البراء بن مالك ويَدان محروقتان

(1)

رجلان من المسلمين

الأول: إن هؤلاء الفرس فيهم من الحيلة والمكر الشيء الكثير.

الثاني: وكيف ذاك؟

الأول: إنهم يبدلون في طرائق قتالهم معنا، ويكتشفون حيلة بعد حيلة، ويحاولون أن يصدوا بها طريقنا.

الثاني: لكنَّ نور الله أقوى "صمت"، وجند الحق سيمضي موكبهم بإذن ربه، مهما تكن الصعاب.

الأول: ليُخرج الناس من الظلمات إلى النور.

الثاني: والله الذي لا إله إلا هو، لو اجتمعت في وجوهنا أمم الإنس والجن لما تزَلزَل إيماني لحظة واحدة أننا على الحق الصريح، وأنَّ نصر الله آتٍ لا ريب فيه.

الأول: الحمد لله على ذلك.. اللهم أتم علينا توفيقك، وخذ بأيدينا إلى النصر.

الثاني: اللهم آمين. "صمت قصير" هل من جديد في أمر هؤلاء الفُرس في معاركنا هذه؟

الأول: كما تراهم، إنهم يمتنعون علينا بهذه الحصون الشاهقة، ويحاولون أن ينتهزوا منا غفلة ليخرجوا إلينا فيفتكوا بنا ما يفتكون، ثم يعودون من جديد إلى حصونهم يمتنعون بها.

الثاني: عجزوا عن ملاقاتنا وجهاً لوجه.. فاتخذوا هذا التدبير.

الأول: لقد توهموا أنهم بذلك في حرزٍ حريز، أنّى لهم الهرب من جند الله؟ "صمت"

الثاني: وما الذي عوَّل عليه أميرنا في حرب هؤلاء التي قد تطول؟

الأول: كل مجموعة منا، وكل إليها أمر حصن من هذه الحصون، فهي تحاوره وتداوره، وتصابره وتغالبه، حتى يضطر أهله إلى الخروج إلينا، وعندها نحاربهم في مكان مكشوف، أو نوفق إلى اقتحامه بتدبير أو آخر.

الثاني: لَنِعمَ ما اختار الأمير، "صمت" ترى سنكون في أي مجموعة؟

الأول: في المجموعة التي وكِل إليها أمر هذا الحصن الذي تراه أمامك.

الثاني: اللهم أعِنّا عليهم.

الأول: اللهم آمين.

الثاني: ومَن معنا من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم "الأول يكرر الصلاة" في هذا المقام؟

الأول: الصحابيان الكريمان: أنس بن مالك، والبراء بن مالك.

الثاني: أكرِم بهما وأنعِم، لَنِعم الصحابيان هما، ولَنِعم الأخَوَان هما.

 

(2)

صوت يستغيث – فارس – الرجلان المسلمان اللذان ظهرا في المشهد الأول

الصوت: يا معشر المسلمين، أغيثوني، أغيثوني. "ضجة، وقع أقدام، صوت سلاح، صهيل خيول، وقع حوافرها"

الصوت: الغوثَ الغوثَ!.. يا معشر المسلمين، أغيثوني، أغيثوني.

الأول: "في صوت سريع" إنَّ أخانا هذا كان قريباً جداً من أسوار هذا الحصن، فرمى واحدٌ من الفرس كُلّاباً مثبتاً في طرف سلسلة محماة بالنار فاختطفه فهو يستغيث.

الصوت: يا معشر المسلمين خلِّصوني من هذا الكُلّاب، أغيثوني، أغيثوني.

الثاني: وماذا عسانا نفعل؟

الأول: ما أحسبُ أننا نقدر على فكاكه، فالكُلّاب مُحكم، والسلسلة حامية، فمن ذا الذي يمسك بها؟ ثم إن أحدنا لن يصل إلى سور الحصن حتى يكون أخونا قد رُفِع إليه ليؤخذ أسيراً أو يُقتَل.

الثاني: "بصوت سريع مفاجئ" انظر يا أخي.. انظر!..

الأول: ماذا؟

الثاني: هناك واحدٌ منا قريبٌ من الحصن، قد سارع لإنقاذه، "صوت جواد يعدو، صهل، وقع حوافر" اللهم كن في عونهما.

الأول: ها قد وصل إليه، انظر إليه، إنه ينزل عن جواده.

الثاني: "في صوت سريع يدل على الاهتمام" لكن لا يدري ماذا يفعل، فهناك من يرميه بالسهام.

الأول: ثم هل يستطيع أن يمسك بهذه السلسلة المحماة بالنار؟

الثاني: ها هو قد أمسك بطرف منها.

الأول: لكن سرعان ما أبعد يده، اللهم لا حول ولا قوة إلا بك.

الثاني: حسبنا الله ونعم الوكيل، لقد استطاع الفرس أن يرفعوا أخانا المُعلق بذلك الكُلّاب. اللهم إنا نحتسبه عندك.

الأول: وها هو أخونا الفارس يعود "صوت الجواد يعدو، الصهيل ووقع الحوافر.. صمت"

الفارس: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأول والثاني: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

الأول: بارك الله فيك من فارسٍ شجاع.

الفارس: وفيك.. ليتني وُفِّقتُ إلى إنقاذ أخينا من ذلك الكُلّاب.

الثاني: وهل كان الأمر في غاية الصعوبة؟

الفارس: كيف لا؟ والسهام تنهال، والكُلّاب موصول بسلسلة محماة بالنار.

الأول: إن علينا جميعاً أن نحذر أمر هذه الكلاليب. يبدو أن من تصيبه لا فكاك له منها.

 

(3)

الرجلان المسلمان – صوت

الصوت: "يعلو" يا معشر المسلمين!.. إن أخاكم أنس بن مالك قد علق به واحدٌ من تلك الكلاليب، فالغوثَ الغوثَ.

الأول والثاني: "يتحدثان بما يدل على الاهتمام"

الأول: أسَمِعت؟

الثاني: حسبنا الله ونعم الوكيل.

الأول: الصحابي العظيم أنس معلق بالكُلّاب ونحن عاجزون.

الثاني: انظر إليه، إنه يحاول النجاة منه.

الأول: أخشى أن يصيبه مثل الذي أصاب أخانا بالأمس.

  "صوت جوادٍ سريع يمر قريباً ثم ينخفض صوته شيئاً فشيئاً"

الأول: أعرفتَ من الفارس؟

الثاني: إنه البراء بن مالك أخو أنس.

الأول: ما أراه تاركاً أخاه.. إما أن يلحق به، أو ينجوا معاً.

الثاني: اللهم كن معهما.

الأول: اللهم آمين "في صوتٍ سريع" ها قد وصل إلى أنس.

الثاني: "في صوتٍ سريع" وها هي السلسلة تصعد بأنس وهو معلق بالكُلّاب.

الأول: "في صوتٍ متحمس" الله أكبر، ها هو البراء يقفز فيتعلق بالسلسلة ويعالجها في بأسٍ شديد.

الثاني: أمَا إنه لَرجل.. السهام تنثال والسلسلة بالنار محماة.

الأول: "في صوتٍ فرِح" انظر، الحمد لله.. ها قد انقطعت السلسلة، وها هو البراء وأنس على الأرض.

الثاني: "في صوتٍ فرِح" ها هما يركبان الجواد وينطلقان كالريح. "الجواد يعدو"

الأول: "في صوتٍ متحمس" الحمد لله.. الله أكبر.

الثاني: "في صوتٍ متحمس" الحمد لله.. الله أكبر.

 

(4)

الرجلان المسلمان

الأول: أرأيت البراء وأنس بعد نجاتهما؟

الثاني: أجل.. وسعدت بذلك.

الأول: أشاهدتَ يدي البراء!؟

الثاني: لقد احترق ما على كفَّيهِ من لحم. اللهم عجِّل له بالشفاء، وأجزل له بالمثوبة فإنه مجاهدٌ صادقٌ شجاع.

*****

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين