الإنسان في القرآن -7-

الإنسان كثير الأماني
 
مجد مكي
قال الله  تعالى : [أَمْ لِلْإِنْسَانِ مَا تَمَنَّى] {النَّجم:24} أي: أيظن الإنسان الكافر أن له  ما تمنَّى واشتهى من شفاعة الأصنام من غير جزاء . [فَللهِ الآَخِرَةُ وَالأُولَى] {النَّجم:25}.فله سبحانه ملك الآخرة بكل مافيها ،وملك الحياة الدنيا بكل ما فيها ، لا يملك أحد منهما شيئا إلا بإذنه ،وهو سبحانه يُعطي  بحكمته من يشاء ويمنع من يشاء لا ما يتمنَّى الإنسان من دون عمل.
 قال الله تعالى:[لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ ولا يجدْ له من دُونِ الله ولياً ولا نصيراً] {النساء:123}.أي : ليس ما وعد الله من الثواب ودخول الجنة ولا النجاة من النار بالأماني الحاصلة في نفوسكم التي تريدون وقوعها – أيها المسلمون - ، ولا بأمانيِّ أهل الكتاب من اليهود والنصارى ، وإنما الأمر بالإيمان والاجتهاد في عمل الصالحات والسعي في فعل الخيرات، ولكن من يرتكب معصية مؤمنا كان أو كافرا، يجازه الله بها عاجلا أو آجلا ، ولا يجد له من دون الله وليا يحميه ويؤويه ن ولا نصيرا ينصره ، فيمنع عنه نزول العذاب الذي يستحقه بالعدل .
وقال صلى الله عليه وسلم: (الكيِّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتْبَعَ نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني) رواه أحمد (16674) والترمذي (2459) وابن ماجه (4260).
ولشدة أمنيات الإنسان يرتكب الموبقات طمعا بكرم الله سبحانه . قال تعالى مخاطبا الإنسان :[يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الكَرِيمِ] {الانفطار:6}.أي : ما خدعك وسوَّل لك الباطل ، وأمَّنك من عذاب ربك الرفيع القدر ، العظيم الشأن ، حتى صنعت ما صنعت ، وضيعت ما أوجب الله عليك ؟؟
وقال بعض الشعراء في وصف الإنسان وتغيُّر أمنياته :
 
 

 

 

يتمنى المرء في الصيف الشتاء    حتى إذا جاء الشتاء أنكره 

فــهو لا يرضى بحال واحد     قـُـتــل الإنسان ما أكفــره

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الإنسان الكفور ينكر البعث

 

 

 

قال الله تعالى في شأن الإنسان المنكر للبعث : [أَيَحْسَبُ الإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى] {القيامة:36}. أي: أن يُخلَّى مهملاً، فلا يُؤْمر ولا يُنهى، بل حكمة الله قضت أن يعيش الإنسان على الأرض، وأن يرسل إليه رسلاً، ويشرع له شرائع ليتميز المؤمن من الكافر، والطائع من العاصي:[ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا] {الملك:2}.
وقال سبحانه عن الإنسان الكفور :[وَيَقُولُ الإِنْسَانُ ]ـ أي : المنكر للبعث ، وهم عموم المنكرين للبعث، أو أبي بن خلف أو الوليد بن المغيرة الذي أخذ عظاماً بالية ، ثم فتَّتها بيده ، وقال للناس ساخراً: زعم لكم محمد أنا نبعث بعدما نموت. فالإنسان هنا عام مراد به الخصوص ـ [أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا(66) ] ـأي : أبعث من القبر ، كما يقول محمد فالاستفهام بمعنى النفي . أي : لا أحيا بعدما أموت ـ [أَوَلَا يَذْكُرُ الإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ] ـ أي : من قبل الحالة التي هو فيها الآن ـ[ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا(67) ]. {مريم}فيستدل بالابتداء على الإعادة .
[فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ ـ أي : المنكرين للبعث ـ وَالشَّيَاطِينَ ـ أي : نجمع كلاً منهم وشيطانه في سلسلة ـ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا] {مريم:68}.
يقسم الله تعالى بأنه سيُعيدهم إليه ويحشرهم من قبورهم إلى المعاد ويعرضهم على النار: قال تعالى [ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا] {مريم:72} أي : نأتي بهم ونضعهم حول جهنم قائمين على ركبتيهم وفي هذا دلالة على الذلة وضيق المكان بمن فيه .


جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين