استووا .. يرحمكم الله

الخير عادة، والشرُّ لَجَاجة، وإن من الشرِّ أن يُصرَّ المرء على مخالفة السنة لاعتياده أمرًا طارئًا، الأصل أن يزول العمل به بزوال سببه، ومع عظيم اللَّغَط الذي تداولته الألسن والأقلام في حكم صلاة التباعد في الجُمَعِ والجماعات، وخُفُوت صوت المانعين في غمرة الإجراءات النظامية، وقرارات وِزارات الأوقاف الإلزامية، فليس أحدٌ من العلماء في المشارق والمغارب يجيز التباعد مع صدور قرارات إلغائه، والعودة إلى الحياة على معهود الناس قبل نازلة كورونا، إلا أن بعض الناس قد ألِفُوا التباعد، وارتاحوا إليه، واعتادوه سلوكًا عمليًّا، فترى كثيرًا من الصفوف قد كثُرت فيها الفُرَج بين المصلين.

إنَّ أمر الإمام قبل تكبيرة الإحرام بتسوية الصفوف مقصودٌ لذاته، وعلى المؤتمِّين أن يستجيبوا إليه، ومن تسوية الصفوف سدُّ الفُرَجِ والخَلَلِ، دون ترك مسافاتٍ مهما صَغُرت.

لقد ربط النبي صلى الله عليه وسلم تسوية الصفوف بائتلاف القلوب، " عبادَ الله! لتسوُّون صفوفَكم، أو ليُخَالِفَنَّ الله بين قلوبكم". وأقام على تسوية الصفوف بنفسه مُدَّةً إلى أن اطمأنَّ أن الناس قد عَقَلوا عنه ذلك.

فهذا أوان العمل بهذه السنة، وعلى الأئمة أن لا يكبِّروا إلا بعد أن يطمئنُّوا إلى تسوية الصفوف وسدِّ الفُرَج، صابرين على الناس بدعوتهم إلى إحياء سنة التَّرَاصِّ واستواء الصفوف بالحسنى، حتى يألفوا ويعتادوا، والخير عادة، ومن اعتاده أكرمه الله بالزيادة.

فاستووا يا عباد الله في صفوفكم، واستقيموا، وتراصُّوا، ولا تختلفوا، فتختلف قلوبكم.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين