الإنسان في القرآن الكريم ـ 13 ـ

 
 
 
الشيخ مجد مكي
 
 
الحرص والطمع من طبيعة الإنسان
 
 
ذمَّ الله تعالى الحرص والطمعَ اللذين هما من طبيعة الإنسان، فقال تعالى: [قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنْفَاقِ وَكَانَ الإِنْسَانُ قَتُورًا] {الإسراء:100}. أي: بخيلاً مضيِّقاً بسبب ما جُبل عليه من البخل والحرص مع سعة ما يملك .
روى البخاري(6436) ومسلم(1048): (لو كان لابن آدم واديان من ذهب، لابتغى لهما ثالثاً، ولا يملأ جوفَ ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب).
وروى مسلم(1047) والترمذي(2445): ( يهرم ابن آدم ويشب معه اثنتان: الأمل وحب المال).
وروى مسلم(2958): (يقول ابن آدم: مالي، مالي... وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت).
 وكما حضَّ الله سبحانه على البذل والجود والإنفاق، حذَّر من البخل والشح.
 قال تعالى:[ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ] {التغابن:16}.
وروى مسلم (2578): (... واتقوا الشُّحَّ، فإنَّ الشُّحَّ أهلك مَنْ كان قبلكم، حَمَلَهم على أن سفكوا دماءهم، واستحلوا محارمهم).
وأقبح أنواع البخل: البخل بما فَرَض الله تعالى، كالبخل بالزكاة المفروضة، والبخل بالحقوق المحتومة كالديون، وكذلك البخل بالواجبات، كالنذور، والكفَّارات والنفقة على العيال، وتأتي بعد ذلك مذمَّة البخل في سائر القُربات، كبناء المساجد ومواساة الفقراء وإغاثة الملهوفين.
 
 
 
 
المُسْتَثْنَونَ من وصف الهَلَع
 
استثنى الله تعالى من وصف الإنسان بالهلع : وهو شدة التضجر والجزع عند مس الشر ، وشدة المنع والإمساك والإقتارعند إصابة الخير  من اتَّصف بهذه الأوصاف الثمانية:
1 ـ [إِلَّا المُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ] {المعارج:23}.  أي: يواظبون على أداء الصلوات في مواقيتها، أو الذين يكثرون فعل التَّطوُّع منها.
2 ـ [وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ] – أي:نصيب معيَّن فرضه الله عليهم -  [ لِلسَّائِلِ وَالمَحْرُومِ] {المعارج:24-25}. السائل: هو المسكين الذي يسأل الناس. والمحروم: هو الفقير الذي يتعفَّف عن سؤال الناس، فيظنُّه الجاهل غنياً، فيحرم من العطاء، كما قال سبحانه، [يَحْسَبُهُمُ الجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا] {البقرة:273}.والمراد بالحق المعلوم: الزكاة المفروضة، لأنها جزء معلوم في كلِّ من الأموال التي تجب فيها الزكاة.
3 ـ [وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ] {المعارج:26}. أي: بيوم الجزاء،وفصل القضاء، وهو يوم القيامة، فيستعدون له بالأعمال الصالحة.
4 ـ [وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ] {المعارج:27}. أي: خائفون فلا يفرِّطون في طاعة كما قال سبحانه:[قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ] {الطُّور:26}.
 [إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ] {المعارج:28}. أي: لا يأمنه أحد، بل الواجب على كلِّ أحد أن يخافه ويشفق منه.
وعن أنس رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة ما سمعت مثلها قط، فقال: (لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً، ولبكيتم كثيراً، فغطى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوههم ولهم خنين ـ أي: من البكاء ) رواه البخاري(4621) ومسلم (2359).
وكلما كان الإنسان أعرف بالله تعالى كان أشدَّ خوفاً منه، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: (الله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له) رواه البخاري (5063).

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين