الآثار السلبية لمواقع التواصل الاجتماعي

لعل أعظم الآثار السلبية لمواقع التواصل الاجتماعي على الإنسان أنها زادت من وطأة العالَم عليه، وقد صار الإنسان بذلك مفعولا به أكثر من أي يوم مضى وذلك على مستويين: الانكشاف والتأثر.

فالإنسان في هذه الوسائل مفضوح الذات، يوفر بيانات ضخمة حول حياته وشخصيته وعاداته وآرائه لمن هب ودب، سواء من أجهزة السلطة أو من الفضوليين الذين يغمسون أنوفهم في ذاته. وهذه وطأة ثقيلة تئن معها الذات وتحن إلى أيام المجهولية حين كانت الذات أقل اشتباكا بالعالم.

والإنسان في هذه الوسائل أيضا يستقبل العالَم أكثر مما يستعمله، أي لم يعد العالَم مسرحا لتحقق الذات بقدر ما أصبح شبكة تلتهم انفعالاتها وتداهم مشاعرها وأفكارها من كل حدب وصوب، فترهقها في متاهات التأثّر الكثيرة،

كان العالَم البكر قديما مادة طيّعة في يد الإنسان - على قسوته وقلة حيلة الإنسان آنذاك - ولكنه تحول في عصرنا هذا إلى شرنقة تلتفّ حول الذات وتطمس حريتها بما تحاصرها به من أدوات وقيم وأفكار، فصار الإنسان مادة طيّعة في يد العالَم!

وإن كان ثمة شيء يمكن فعله تجاه هذا الطوفان الذي جرّف الذات فهو أن نقلل انكشافنا على العالم في هذه الوسائل، وأن نفض الاشتباك بين الشخصي والعام، وإلى جانب ذلك نعتصم بالله الواحد الأحد ونضع رضاه سبحانه صوب أعيننا غاية عليا نطمح إليها، فلا تعود أمزجة العالم المتلاطمة مصدرا للعصف بذواتنا، بل تصبح ظواهر للنظر والاعتبار، ومحلا للنقد والتقويم والإنكار.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين