التَّحذير من التكذيب بما لم نُحط بعلمه، ووجوب التَّدبُّر والتأنِّي وعدم التَّسرُّع في الإنكار

نقل الإمام أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي المتوفى سنة 427 رحمه الله في تفسيره المسمى بـ"الكشف والبيان عن تفسير القرآن "عن الإمام أبي علي الحسين بن الفضل النيسابوري المتوفى سنة 283 رحمه الله أنه سئل: هل تجد في القرآن: مَن جهل شيئا عاداه؟. فقال: "نعم، موضعين، قوله: {بل كذَّبوا بما لم يحيطوا بعلمه}، وقوله: {وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم}".

أقول:

الثعلبي لمن لا يعرفه قال عنه الإمام الذهبي رحمه الله: كان أوحدَ زمانه في علم القرآن.

والحسين بن الفضل النيسابوري قال عنه الذهبي: إمام عصره في معاني القرآن.

هذا المعنى القرآني غفَل عنه كثير من الناس، وغفَلوا عمَّا هو المطلوب منا إذا عقلناه.

قوله تعالى: {بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه} خبر، وقوله تعالى: {وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم} هو خبر كذلك، ونحن نصدِّق الله جل جلاله فيما أخبر، لكن الخبر قد يتضمَّن شيئا آخر غير الإخبار.

المعنى المتضمَّن ـ والله أعلم ـ هو التحذير لنا من أن نكون كذلك، أي التحذير من أن نكون من الذين يكذِّبون بأي شيء لا يحيطون بعلمه، ومن أن نكون من الذين إذا لم يدركوا الاهتداء بشيء تعجَّلوا ونبزوه بأنه إفك قديم!.

ما المراد إذن؟

يرشدنا ربنا تبارك وتعالى إلى التدبُّر والتأني وعدم التسرُّع في الإنكار، وإلى أنَّ الواجب علينا هو سلوك سبيل العلم والبحث عن الدليل، فما قام الدليل على صحَّته قبلناه، وما قام الدليل على بطلانه أنكرناه، وما لم نجد الدليل على صحته ولا على بطلانه سكتنا.

اللهمَّ علِّمنا جميعا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا؛ إنك أنت العليم الحكيم.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين