اغتيال وردة

د. فهد بن إبراهيم الضالع

طلقة رصاص
في ظلام الليل الدامس.. تقلب كل حالك فيه إلى معطف أنسٍ، وشعاع نور، يلف مكان روحين هنا وهناك، من بين ذِكرٍ وطاعة، وأنس وبهجة.. حتى دب النوم دبيب النسمة على عينيَّ رضى.. فلما أفاقتْ من جديد على عزف صوت الكروان.. على أوتار خيوط الشمس المشرقة من جديد، وهي ترنو إلى سعدها ونعيمها الدنيوي لتعود إليها عينها الحوراء.. روضا باردا بالسعادة.. ولكن ..!! قبل أن تفتح عينيها مدت يدها تتحس المكان لم ترد يدها الخبر..!
ثم أرسلت طرفها.. فلم تجد القمر..! ثم توسعت وتروعت بكل إحساس.. من كل عرق نابض..
فمات من كل خلية منها حية، ألف ميتة.. وذهبت تبحث عن بدر الليالي.. فإذا لهيب الشمس المحرقة، يجتاله بعيدا بعيييدا ..عنها.. وبينما هي تسائل عن حصين كل ركب.. وجدت على حافة الهاوية ..عفوا ..على حافة المنضدة.. ورقة تتدلى .. قد رسم عليها بدرُها خارطة السعادة .. بهذا الشكل.. أنت طالق ..أنت طالق أنت طالق. مطلقة.. وردة قدرُها أن تعيش في أرض قاحلة لا ترحم.. فإن التفتتْ إلى الأرض من حولها.. لفحها سموم موسوم بغياب الوعي.. ومرسوم بقلة الأمانة من الكثيرين والكثيرات وإن لم تلتفت.. ورفعت رأسها إلى السماء.. وقالت:
رب لك الحمد.. أنني مسلمة فلم أشرك بك شيئا، رب لك الحمد بما أعطيت.. ولك الحمد فيما ابتليت.
رب لك الحمد، أنت الحق ووعدك حق، والجنة حق، والنار حق، رضيت بالطلاق قسما لي؛ لأنك قدرته علي..فلك الحمد.. رب لك الحمد .. حين عززتني بأهل .. وبستر.. وأمن وأمان.. وإيمان.
فكم من امرأة من خلقك .. عبثت بنفسها فأرخصتها وسامها كل مفلس ..!
وكم من امرأة .. لا تعرف للحياة معنى تحت أزيز الطائرات وقصف الدبابات..
وكم من امرأة فَتنت وفُتنت.. وفسدت فأفسدت.. فلك الحمد ربي حين سترتني بدينك.. وهديتني لصراطك المستقيم.
لك الحمد حين ألهمتني.. أن أستنزل الصبر على قضائك بين يديك.. ولك الحمد حين أستلهم قوتي من كلامك: "واستعينوا بالصبر والصلاة".
"ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين، الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون"
مطلقة
تعرفين من نفسك كمالات حَرمها الله ذلك الرجل الذي طلقك.. فلا تكرهي..
ولعل في علم الله أن لك خيرا من ذلك.. "فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا"
فكوني واثقة بالله، ثم بنفسك وكمالاتك التي وهبها الله لك، والتي صرف عنها رجل من الناس فلم يرها.. وما رأى منها.. سيعرفه حين يفقده.. فلا تبأسي..! تبسمي.. لأنك حرة لست في أسار كاره..! ولأنك عزيزة وفي ظل من يفرش لك قلبه وفاء وحفظا.. ابتسمي.. ستجدين الابتسامة.. حديقة غناء.. تتوسع بقدر ما تعبئين بها روحك،
ابتسمي .. واجعلي من ابتسامتك.. شعارا للرضا عن الله .. يراه الله سبحانه وابتسمي واجعلي من ابتسامتك قوة لأحبابك القريبين منك، وخصوصا والديك.. ابتسمي واجعلي من ابتسامتك.. رسالة رضا عن النفس.. وثقة بكمالها..تشخص لها الأبصار إعجابا.. تبسمي واجعلي من ابتسامتك: حياة جديدة مشرقة بنور الفأل الذي وصاك به نبيك. ابتسمي ولو تكلفا؛ حتى تنطلق الابتسامة التلقائية؛ لأن الحلم بالتحلم.. ابتسمي لأنك مؤمنة؛ ولأن كل دمعة حزن يخرج معها ذنب.. بل ذنوب.. ابتسمي إذن.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين