استشهاد عثمان بن عفان رضي الله عنه‎

في مثل هذا اليوم الثَّامن عشر من شهر ذي الحجّة من السَّنة الخامسة والثلاثين للهجرة أصبحَ سيّدنا عثمانُ بن عفَّان رضي الله عنه صائماً وأفطرَ في الجنَّة!!
يهجمُ المجرمونَ على الخليفةِ المحاصَرِ الذي تجاوزَ الثانية والثَّمانين من عمره؛ ويتلَّقى الضَّربةَ الأولى من سيفٍ مجرمٍ فيتّقيهِ بيدهِ قتُقطَعُ أوَّلُ يدٍ كتبَت القرآن، فيقول عثمانُ رضي الله عنه وهو ينظرُ إليها تشخبُ دماً: بسم الله توكلت على الله؛ إنها أوّل يدٍ كتبت المُفصَّل، وتسيلُ الدّماءُ على مصحفه الذي كانَ بينَ يديه، على قولِ الله تعالى ( فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ )، يُعاجِلُهُ آخرُ بضربةٍ على رأسِه، ثمّ يقفزُ عليه المجرمُ عمرو بن الحمق، ويطعنه في صدره تسعَ طعنات، وهو يقول: هذه الثَّلاثة الأولى لله، وهذه السِّتُّ لشيءٍ في نفسي!!


وبعدَ أن يرتكبَ هؤلاءِ المجرمونَ جريمَتهم بحقِّ مَن تستحي منه الملائكةُ ويعلنونَ بلا ذرَّةٍ من حياءٍ أنَّها في سبيلِ الله تعالى، ويقولُ قائلُهم: إذا كان قد أُحلَّ لنا دمُه أفلا يُحلُّ لنا مالَه؟!! فيسرقونَ كلَّ شيءٍ من بيتِ الخليفةِ الشَّهيدِ المُبشَّرِ بالجنَّةِ حتَّى الأكواب!!


ما أشبَهَ اليومَ بالبارحةِ !!
فكم قتيلٍ تناوَشَته السّيوفُ والرِّماحُ والبنادقُ التي تدِّعي أنَّها لله وتحكمُ باسمِه، وما هيَ إلَّا لشيءٍ في الصُّدورِ!!
وكم صاحبِ حقٍّ أُحلّ دمُه ومالُه بدعوى الحكمِ بما أمرَ الله تعالى، جهلاً تارةً وحقداً وغيظاً تارةً أخرى!!


ورغمَ ذلكَ فإنَّ كلَّ ذي بصيرةٍ ظلَمَهُ مَن يستحلِّونَ دمَ ومالَ من خالَفَهم بموقفٍ أو فكرةٍ أو رأيٍ ونَسَبوا ذلكَ إلى الله تعالى بلا حياءٍ ولا وجلٍ، لم يزلْ على الحقِّ ثابتاً لم يَحدِ عنه، ولم يَمِل إلى الباطِلِ، ولم ينكفِئ إلى الصَّمتِ، لأنَّ دمَ عثمانَ رضيَ الله عنه على المصحفِ لا يزالُ هاتفاً في أعماقِهم : (فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ)، ولأنَّ بيانَ الله تعالى يعلنُ لخوارجِ الأمسِ واليومِ: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا)

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين