الأقصى قضية أمة

 

 

انعقد مؤتمر مهم مطلع هذا الشهر (جمادى الأولى 1437) في تركيا دَعَتْ إليه (الحملة العالمية لمقاومة العدوان) وكان عنوانه: الأقصى... قضية أمّة وأولويّات عمل، وقد دُعيتُ إلى حضوره والمشاركة في ورقة عمل في أحد محاوره وهو (المحور المعرفي) من جملة محاوره المتعددة الأخرى: المحور الفكري والتأصيل الشرعي، الإعلامي، السياسي، الحقوقي، التاريخي، الجهادي، والتنموي..

أميز ثلاث ملاحظات

وأولى ملاحظاتي أن المؤتمر كان بمُجمله من حيث أهميةُ محاوره وتنوّعُها، والشخصياتُ النوعية المدعوّة إليه سواء الأكاديمية أو الميدانية، ومن حيث تنظيمُه وكسرُه لروتين المؤتمرات في تقاليدها الاحتفالية والخطابية: نوعياً، بل يرتقي إلى درجة (نوعيّ بامتياز) إذا نُفّذت الخطة السنوية -التي رُفعت من جميع ورشات المحاور - بالعمل الجادّ المنتج وبتوفّر التمويل اللازم. 

الملاحظة الثانية عن المؤتمر التي لفتتني جَمْعُه الموفَّق بين جيلين من المشاركين: جيل الكبار من الأكاديميين ومديري المؤسسات التي تعمل في مختلف ميادين (نصرة الأقصى)، وجيل الشباب في أواخر العشرينيات إلى أواسط الثلاثينيات المتميزين بالذكاء والتفوّق الثقافي والقدرات القيادية... هذا من جهة،  ومن جهة أخرى التنوّع الجغرافي الواسع للمدعوّين مما أضفى مشهداً رائعاً: وهو أن الأقصى فعلاً (قضية أمّة) وليس فقد قضيةَ شعب يناضل لتحرير أرضه. 

أما الملاحظة الثالثة فهي سلبية -في تقديري ومن وجهة نظري -وحِرْتُ في تفسيرها وهي غياب لافت لمشاركة شخصيات سورية من علماء أو مفكرين، وتغييب غير مفهوم للقضية السورية العملاقة التي لا تقل أهمية عن القضية الفلسطينية -اللهم إلا في خصوصية فضل ومكانة المسجد الأقصى -لا من حيث المجاورة والملاصقة الجغرافية ولوازم ذلك في الحسابات السياسية والعسكرية، ولا من حيث كونُ سوريّة جزءاً من بلاد الشام التي باركها الله بل هي أوسُعها مساحةً وأكثرها تعداداً والمشمولة بخصوصية البركة والمجد التاريخي، ولا من حيث ورودُ أحاديث نبوية ذُكرتْ فيها دمشق والغوطة ودابق عند حديثه [ عن أحداث كبرى تقع في بلاد الشام ربما لها علاقة بما سيقع بين المسلمين واليهود وينتهي بانتصار المسلمين! أقول: ربما ولا أجزم. 

وعَوْداً على بدءٍ فإن قضية الأقصى (قضية ضخمة) لها ارتباط بالصراع بين الحق والباطل في المسار التاريخي المعاصر -بمرتكزاته الثلاثة الكبرى: الإيماني، والسياسي، والحضاري -بين الأمّة الإسلامية بدينها وهوّيتها وبين الجاهلية المعاصرة التي يتسنَّم اليهود (قمة الإفساد) فيها من بين مكوّنات شعوبها ودُوَلها وأنظمتها المفلسة!

الهدف الأكبر وبوصلة الجهود

ويبقى أن نوقن جازمين أن الجيل الذي سيحرِّر الأقصى -بإذن الله -هو الجيل الذي تجتمع فيه ثلاث صفات أساسية هي مجموع ما ورد في الأحاديث الصحيحة: الانتماء الحقيقي للإسلام، والعبودية لله والاستعلاء على سائر العبوديات الزائفة الشائعة في الحضارة المعاصرة البعيدة عن هُدى الله، وأنه جيل (مجاهد في سبيل الله)... فهل ستصب كل الجهود المعرفية والتربوية والبحثية والسياسية لإنتاج هذا الجيل وتحقيق هذا الهدف الأكبر؟!

الأمل بالله لا يضعف على كثرة مشاكل العالَم الإسلامي وما فيه! والثقة بصلاحية هذا الدين وحيويّته وتجدُّده تعزّز هذا الأمل وتقوّيه! 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين