الإسلام  كيف تبيعه ؟؟

.

قال لي ذلك الشاب المتحمس: أنا أريد أن أفرض الإسلام وشريعته على كل الناس وهذا ما أمرني الله به ومن يرفض الإسلام أو أي تفصيل فيه فله حد السيف فالأمر لا خيار فيه لأحد في بلدي

.

قلت له: ولماذا برأيك الإسلام شيء مهم جدا وشريعته مفيدة للناس ؟

.

قال لي: الإسلام هو أفضل وأكمل دين ومن يطبقه سيعيش في سعادة الدنيا والآخرة، وهذا ما أعتقده وما تثبته الآيات والأحاديث

.

قلت له: ولماذا إذن تريد فرضه بالقوة ؟ هل يوجد أحد في الدنيا عاقل تقول له أنا عندي طريقة لتجعلك من سعداء الدنيا والآخرة ويرفض هذا العرض المغري ؟

ولأضرب لك مثالا لأقرب لك المعنى: لو أنت الآن وقفت أمام بيتك وقلت للناس كل من سيأتي لبيتي ويجلس فيه ليرتاح سأعطيه عشر دولارات، فكم شخص برأيك سيصطف أمام بيتك ؟

.

قال لي : أكيد الآلاف من البشر سيزورن بيتي يوميا؟

.

قلت له فلماذا سيقصدك الآلاف من الناس من أجل عشر دولارات ولا يقصدونك من أجل الإسلام وشريعته ؟؟ أيها أغلى الإسلام أم عشر دولارات

.

مضى صاحبي وهو يفكر في إجابة .. وكلنا يجب أن نجيب على هذا السؤال، لو كنا نعتقد أن شريعة الإسلام هي أفضل ما يجلب سعادة الدنيا والآخرة وهي كذلك، لماذا إذن لم يتقبلها منا كل البشر ؟

.

ورأيي لأننا في عصرنا الحالي لم نستطع تعريف الناس بالإسلام وعرضه بطريقة صحيحة تناسب العصر، والأهم تطبيقه في بيئة ناجحة وتحقيق نجاحات كبيرة به مادية وروحية، بالعكس كنا منفرين عنه، كما قال رسول الله للرجل يصلي بالناس ويطيل فيها: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ" 

لأنه يطيل في الصلاة ومع أنها ركن الإسلام ولكنه لم يراعي الناس وظروفهم وجعل الناس تنفر منه ومن صلاته، فحتى لو كانت نيته سليمة في حمل الناس على تطبيق ركن الإسلام ولكنه نفرهم بتصرفه السيء، وهذا ينطبق على كل التطبيقات

.

الإسلام وشريعته كنز ثمين ولكن يجب أولا أن يعرف الناس قيمة هذا الكنز، ويجدوا فيه ما يعينهم على حياتهم وسعادتهم، ولهذا الأمر هناك فقه في الدعوة وحسن عرض للشريعة وتدرج في التطبيق والبعد عن الفرض والترهيب، فالنفس لو أجبرتها على أكل العسل ستكرهه وتعافه، والتحدي الأكبر لمن يدعوا لشي أن يحبه الناس أولا كشخص قبل أن يقول لهم ما عنده، فقد قال تعالى لرسوله :

"فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ? وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ? فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ.. "

فهذا رسول من الله مكلف بالتبليغ ولكنه سبحانه قال له لو كنت فظا معهم فلن يسمعوا منك شيئا ولو كان ما معك قرآن من عندي، بالتالي هناك أمور يجب أن تقوم بها أولا: اعف عن أخطائهم وتقبلهم كما هم ودليل تقبلك لهم وحبك أنك ستستغفر لهم عند ربك أيضا، وأخيرا اكسب عقولهم بمشاورتهم وتكريمهم من خلال إعلاء شأن رأيهم وحريتهم في الكلام عندك بما يريدون، هذه هي الطريقة ليحبوا الإسلام ويتعرفوا عليه

.

ولا ننسى أن مئات ملايين البشر اليوم في إندونيسيا وماليزيا وكل شرق آسيا هم ثمرات تجار مسلمين نزلوا أرضهم فأحبوهم وقدروا أخلاقهم ولطفهم، فهداهم الله للإسلام ووجدوا فيه سعادة الدنيا والآخرة فتمسكوا به أبد الدهر

.

فمتى سنتعلم كيف نبيع الكنز الذي عندنا للناس ؟

.

أسامة الخراط

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين