التخطيط والتكتيك الثوري على الصعيد السوري

جعفر الوردي

 
الثورة نظام وعلم ومبادئ، وليست حركة عشوائية ولا تجمعات شبابية، وكلمة الثورة لها أسس ومبادئ وطرق وشروط، لا ينبغي للثائر أن يخالفها أو أن يتجاوزها، وإن ما هو فعل ذلك خرج عن نطاق الثورة إلى نطاق آخر لا علاقة له بالثورة..
فالثورة هي تغيير شامل كامل عام للبنى التحتية والفوقية في المجتمعات، دون التركيز على أي أساس طائفي أو حزبي أو مناطقي.. لذلك فهي مقدسة ومحترمة في كل المفاهيم والأعراف..
في الوضع السوري وفي نطاق ثورته، لا يخلو الأمر من بعض الخروقات، لذلك واجب على الشعب أن يتجاوزها ويعمل على أداء ثوري بأصوله ومبادئه.
يأتي على رأسه نبذ الطائفية والانحياز الشخصي والمناطقي، وعدم التحزب وفتح جبهات بين الثوار على الأرض، فلا حزب للثوار إلا ثورتهم ولا رأس هرمي لهم، بل كلهم سواسية في القضية والعمل والجهد والمرتبة، وهذا لا يلغي أن يكون عندهم مستشارون وقياديون وموجهون.. بل لكل دوره ومهمته دون الخلل بمبادئ الثورة وأهدافها وتوجهاتها..
المهمة الآن لثوار سورية في دمشق وحلب على وجه الخصوص وببقية المناطق أيضا، وتُخصص تلكم المدينتين لما لهما من الأهمية البالغة في حسابات النظام السوري وترسيخه وتطويل عمره..
فمهمتهم هي كالآتي: التكثيف الثوري وإرهاق النظام والشبيحة والأمن وتوتر الجو العام حتى يشل حركتهم بأسرع وقت وبأقل خسارات..
غاية الثوار هي : تكثيف ثوري – توتر في الأجواء يقلق النظام – الحفاظ على الأرواح .
تتحقق هذه المطالب وغيرها بتكثيف الجهد الثوري وتوزيعه على المناطق وبعثرته في المدن والأحياء بتكتيك وتخطيط معين.
حيث يقوم أهل دمشق على سبيل المثال بالتخطيط للخروج بمظاهرات عديدة في الوقت نفسه والزمن نفسه لكن في أماكن عدة.
فمثلا: يخططون لخروج مظاهرة في يوم معين في ساعة محددة ويلتزمون جميعهم بالوقت والساعة تماما ويتوزعون على أكبر عدد ممكن من الأحياء والمناطق، حيث لا يتجمعون في مكان واحد وهو من أكبر الأخطاء في هذه الظروف الحالية، لأنه مُجدٍ وفعال في غير هذا الظرف والمكان، لذلك عليهم أن يتجمعوا كل خمسين شخصا أقل أو أزيد، كلٌّ بحيه ومنطقته، ويتفقون على الخروج بمظاهرة سريعة لا تطول كثيرا، بالوقت ذاته في كل المناطق..
عندها سيتوتر الأمن توترا شديدا، وتصبح عنده في ساعة واحدة عشرين أو ثلاثين جبهة بمنطقة واحدة، فلا يعرف إلى أي يذهب ، ويقمع أي، فيصيبهم قلق وحسابات خاطئة، حيث لا يمكنهم إطلاقا فتح عشرين جبهة في آن واحد..
وإن حصل قمع لمظاهرة ما من هذه المظاهرات، فهي أقل نسبة خسارة وضحايا، حيث التجمع قليل والهروب سريع، ويؤمن الباقي ويعمي التخطيط الأمني عنهم..
باستمرار هذا التكتيك على فترات يومية متبعثرة المواعيد والأماكن، يصبح النظام في حالة نفسية كئيبة، لا يستطيع الصمود تجاهها لأكثر من أسبوع مهما امتلك قوة بطش وقمع..
مما يجعل أيضا كل تدابير النظام فاشلة، فليس ثم جيش أو قوة في العالم مهما بلغت تستطيع أن تقاوم عشرين جبهة في آن واحد ولحظة واحدة..
لذلك كان من المهم والمؤكد عمل هذا التكتيك على أوسع نطاق وأسرع وقت، والبدء به مباشرة، ليعطي ثمارا أكثر وخسائر أقل..

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين