ذات فرغ تقذف الزبدا
أو طعنة بيدي حَرَّان مجهزة=بحربة تنفذ الأحشاء والكبدا
حتى يقال إذا مروا على جدث =أرشده الله من غاز وقد رشدا
قوله: ذات فرغ بفتح الفاء وسكون الراء: طعنة واسعة يسيل دمها.
فلما لقوا جموع الروم وغيرهم، استشهد ابن رواحة، وأعطاه الله مناه، وأناله من الشهادة ما تمناه.
ـ وروى مالك عن زيد بن أسلم أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يقول: اللهم إني أسألك شهادة في سبيلك ووفاة ببلد رسولك صلى الله عليه وسلم.
ـ وروى مسلم عن أنس رضي الله عنه قال: انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حتى سبقوا المشركين إلى بدر، وجاء المشركون... فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض) قال عُمير بن الحمار: يا رسول الله جنَّة عرضها السموات والأرض!. قال: نعم. قال: بخ بخْ ـ تعظيم الأمر وتفخيمه ـ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يحملك على قولك: بخ بخْ، قال: لا والله إلا رجاء أن أكون من أهلها، قال: فإنك من أهلها. فأخرج تمرات من قَرَنه ـ جعبة النشاب ـ فجعل يأكل منهن، ثم قال: إن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة، فرمى بما كان معه من التمر، ثم قاتلهم حتى قتل رضي الله عنه.
لما كان يوم يزيد بن أبي سفيان، لقيهم الترك بسجستان، فكان أول جيش انهزم من المسلمين ذلك الجيش، فقال صلة بن أشيهم لابنه، يا بني ارجع إلى أمك، فقال: يا أبت أتريد الخير لنفسك وتأمرني بالرجعة، وأنت و الله كنت خيراً لأمي مني، قال: أما إذا قلت هذا فتقدمْ فتقدمَ فقاتل حتى أصيب، ثم قاتل صلة حتى قتل.
ولما جاء معاذة العدوية امرأة صلة نعي زوجها وابنها قتلا جميعاً أقدمه بين يديه، قال لابنه: تقدم فأحتسبك فقتل، ثم قتل الأب، فلما جاءها نعيهما جاءها النساء، فقالت: إن كنتنَّ جئتن لتهنيننا بما أكرمنا الله فذاك وإلا فارجعن.
فضل الشهيد المقتول ف سبيل الله تعالى:
إنَّ الشهادة رتبة عظيمة ومنزلة رفيعة لا يلقاها إلا ذو حظ عظيم ولا ينالها إلا من سبق له القدر بالفوز المقيم، وهي الرتبة الثالثة من مقام النبوة كما قال تعالى:[ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا] {النساء:69}.
ـ وسمي الشهيد شهيداً، لأنه مشهود له بالجنة.
ـ وقيل: وقيل: لأن أرواحهم شهدت وأحضرت دار السلام، لأنهم أحياء عند ربهم، وأرواح غيرهم إنما تشهد الجنة يوم القيامة، فالشهيد بمعنى الشاهد. أي: هو الحاضر في الجنة. قال القرطبي: وهو الصحيح.
ـ وسمي شهيدأً لأن الله وملائكته يشهدون لهم بالجنة.
ـ ولأن عليه شاهداً يشهد كونه شهيداً، وهو الدم، فإنه يبعث يوم القيامة وأوداجه تشخب دماً، وقد منَّ الله سبحانه على الشهداء بفضائل لا تحصى ومآثر لا تستقصي.
1 ـ فمنها: أنهم أحياء عند ربهم يرزقون، كما قال تعالى:[وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ] {البقرة:154}. وقال تعالى:[وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ المُؤْمِنِينَ] {آل عمران:171}.
وحياة الشهداء محققة وهم في الجنة يرزقون ولا محالة أنهم ماتوا وأجسادهم في التراب، وأرواحهم حية كأرواح سائر المؤمنين، وفضلوا بالرزق في الجنة من وقت القتل.
مسألة: قال القرطبي في تفسيره: إذا كان الشهيد حياً حكماً فلا يصلى عليه كالحي حساً، وقد اختلف العلماء في غسل الشهداء والصلاة عليهم.
فذهب مالك والشافعي وأبو حنيفة إلى أن القتيل في الجهاد لا يغسل لقوله صلى الله عليه وسلم في شهداء أحد:(ادفنوهم في دمائهم ولم يغسلهم)، وبهذا قال أحمد وفقهاء الأمصار.
والعلة في ذلك ما جاء في الحديث، من أن دماءهم تأتي يوم القيامة كريح المسك.
أما الصلاة عليهم فذهب مالك والشافعي وأحمد إلى أنه لا يصلى عليهم لحديث جابر وقال فقهاء الكوفة والبصرة والشام: يصلى عليهم.
2 ـ ومن فضائل الشهيد: أنه ليس أحد يدخل الجنة ويحب أن يخرج منها ولو أعطي ما في الدنيا جميعاً إلا الشهيد، فإنه يتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيقتل عشر مرات لما يرعى من الكرامة، وفي رواية: (لما يراه من فضل الشهادة )، ولذلك يقول صلى الله عليه وسلم: (والذي نفس محمد بيده لوددت أني أغزو فأقتل، ثم أغزو فأقتل، ثم أغزو فأقتل) رواه البخاري ومسلم.
3 ـ ومنها، أنَّ الشهادة في سبيل الله تكفِّر جميع ما علي العبد من الذنوب التي بينه وبين الله تعالى. روى مسلم  عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يغفر للشهيد كل شيء إلا الدَّين) والمراد بالدَّين ما كان من حقوق الآدميين كالغصب وأخذ المال بالباطل، وقتل العمد وغير ذلك من التبعات.. وكذلك الغيبة والنميمة والسخرية، فإن هذه الحقوق لابد من استيفائها لمستحقيها.
4 ـ ومنها: أن الملائكة تظل الشهيد بأجنحتها:
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: جيء بأبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم قد مُثِّل به، فوضع بين يديه، فذهبت أكشف عن وجهه فنهاني قوم، فسمع صوت صائحة، فقيل: ابنة عمرو أو أخت عمرو، فقال: لم تبكين؟ ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها) رواه البخاري ومسلم.
ويحتمل أن يكون هذا خاصاً بعد الله كرامة له من الله تعالى، كما خصَّه بكلامه له كفاحاً.
5 ـ ومنها: أنَّ الشهادة الخالصة في سبيل الله توجب دخول الجنة قطعاً:
قال تعالى:[إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ المُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ] {التوبة:111}. وقال تعالى[وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ(4) سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ(5) وَيُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ(6) ]. {محمد}..
عن أنس رضي الله عنه أنَّ أمَّ الرُّبَيِِّع الأنصارية ـ وهي أم حارثة بن سراقة ـ أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، ألا تحدثني عن حارثة، وكان قُتل يوم بدر، أصابه سهم، فإن كان في الجنة صبرت، و إن كان غير ذلك اجتهدت عليه بالبكاء، فقال: يا أمَّ حارثة، إنها جنان في الجنة، وإن ابنك أصابك الفردوس الأعلى) رواه البخاري.
6 ـ ومنها: أن الشهداء حين يقتلون في سبيل الله يجعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر:
عن مسروق، قال: سألنا عبد الله عن هذه الآية:[وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ] {آل عمران:169}.فقال: أما إنا قد سألنا عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (أرواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى تلك القناديل، فاطَّلع إليهم ربهم اطلاعه، فقال: هل تشتهون شيئاً ؟ فقالوا: أي شيء تشتهي، ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا، ففعل ذلك بهم ثلاث مرات، فلما رأوا أنهم لن يتركوا من أن يسألوا، قالوا: يا رب نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى، فلما رأى أن ليس لهم حاجة تركوا) رواه مسلم وغيره.
وروى الترمذي عن كعب بن مالك مرفوعاً: (أرواح الشهداء في أجواف طير خضر تعلق من ثمر الجنة أو شجر الجنة) تعلُق: بفتح المثناة وضم اللام معناه: ترعى من أعالي شجر الجنة.
والحكمة في جعل أرواحهم في هذه الأجساد: أنهم لما جادوا بأجسادهم الكثيفة لله تعالى وبذلوها في حبه، وعرضوها للآلام والمشاق الشديدة، وسمحوا بها للغناء امتثالاً لأمر الله، وطلباً لمرضاته، عوَّضهم عنها أجساداً لطيفة في دار النعيم المقيم الباقي يأكلون بها ويشربون ويسرحون في الجنة حيث يشاؤون.
ولما كان ألطف الحيوانات أجساماً الطير، وألطف الألوان الأخضر، وألطف الجمادات الشفافة: الزجاج، وإن كانت من ذهب، فهو المفرح طبعاً، وناهيك بذهب الجنة، فلذلك جعل الله أرواح الشهداء في ألطف الأجساد وهو الطير الملون بألطف الألوان، وهو الخضرة، يأوي إلى ألطف الجمادات وهي القناديل المنورة، في ظل عرش اللطيف الرحيم، لتكمل لهم لذة النعيم في جوار الرب الكريم، [إِنَّ هَذَا لَهُوَ الفَوْزُ العَظِيمُ] {الصَّفات:60} . لمثل هذا فليشمر المشمرون، وعليه فليجتهد المجتهدون.
7 ـ ومنها: أن الشهداء لا يفتنون في قبورهم ولا يصعقون عند نشورهم:
وقد ثبت أنَّ المرابط في سبيل الله لا يفتن في قبره، فالشهيد أولى وأحرى لأنه أفضل منه. وما نال المرابط ما ناله إلا بتعرضه للشهادة، فكيف لا يعطى ذلك الفضل من نالها.
روى النسائي: عن راشد بن سعد، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنَّ رجلاً قال: يا رسول الله ما بال المؤمنين يفتنون في قبورهم إلا الشهيد؟ قال: (كفى ببارقة السيوف على رأسه فتنة).
والفتنة في القبر بسؤال الملكين، لاختبار ما عند المرء من حقيقة الإيمان والتصديق، ولا شك بأن من وقف للقتال ورأى السيوف تلمع وتقطع، والأسنة تبرق و تخرق، والسهام ترشق وتمرق، والرؤوس تندر، والدماء تثغب، والأعضاء تتطاير، والناس بين قتيل وجريح وطريح، فثبت على ذلك، ولم يولِّ الدبر، ولم ينهزم وجاد بنفسه لله تعالى إيماناً به وتصديقاً بوعده كما وصف الله المؤمنين:[وَلَمَّا رَأَى المُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا] {الأحزاب:22}. فيكفيه هذا امتحاناً لإيمانه واختباراً له وفتنة.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سأل جبريل عن هذه الآية:[وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللهُ] {الزُّمر:68}. مَن الذين لم يشأ الله أن يصعقهم. قال: هم شهداء الله. رواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد.
8 ـ ومنها: أن الشهيد يشفع في سبعين من أهل بيته:
عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يشفع الشهيد في سبعين من أهل بيته) رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه.
وروى الإمام أحمد بإسناد حسن عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ للشهيد عند الله سبع خصال: أن يغفر له في أول دفعة من دمه، ويرى مقعده من الجنة، ويُحلَّى حلَّة الإيمان، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها، ويزوج باثنتين وسبعين زوجة من الحور العين، ويشفع بسبعين إنساناً من أقاربه).
الدفعة هي الدفقة من الدم.
9 ـ ومنها: أن الشهيد يغفر له بأول قطرة من دمه ذنوبه كلها ويرى مقعده من الجنة:
عن سهل بن حنيف رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن أول ما يهراق من دم الشهيد تغفر له ذنوبه ) رواه البيهقي في السنن.
10 ـ ومنها أن دم الشهيد لا يجف حتى يرى الحور العين:
روى عبد الرزاق وابن أبي شيبة وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ذكر الشهداء عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لا تجف الأرض من دم الشهيد حتى تبتدره زوجتاه كأنهما ظئران أضلتا فصيليهما في براح من الأرض، وفي يد كل واحدة منهما حلة خير من الدنيا وما فيها).
الظئر: بكسر الظاء المعجمة، هي: المرضع، والفصيل: ولد الناقة قبل أن يفصل عنها. والبراح: بفتح الباء الموحدة والحاء المهملة هي: الأرض المتسعة التي ليس فيها زرع ولا شجر، ومعناه: أن زوجتي الشهيد من الحور العين تبتدرانه قبل أن يجف دمه، كما تبتدر الناقة المرضع ولدها الضال إذا وجدته مع شده شوقها إليه في ارض متسعة ليس فيها شيء يحول بينها وبينه من بناء ونحوه.
11 ـ ومنها: أن الشهيد لا يجد من ألم القتل في سبيل الله إلا كما يجد من ألم القرصة:
روى الترمذي والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يجد الشهيد من القتل إلا كما يجد أحدكم من مسِّ القرصة).
12 ـ ومنها أن الشهيد يزوجه الله الحور العين:
والحور العين نساء أهل الجنة المذكورات في القرآن، يقال: لكل منهن حوراء والحوراء هي شديدة بياض العين، الشديدة سوادها، والغيناء: العظيمة العينين وصح أن الشهيد يزوج اثنتين وسبعين من الحور العين، وقد وصفهن الله تعالى بكتابه فقال: [كَأَنَّهُنَّ اليَاقُوتُ وَالمَرْجَانُ] {الرَّحمن:58}. وقال:[كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ المَكْنُونِ] {الواقعة:23}.
روى البخاري ومسلم من حديث أنس رضي الله عنه: ولو اطلعت امرأة من نساء أهل الجنة إلى الأرض لملأت ما بينهما ريحاً، ولأضاءت ما بينهما، ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها ) والنصيف: الخمار.
وروى الترمذي عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن المرأة من نساء أهل الجنة ليرى بياض سياقها من وراء سبعين حلة، حتى يرى مخها، وذلك بأن الله تعالى يقول: [كَأَنَّهُنَّ اليَاقُوتُ وَالمَرْجَانُ] {الرَّحمن:58}.
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين