الإيمان والإنسان

من طبيعة حياة الإنسان أن يكون فيها تعب ونصب، قال تعالى: [لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ] {البلد:4}. ويزداد هذا الكبد في البعد عن الله تعالى والإعراض عن شرعه [وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ أَعْمَى] {طه:124}.

لكن الإنسان مع الإيمان له شأن آخر: فهو بالإيمان يتصل بربه، ويشعر بقربه وحبه ، ويمتلئ قلبه ثقة بالله واعتماداً عليه ، واطمئناناً إليه ، وأنساً به ، ويقينا بكل ما جاء من عنده، وسعادة في ذلك كله ، حتى قال أحد المؤمنين: (إننا في سعادة ، لو علم بها الملوك وأبناء الملوك لجادلونا عليها بالسيوف)

وبالإيمان والإيمان فقط ترتفع قيمة الإنسان، فهو مخلوق مكرم [وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي البَرِّ وَالبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا] {الإسراء:70} ، خلقه الله في أحسن تقويم، يسلم وجهه لله تعالى فهو في حياة طيبة حسنة [مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ] {النحل:97}. أما بغير الإيمان فهو كما قال الله تعالى: [أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الغَافِلُونَ] {الأعراف:179}  

وبالإيمان يتعامل الإنسان مع الكون كما يريد خالق الكون [وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ] {الجاثية:13} ، ويتعامل مع البشر كما يريد خالق البشر[يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ] {الحجرات:13}.

وبالإيمان تمتد حياة الإنسان إلى الحياة الآخرة، فيهون عليه ما يلقاه في الدنيا، املا بأن يلقى النعيم المقيم في الآخرة [إِنَّ المُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ] {القمر:55} القمر: ?? - ??

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين