البيت السعيد

 

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده ،ونستعينه ونستهديه ونستغفره ،ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ،وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فهو المهتدي ،ومن يضلله فلا هادي له ، ونشهد أن لا إله إلا الله ؛ وحده لا شريك له ، ونشهد أن سيدنا محمدا رسول الله ؛صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا

 

[يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا] {النساء:1} .

 

كل إنسان يسعى إلى السعادة ،ومن أسباب السعادة الدنيوية والأخروية البيت السعيد؛ يقول فضيلة الشيخ الداعية محمد الغزالي -رحمه الله-: إن الزواج ليس عشق ذكر لمفاتن أنثى..! 

 

إنه إقامة بيت على السكينة النفسية والآداب الاجتماعية، في إطار محكم من الإيمان بالله والعيش وفق هداياته والعمل على إعلاء كلمته وإبلاغ رسالاته......اعلموا أيها الأحباب أن البيت السعيد يبنى على الاحترام المتبادل بين الزوجين؛ احترام الأسرة، والأهل؛ احترام الأفكار والآراء؛ وعدم الاستخفاف بما يعرضه الطرف الآخر...و للوصول إلى هذه الدرجة؛ ينبغي لكل من الزوجين أن يحسن اختيار شريكه...وقد بينا في المقالات السابقة بعض مواصفات الاختيار الناجح.. ومن المواصفات المطلوبة في كلا الزوجين التقارب في المستوى الاجتماعي، والفكري؛ والديني، والمذهبي؛ حتى لا يشعر أحد الزوجين أنه انتقل إلى بيئة غريبة عن بيئته؛ وخصوصا أن جذوره لا تزال مرتبطة ببيئة أسرته، ولها دور مستمر في توجيهه عن طريق العلاقة المستمرة مع الأهل والأرحام؛ لذا جعل الإسلام للكفاءة وزنا في الاختيار ...يتفق الفقهاء منها على الدين، ويختلفون في أمور أخرى .

 

ومن عوامل هدم عش الزوجية تحدي كل من الزوجين للآخر، ومحاولة بسط نفوذه عليه بالقوة أوالفهلوة؛ مما يؤدي إلى النزاع الدائم، وتوجيه الضربات تحت الحزام... وتتفاقم الخلافات بين الزوجين إذا خرجت عن حدود غرفة النوم؛ إلى الصالة أو غرفة الطعام؛ لأن هناك أطرافا متلصصة ستحاول استغلال هذا الخلاف لصالحها...قد تكون من الأبناء، أو الخدم.. أو الأهل ..أو الأصدقاء ...أو غيرهم . 

 

لا تحاولا أبدا أن تشركا الأولاد في خلافاتكما؛ لأنكما لن تكونا منصفين في عرض الخلاف، ولن يكون الأولاد محايدين في موقفهم منكما؛ وسيؤدي هذا إلى مشكلات تربوية، وأسرية... وخصوصاً إذا كان الأولاد في سن المراهقة ...فالحذر من أن يجركما الانتصار للنفس إلى الجناية على الأبناء....

حاولا أن تحلا خلافكما بينكما، ومن الضروري التنازل من الطرفين، أو من أحدهما.

 

وقديماً قالت العرب: إذا عزّ أخوك فهن.. لأن التعزز من الطرفين ، والثأر للكرامة المجروحة ..سيؤدي إلى صراع له أول، وليس له آخر سوى الطلاق.. 

ما أجمل حل الخلافات في أجواء تغلب عليها الرومانسية.. سرعان ما يُنسى الخلاف ،ويتحول إلى وفاق...فكم من مشكلة صعب حلها على الحوار.. تم حلها في غرفة النوم...فلا تستهينوا بهذه العلاقة المقدسة بين الزوجين.

 

و من أكبر الأخطاء تداول أسرار الأسرة مع الأهل ، وخصوصا النساء ، أو التندر بها في مجالس الأصدقاء "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والرجال والنساء قعود عنده فقال لعل رجلا يقول ما فعل بأهله ولعل امرأة تخبر بما فعلت مع زوجها فأرّم القوم فقلت إي والله يا رسول الله إنهم ليفعلون وإنهن ليفعلن قال فلا تفعلوا فإنما مثل ذلك مثل شيطان لقي شيطانة فغشيها والناس ينظرون.. حديث حسن 

 

إن هذا السلوك المشين؛ لا يخلو عنه أكثر المجتمعات البشرية؛ حيث يتحدث بعض الأزواج بأخص خصوصيات علاقتهم الزوجية مع الآخرين؛ لأسباب عديدة، وغالبها من باب التندر، ولكن الرسول الكريم الحيي  صلى الله عليه وآله وسلم صورها بأبشع صورة؛ حيث شبهها بأفعال الشياطين... فمن منا يرضى أن يكون شيطانا ، أو تكون شيطانة؟! ما أقبحها من صورة!!

 

هذه بعض العوامل المساعدة للعيش في أسرة سعيدة؛ تتبع آداب الإسلام ،وتترسم طريقه في إنشاء بيت سعيد ملتزم ....نسأل الله الكريم السعادة للجميع.....والحمد لله رب العالمين

المصدر : موقع د. محمد عبد الغفار الشريف

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين