الاختلاف في فهم العقيدة

 

هل يعقل أو يقبل بعد أن جمعتنا العقيدة أن يفرقنا ويقتلنا الاختلاف في فهمها !!

-----

الكلام في هذا العنوان كثير فأنا أكتب منشوراً قصيراً ولا أؤلف كتاباً 

------

وبعد

نحمد الله على نعمه كلها لكننا أول ما نحمد الله عليه من النعم هي نعمة الإيمان والإسلام قال تعالى حكاية عن المؤمنين القائلين 

( الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله )الأعراف الآية 43

وإذا كنا نسأل الله كثيراً من الأمور فينبغي أن يكون أول شيء نطلبه منه سبحانه بقوله تعالى :

( ربنا لا تُزِغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب) آل عمران الآية 8

وقد جمعتنا هذه العقيدة في أمة واحدة ( وإن هذه أمتكم أُمَّةً واحدةً وأنا ربكم فاتقون) المؤمنون الآية52

وقرر القرآن الكريم بأن المؤمنين إخوة قال تعالى: ( إنما المؤمنون إخوة) الحجرات الآية 10

والآيات في هذا المعنى كثيرة، وقد جاءت أحاديث شريفة كثيرة تؤكد أخوة المؤمن للمؤمن. 

والمتأمل في وضع هذه الأمة اليوم يجدها متفرقة متخاصمة، يقتل بعضها بعضاًعلى عكس ما جاء في القرآن الكريم والأحاديث الشريفة تماماً

وإذا كانت العقيدة جمعتنا فما الذي فرقنا ؟

الذي فرقنا هو أنه لم يترك بعضنا لبعض مساحة تذكر في فهم بعض النقاط في هذه العقيدة مما أشعل فتيل التكفير 

وما أعقبه من استباحة الدماء والأعراض والأموال المحرمة .

وبصراحة فإن هذا الأمر الخطير يقع على عاتق بعض العقائديين في هذه الأمة، والكثير منهم يتحمل إثم هذا المنهج .

وبصراحة ثانية إن (العامة )من الناس والذين وقعوا ضحية التكفير والفرقة في هذه الأمة ليسوا مسؤولين عن هذه المصيبة 

المسؤول الأول عن نكبة هذه الأمة هم بعض العقائديين . 

تعلمون أنه سُمح للفقهاء وعلى مرِّ القرون أن يختلفوا في فهم النص لكن لم يقتل بعضهم بعضاً !!!

كما سُمح للمحدثين أن يجتهدوا في اختصاصهم ولم يكفر واحد منهم الآخر !!!

وهكذا في كل العلوم فالاختلاف في الفهم ظاهرة صحية فما بالنا جعلناه في قسم العقيدة ظاهرة مرضية ومقتلاً للأمة بأسرها!! 

نعم أنا موقن معكم بأن للعقيدة حساسيتها لكن ليس إلى حد التكفير والقتل .

وفي وضعنا السوري على وجه الخصوص: من الذي يتحمل إثم هذا التشرذم وهذا الاختلاف بين الذين خرجوا يطالبون بحريتهم المسلوبة ؟

بل من يتحمل إثم الكثير من الدماء المسفوكة على أرضية الاجتهاد العقدي ؟ 

أقول وبكل صراحة: الذي يتحمله هم التكفيريون وأصحاب الأفق الضيق في صفوفنا وهنا فإني لا أقصد العلماء والفقهاء 

وبعد هذه الكارثة التي حلت بنا في شامنا المحتل والنازف أليس من الواجب على المتخصصين في هذا القسم أن يوجدوا القاسم المشترك ؟ويوسعوا في هامش الاختلاف ؟ ويمدوا في مساحة الرأي والرأي الآخر ؟

تسعون بالمئة من الأمة لا يعرفون ماهي نقاط الخلاف في قسم العقيدة، بل إن الكثيرين باتوا يعرفون أنه لو توحد العقديون والشرعيون لتوحدت الأمة .

ولهذا فخوفي شديد جداًمن حدوث فجوة عميقة بين عامة الأمة وبين العقديين ومن ثَم الشرعيين فيها وإذا حدثت هذه الفجوة لا قدر الله فستكون المصيبة القاتلة 

اللهم سلم سلم اللهم وإيماناً كإيمان العجائز

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين