كل أحد جاهد نفسه في ذات الله تعالى ، وثبت في مواجهة داعي الشهوة ، وتسويل النفس ، ووسوسة الشيطان = تحولت مشقّاته إلى لذات ، وصارت العبادات قرة عينه، وفرح نفسه.
قال بعض السلف : " عالجت قيام الليل عشرين سنة واستمتعت به عشرين سنة " .
وسمعت قبل يومين أحد العباد يقول :
" إني أتخيل أني أمنع - مجرد منع - من المسجد فأظل أبكي كالأطفال ،
وإذا استيقظت قبل الفجر بنصف ساعة صحت كالمجنون ، لأني لا أستطيع أن أقيم الليل كما أحب " .
وسر انقطاع أكثر الناس عن نوافل العبادات ، وأنواع القربات هو تلك المشقة التي يجدونها في أول الطريق، فينفسخ عزم قلوبهم وينقطعوا .
ومن أسباب ذلك: "قلة السالكين" فإن النفس تتسلي بالتأسي
كما قالت الخنساء :
وما يبكون مثل أخي ولكن
أعزي النفس عنه بالتأسي
وقال أبو الطيب :
إذا عظم المطلوب قلّ المساعد
وأنت ترى أن صوم رمضان في أيام الصيف - مع ارتفاع الحرارة وطول النهار - أسهل على كثير من الناس من صوم نافلة في أيام الشتاء- مع انخفاض الحرارة وقصر النهار -
لاشتراك الناس في الصوم فيهون عليهم فعله.
ولهذا يستوحش السالك إلى الله لقلة السالكين.
وقد محض الفضيل- رحمه الله- النصيحة لهذا فقال :
" عليك بطريق الهدى ولا يضرك قلة السالكين ،وإياك وطريق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين " .
ومن أعظم أسبابه أيضا :
كثرة المعاصي فإنها باب الحرمان ، وسلم الخذلان .
قال رجل للحسن : إني آخذ بأسباب قيام الليل ولا أقوم !
قال : حجبتك معاصيك !
أعوذ بالله أن يكون حظي من الله لساني ،
أو أن أكون للطريق واصفا وأنا أول الخالفين .
اللهم لا تخرمنا لذة الأنس بك ، والشوق إلى لقائك .
إنك لكل حبيب قريب
وأنت حسبنا وإليك ننيب .
والحمد لله رب العالمين .
التعليقات
يرجى تسجيل الدخول