التربية على الالتجاء إلى الله والضراعة إليه

التربية على الالتجاء إلى الله والضراعة إليه

أساليب تربوية ومفاهيم دعوية من حياة الشيخ أحمد عز الدين البيانوني

د. عبد المجيد أسعد البيانوني

 

الإكثار من الضراعة لله تعالى والدعاء، وتعلّق القلب بالله سبحانه، فالدعاء سرّ العبوديّة، ومفتاح القبول والاستجابة.

الدعاء مخّ العبادة، وثمرة الإيمان بالله تعالى واليقين، وما أحوج الداعية إلى الله تعالى إلى تعليق قلبه بالله دائماً، وأن يكثر من سؤال الله والضراعة إليه، ولاشكّ أنّ ثمرات ذلك كثيرة كبيرة، لا يسعنا عدّها أو استقصاؤها، وإنّما نشير إلى أهمّها:

ـ فمن ثمرات ذلك: ألاّ يتّكل الداعية على عمله، بل يعتمد على فضل الله وتوفيقه، ممّا ينأى به عن الدعوى والاغترار بالعمل مهما كان، ويحقّقه بالتواضع لله عزّ وجلّ، فيؤهّله لمزيد من فضل الله وتوفيقه.

ـ ومن ثمرات ذلك أيضاً: أن يزداد يقينه أنّ كلّ شيء بيد الله تعالى، ومشيئته وقدرته، فلا يرهب باطلاً، ولا يحسّ في نفسه هواناً، وتقوى عزيمته للثبات على الحقّ، والمضيّ في دعوته لا يصدّه عن سبيلها شيء.

ـ ومن ثمرات ذلك: أن يجتهد في العمل ما استطاع، مع رجاء الله تعالى ودعائه، وحسن التوكّل عليه، فالعمل الصالح مع الأخذ بالأسباب من شروط قبول الدعاء واستجابته.

ـ ومن ثمرات ذلك: أن يكتب للداعية القبول بين الناس، وأن تحظى دعوته بالإقبال عليها، وانشراح الصدور لها.. فما خرج من قلب متذلّل بين يدي الله ضارع ما أحراه أن يؤثّر في القلوب، وتخشع له، وما خرج من قلب غافل لاهٍ أنّى له أن ينقل لغيره إلاّ غفلاته ولهوه.!

ـ ومن ثمرات ذلك: أن يتعمّق الإخلاص لله تعالى في نفس الداعية، فيزداد حبّاً لدعوته، وتفانياً في خدمتها، والحرص على مصلحتها، والاجتهاد في تبليغها ونصرتها.

وإذا كان الإكثار من الضراعة لله تعالى والدعاء خير ما يستعين به الداعية في حياته، ويعمّق به صلته بالله تعالى ورجاءه، فبم يدعو الداعية.؟ وما الذي يشغل قلبه.؟

إنّ على الداعية قبل أن يدعو الآخرين، ويتحدّث إليهم عليه أن يستشعر امتلاء قلبه بالرحمة والشفقة عليهم، لأنّهم مرضى وهو كالطبيب لهم، وليس من شأن الطبيب العاقل أن يحقد على مرضاه، أو يغضب عليهم، وعندئذ يدعو الله تعالى لهم أن يشرح صدورهم، ويفتح قلوبهم لدعوة الحقّ، ويبعد عنهم كيد الشيطان ووساوسه، وأحابيله وأساليبه. 

وعلى الوالد والمربّي أن يكثر من الدعاء لولده ومن يربّيه، مع اجتهاده في تربيته ونصحه.. فالدعاء في حياة المربّي والداعية مقرون بالعمل، وبه موصول، ولا صدق في دعاء يتجرّد عن العمل والاجتهاد، كما لا بركة لعمل واجتهاد مبتور عن تعليق القلب بالله، واتّصال به سبحانه وسؤاله.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين