الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيّنـا محمد رسول الله، وعلى سائر إخوانه من النبيّين والمرسلين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم باحسان إلى يوم الدين، وبعد.
وشارك في هذا الاجتماع ثلاثة و ثلاثون عضوا عالجوا فيه العديد من القضايا الإدارية والهيكلية وناقشوا عددا من قضايا ومشاكل العالم الاسلامي وأصدروا البيان الآتي:
1- في الشأن الفلسطيني:
يتابع الاتحاد بقلق بالغ التطورات الاخيرة الجديدة الحاصلة في القضية الفلسطينية التي هي قضية الأمة المركزية، وهي الأخطر على مستقبلها، ويتمثل ذلك في موقف حكومة الكيان الصهيوني والإدارة الأمريكية من يهودية (دولة إسرائيل) بمعنى أن تلك الدولة وما تضمه من مناطق وأراضي هي وطن لليهود، الأمر الذي يعني إلغاء حق العودة، وتهديد وجود العرب الفلسطينيين، الذين بقوا تحت تلك الدولة منذ 1948م، كما يتضمن التسليم لما تدعيه الصهيونية من حق توراتي، وقد أضافت عليه الإدارة الأمريكية (اعتبار فلسطين هي الوطن التاريخي للشعب اليهودي).
يعتبر الاتحاد العالمي لعلما ء المسلمين أن الخطر الكبير الذي يواجه الأمة العربية والإسلامية في الأشهر القليلة القادمة يتجسد في الهجمة الآثمة التي راحت تستفرد بالسودان لغرض فصل الجنوب عن الشمال. فلولا الدعم الخارجي لدعاة هذا الانفصال وما تمارسه الإدارة الأمريكية من ضغوط على حكومة السودان والدول العربية، لما تطور الوضع إلى ما وصل إليه.
ويدعو الاتحاد بحرص شديد إخواننا في الشمال والجنوب للمحافظة على السلام والتعايش والوحدة باعتبارها مصلحة للجميع.
كما يدعو الإخوة الجنوبيين أن يحكموا العقول، ويرجحوا المصالح المشتركة، فالوحدة قوة والانقسام ضعف.
تابع الاتحاد عن كثب ما كشفته وسائل الاعلام العربية والعالمية من مئات الآلاف من الوثائق التي تؤكد فداحة الظلم والعدوان على هذا الشعب المسلم العريق، وحاول تمزيقه والقضاء على سيادته و وحدته، ووزنه في المنطقة.
والاتحاد يدعو إلى تظافر جهود القوى الوطنية المخلصة نحو اتجاه تحرير إرادة البلد من الآثار السلبية للاحتلال وتصفية أي ارتهان سياسي أو أمني أو اقتصادي أو عسكري لقوى التوسع والعدوان، ويدعو جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي والامم المتحدة ومنظمات حقوق الانسان إلى متابعة ما يقام من قضايا وملاحقات لكل من أثبتت الوثائق ضلوعه في جرائم بحثق العراق والعراقيين وتشكيل لجان تحقيق مستقلة.
إن الاتحاد ليعبر عن انشغاله الكبير بما يجري في اليمن عمق جزيرة العرب من استفحال حالة الانقسام والتحارب، مما غدا يشكل خطرا حقيقيا على وحدة اليمن، وذلك رغم وجود قوى وحدوية صميمة في الحكومة والمعارضة، يمكن أن تلتقي على أرضية مشتركة لحفظ أمن البلد ووحدته من التجزئة باتجاه المحافظة على وحدة اليمن والتصدي للتدخل الأمريكي في شؤونه.
كما يدعو الاتحاد الحكومة اليمنية والشعب اليمني المعروف بالحكمة الى المصالحة والمشاركة الحقيقية الكاملة لجميع مكونات الشعب واحترام حقوق الجميع
5- في الشأن الباكستاني:
يعرب الاتحاد عن مخاوفه الشديدة من الوضع الذي تعيشه جمهورية باكستان الإسلامية، من التدخلات الأمريكية العسكرية والأمنية ، بحجة ملاحقة الإرهاب، ومن الاندفاعات الداخلية، التي تحضر لصراعات أهلية، فضلا عن حالة الاضطراب الأمني الخطير، وما أفرزته الفيضانات من معاناة أليمة لملايين من أبناء هذا البلد وفقرائه ونسائه وأطفاله.
وقد تابع الاتحاد ما نشرته مواقع إعلامية كثيرة من تقارير مؤلمة عما يدور على الساعة البنغلاديشية من محاولة إلغاء التعديل الخامس من الدستور الذي ينص على الإيمان بالله والثقة به وأن دين الدولة الاسلام، كما تبلغ باعتقال أعداد كبيرة من العلماء المعروفين ومن قيادات العمل الاسلامي وغيرهم والتهديد بمحاكمتهم باعتبارهم مجرمي حرب مما أثار الكثير من الاستياء على مستوى العالم الاسلامي والعالم الحر.
إن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يرى أن من مهماته الجليلة تصحيح الانحرافات الفكرية والسلوكية في العالم الإسلامي، وبذل الجهود الممكنة بكل الوسائل المتاحة في نشر الوسطية والاعتدال والوعي الرشيد والفهم السليم للشريعة، والالتزام بمحكماتها وقواطعها، وجمع المسلمين عليها حكاما ومحكومين، رجالا ونساء ، والتذكير بطاعة الله ورسوله في الشأن الفردي والجماعي والشعبي والحكومي، ودعوة المسلمين كافة إلى الالتزام بالعبادات التي هي مصدر سعادة وفوز، وبالأخلاق الكريمة التي تحفظ وحدة المجتمعات، وتمنحا الروح الإجابية، وتجعلها في مقام الأسوة والقدوة الكفيلة باستنهاض روح الامة حضاريا وبمقاومة الضعف والهزيمة الداخلية للوصول الى التغيير المطلوب في الأنفس والسلوك(إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).
يشيد الاتحاد بثبات هذه الأقليات على مبادئ دينها، وسعيها لتكوين المؤسسات العلمية والاقتصادية والاجتماعية التي تحفظ وجودها وتحقق انتماءها وبناء المساجد والمراكز التربوية الحاضنة لأجيالها كما يشيد بسعيها الرشيدج للتعاطي بإيجابية مع المجتمعا المحيطة بها، والالتزام بالأنظمة والأخلاقيات الكريمة التي يتطلبها الإيمان بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم وتحتمها ضرورة العيش في مجتمعات غير إسلامية.
يدعو الاتحاد مجدداً إلى إحياء المصالحة الشاملة بين فعاليات الأمة كافة، الحكومية والشعبية، العلماء والدعاة، الهيئات والمنظمات والحركات والشعوب والقوميات، على أساس من كفالة الحقوق، وتعزيز مناخ الحريات، وتوسيع قاعدة المشاركة، والتزام النهج السلمي قولاً وعملاً، وإرساء قواعد العدالة، وتنفيذ أحكام القضاء المستقل تنفيذاً فورياً، وتأكيد سيادة القانون واستقلال القضاء، وإلغاء قوانين الطوارئ، والإفراج الفوري عن جميع المعتقلين ظلماً، وتيسير عودة المواطنين المهجرين، وتأكيد دور العلماء في إصلاح الأمة والدعوة إلى الله والالتزام بثوابت الأمة الدينية والوطنية، والدفاع عنها تعزيزاً لدورها، وقطعاً للطريق على المتربصين بها الدوائر.
10- في الشأن الأفغاني
يتابع الاتحاد بقلق شديد استمرار احتلال حلف "ناتو" بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية لأفغانستان وما أفرزه ولا يزال من قتل وجرح الآلاف من المدنيين ومن العنف والتدمير والمآسي الانسانية التي يعاني منها الشعب الأفغاني
والاتحاد يؤكد موقفه الراسخ لمشكلة افغانستان وهو خروج الاحتلال من هذا البلد المسلم العزيز وتحقيق المصالحة لجميع مكونات الشعب الافغاني وأطيافه السياسية للوصول الى حكومة وحدة وطنية
ويعلن الاتحاد عن رفضه الشديد للأصوات المنكرة التي تقيم احتفالات السب والشتم لأصحاب النبي وأزواجه، وتحرض على الفتنة، وتؤسس لتمزيق نسيج الأمة وتعايش طوائفها، وتردد ما يقوله أعداء الإسلام عن تاريخ الإسلام ورجاله ورموزه.
ويشيد بالأصوات الحكيمة التي ترفض هذه الفتنة، وتقرر المبدأ الإسلامي في الثناء على الجيل الأول، والترضي عنهم، واحترام جهادهم، والتي أفلحت في عزل هذه الأحداث المنكرة، وتحجيم أثرها السيء في تمزيق وحدة المجتمعات الإسلامية.
والاتحاد اذ يحذر من هذه الفتنة يدعو بقوة الى سد جميع الذرائع المؤدية الى مثل هذه الفتن بالقول أو الفعل
وفي الختام يودّ الاتحاد وهو ينهي أعمال الاجتماع الثاني لمجلس الأمناء في الدورة الثالثة أن يتقدّم بصادق الشكر وموفوره إلى كلّ من ساهم في الترتيب لهذا الاجتماع وتيسير أعماله حتى أدّى مهمته على أحسن ما يكون الأداء.
ويخصّ الاتحاد بالشكر والتقدير دولة قطر أميرا وحكومة وشعبا على توفير مقر للاتحاد، وتسهيل مهمة الاجتماع الثاني لمجلس الأمناء وجزاهم الله خيرا.
وكما بدأنا بحمد الله نختم بحمده، فبنعمته تتمّ الصالحات، والصلاة والسلام على سيدنا محمّد وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
الأمين العام: أ.د/ علي محيي الدين القره داغي الرئيس: أ.د/ يوسف القرضاوي
التعليقات
يرجى تسجيل الدخول