يختلف الناس في طبائعهم، كما يختلفون في عاداتهم و تقاليدهم! والجميل في هذا الاختلاف أن يكون اختلاف تنوع، لا تضاد.
فقد جعل الله تعالى الناس شعوبا وقبائل ليتعارفوا! فشعب يختلف عن شعب، وكذلك قبيلة عن أخرى، والمدينة عن الريف.
فإذا كان كل فئة أو جماعة ستعتز بأعرافها وتقاليدها، وتعد الآخرين الذي لا يلتزمون بها متخلفين عنها، مضادين لها. فكيف سيكون التعارف واحترام الآخر؟
للمدن أعرافها وللريف تقاليده، سواء في ذلك الأفراح والأحزان، والأعياد والمناسبات، فكيف نأمل أن يجتمع هؤلاء ولو في الحد الأدنى _ باختيارهم وقناعتهم - لا كما يجتمع الناس أمام سطوة القانون؟
وكيف نأمل ألا يكون بينهم حزازات وحساسيات، وكيف تتقارب نظرتهم إلى الأشياء؟ و ليس توحدهم حولها؛لأن ذلك مطلب بعيد؟!
صحيح أن لبعض المدن شرفا ومكانة ما ليس لغيرها، فهل يُعد الانتساب إليها هو المقياس الذي يميز بين الناس؟
فأبو جهل وأبو لهب –على سبيل المثال – لم تشرفهما مكة المكرمة، وهم من خالص أهلها
ولبعض المدن عادات وتقاليد تكون بحكم التجربة أقرب إلى الصواب، وقد ألفوها، وطبعت شخصيات أهلها بطابع خاص، بينما غيرهم في مدن أو مجتمعات أخرى لا يقيمون لها اعتبارا.
فكيف نقرب المسافات الاجتماعية، دون إلغاء خصوصيتها، ولا سيما بين المدن الكبيرة والأرياف المجاورة لها.، إذ تجد تنازعا وتصادما ساكنا حينا، وعالي النبرة حيناً آخر؟!
إن ألفة الأشياء تحيلها أحيانا كثيرة إلى شيء من المقدس! مع أن ألفتنا للأشياء لا يصح أن يكون مقياسا؛ فما نراه حسنا منها، يراه غيرنا سوى ذلك.
إن التحاكم إلى السنة والتزامها هو الذي يعطي الأمور وجهها الصحيح.
في بعض المدن الكبيرة- على سبيل المثال – إذا مات فيهم ميت، صنعوا طعاما للناس ودعوهم إليه، دون النظر إلى حال المتوفى وإمكانات ورثته، وإلا يفعلوا فإن ألسنة حدادا تمزقهم مشنعة عليهم؟ بينمايصنع ريفها غير ذلك، فيؤتى بالطعام لأهل الميت، لأنهم شغلهم شاغل عن ذلك، وهذه هي السنة!
فلماذا يحرص الناس على العادات والتقاليد التي قد تباعد بينهم بسبب اختلاف نظرتهم إليها، ولا يجتمعون على السنة وهي أصح المقاييس، فيحتكمون إليها،ويثابون على فعلها؟!
التعليقات
يرجى تسجيل الدخول