الإسهال اللفظي عند النظام السوري

جعفر الوردي

يشتهر سياسيي النظام السوري وإعلامييه ومنسوبيه وكل من يدافع عنه ويتبنى قضيته –يشتهرون بطول خطاباتهم وكثرة كلامهم، وتبسيط المبسط وشرح المشروح، والتدليل على البديهي المسلّم..
وثمة عينتان واضحتان لتلك الصفة المملة، وهما بشار الأسد رئيس النظام وبشار الجعفري مبعوثه للأمم المتحدة..
بشار الأسد خطب في أحداث سورية غير خطاب، وكانت كلها أطول من ساعة من الزمن، دلل وشرح وتكلم بكلام له طائل وليس له، وأفرط في الشرح والتبيان، وأصابه إسهال في الحروف والألفاظ، حتى أن أشد متابعيه ليمل من طول خطابه وترديد مفرداته..
وكل ما طال الخطاب تكررت المفردات ذاتها ..
خصوصا أننا في وضع وظرف لا يسمح بكثرة الكلام وكثرة التبرير.. اللهم إلا للكذاب؛ لأنه نفسه لم يقتنع بما يقول فيكرر كلمته حتى يظن أو يعتقد أن سامعه قد آمن بعض الشيء ..!
كذلك كان الجعفري بشار، ذا شرح طويل ومغص في الكتابة كبير.. فهو في مجلس أمن أمام دول كبرى ذات ثقافات ومعرفة واطلاع، وأصلا هي جلسة طارئة، أي لا تستحمل التطويل والشرح، لكنه يصر على أن يزيد خطابه عن النص ساعة مرتجلا ساعة وقارئا مرة أخرى، متهجما مدافعا منكرا مقررا، يصفن في ألفاظه فيرى من ينظره لم يؤمن بما يقول فيشبّه ويستعير ويتكلم بلهجة أقرب إلى الشفقة والعاطفة وهي آخر كيسته المخرومة ..
هو شأن الكاذبين والذين يريدون أن يقنعوا غيرهم بحقيقة لا توجد على نسج الواقع، فلا يكترثون بمن يسمع أو يعلق أو ينتقد، كل همهم أن يبذلوا كل ما يستطيعون لإقناع ذاتهم العارفة بالحقيقة والعالم بأنهم ألطف من إلية الخروف وأبرأ من قطة البيت الأليفة ..!
وهذا حال إعلاميي النظام، فكذلك أيضا هم يسعون إلى الصوت العالي والترجيع في الكلام والمعاني، وتكثيف الأفكار والألفاظ حتى لا يأتي لذهن السامع أي تحليل أو تفكير بما يقولون.. حشوا حشوا حشوا حتى يمتلأ الذهن فيعمى عن النقد..
فلذا ترى مغرميهم ومحبيهم شديدي الاقتناع بما يقولون، لعمى البصيرة والبصر أولا، ولتكثيف الألفاظ وترداد المعاني عليهم صباح مساء ثانيا..
ولكن مهما طال إسهالهم اللفظي، وتقيؤهم المعنوي، فالحق أبلج والباطل لجلج..

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين