جاء في تفسير القرطبي : ( يقول يحيى بن أكثم: كان للمأمون - وهو أمير إذ ذاك - مجلس نظر ، فدخل في جملة الناس رجل يهودي حسن الثوب حسن الوجه طيب الرائحة ، قال : فتكلم فأحسن الكلام والعبارة ، قال : فلما تقوض المجلس دعاه المأمون فقال له : إسرائيلي ؟ قال نعم . قال له : أسلم حتى أفعل بك وأصنع ، ووعده . فقال : ديني ودين آبائي ! وانصرف . قال : فلما كان بعد سنة جاءنا مسلما ، قال : فتكلم على الفقه فأحسن الكلام ; فلما تقوض المجلس دعاه المأمون وقال : ألست صاحبنا بالأمس ؟ قال له : بلى . قال : فما كان سبب إسلامك ؟ قال : انصرفت من حضرتك فأحببت أن أمتحن هذه الأديان ، وأنت تراني حسن الخط ، فعمدت إلى التوراة فكتبت ثلاث نسخ فزدت فيها ونقصت ، وأدخلتها الكنيسة فاشتُريت مني ، وعمدت إلى الإنجيل فكتبت ثلاث نسخ فزدت فيها ونقصت ، وأدخلتها البيعة فاشتُريت مني ، وعمدت إلى القرآن فعملت ثلاث نسخ وزدت فيها ونقصت ، وأدخلتها الوراقين فتصفحوها ، فلما أن وجدوا فيها الزيادة والنقصان رموا بها فلم يشتروها ; فعلمت أن هذا كتاب محفوظ ، فكان هذا سبب إسلامي . قال يحيى بن أكثم : فحججت تلك السنة فلقيت سفيان بن عيينة فذكرت له الخبر فقال لي : مصداق هذا في كتاب الله - عز وجل - . قال قلت : في أي موضع ؟ قال : في قول الله - تبارك وتعالى - في التوراة والإنجيل : بما استحفظوا من كتاب الله ، فجعل حفظه إليهم فضاع ، وقا ل - عز وجل - : إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون فحفظه الله - عز وجل - علينا فلم يضع
ياربِّ مـا عُـدنا كما كانَ الألى=أهـلا لحملِ الدعوةِ السَّمحاءِ
نُقصي كتابَك ليس يحكم عندنا=والحكمُ للطاغوتِ والأهـواءِ
والسُّنَّةُ الغرَّاءُ ليس تهمُّنا=والميلُ باتَ لِـلُعبةٍ و غناءِ
ياربِّ فامنحنا رضاك وهَبْ لنـا=عفوًا يُغَيِّـرُ أنفُسَ الفضلاءِ !!!
مازالً حبُّك يا إلهي حاضرًا=في القلبِ والأفكارِ والأحناءِ
فاغفرْ خطايانا وَرُدَّ ذنوبَنا=كرمًا إلى الحسناتِ لا الأسواءِ
***
الفتحُ لـوَّحَ بالخلاصِ فلا تخفْ=من قوةٍ هي بالمفاسدِ تلعبُ
الفرسٌ والرومانُ والدول التي=من بعدِهم كانت قُواهُـم تُرهِبُ
وبغوا بأرضِ اللهِ يدفعُهم أذىً=من جاهليتِهم أذىً يتلهبُ
فأتتهُمٌ الأقدارُ من ربِّ الورى=واللهُ إذْ جـار الطغاةُ سيغضبُ
ولَّـوا على أدبارِهم وتهافتتْ=تلك القوى والذُّلُّ منهم أقربُ
يا أمَّتي قومي إلى ربٍّ دعاكِ=فنصرُه لـك في لقاهم يوهبُ
***
أحلامُ أوروبا غَدَتْ ياصاحبي=أضغاثُ أحلامٍ مضى مشوارُها
ستهبُّ ريحُ الخيرِ من مهجٍ لهــا=لِتُعيدَ مجدَ إبائِها أقدارُهـا
إسلامُ أمَّتِنا سيهمي جارفا=عفـنَ الجُنـاةِ فقد أتى أبرارُها
واللهُ يحكمُ لامعقِّبَ إنْ مشى=نحو الوغى بجهادِهم ثوَّارُهـا
قـد أوجعتْ أضغانُهم أكبادَنا=تَبًّـا لهم وافى الشعوبَ أُوارُهـا
لكنَّه الدَّيانُ أيقظَ أمَّــةً=واليومَ يُشحَذُ للفــدا بتَّـارُها
***
حُكمُ الهوى والجاهليةِ باطلٌ=فيه الضَّلالُ مع التَّبارِ المحدقِ
قـد نالَ من لأوائِه متقدمٌ=أيامَ ظنَّ بأنَّـه لـم يُسبَقِ
وهوى به متأخرٌ فبدا وقد=لاقى الهوانَ بحـالِ سوءٍ مشفقِ
ذبلتْ غصونُ حضارةٍ مازانهـا=دينُ الإلـهِ بِشِهدِه المترقرقِ
لمَّـا تزلْ أفنانُ دوحتِها على=لفحِ الخريفِ فما بها من مورقِ
هي أختُهم حزنتْ عليهم إنَّما=قلنا لهـا : عن ذا المصيرِ تحققي
***
لاريبَ : فالقرآنُ يحفظه الذي=بـرأَ الوجودَ وأنزلَ القرآنـا
هـم حاربوه لخسَّةٍ بنفوسِهم=حملتْ على إسلامنا أضغانا
لـو أنهم علموا بأنَّ عداوةً=لِنَبِيِّنَـا ستذيقُهـم نيرانا
لكنَّهم عميُ القلوبِ فمـا رأوا=لجلالِه وسُمُوه برهانا
الدِّينُ بـاقٍ رغـمَ سوءِ جحودِهم=وزَوالُهم آتٍ ألا قــد حانـا
هي أُمَّتي نفضتْ غبارَ هوانِها=إذْ أقسمتْ لـن تقبلَ الإذعانا
***
لا يأسَ فانتفضي فأنتِ حَرِيَّةٌ=لايأسَ فانتفضي فأنتِ حَرِيَّةٌ
برضا الرحيمِ وطلِّقي الأهواءَ=قومي انظري أطيافَ روحٍ أقبلتْ
جاءت لدينِ المصطفى بُشَراءَ=يااُمَّـةَ القرآنِِ نجمُك لم يزلْ
رغـمَ الأعادي في العلى يتراءى=والسُّنَّةُ الغرَّاءُ أغناهـا الذي
جعلَ الشريعةَ منهجًـا وضَّـاءَ=خسئَ الأعادي جمَّعوا لك جحفلا
ملأ الدروبَ بحقدِه أشلاءَ=لكنَّه الفتحُ المبينُ يردُّهم
يومَ اللقاءِ ويدحض السُّفهاءَ=
***
ماكنتَ إلا مجرما متعجرفا= ياخِبُّ تنكرُ دينَنا الإسلامي
وتحاربُ القِيَمَ الحِسانَ لأُمَّـةٍ=كَرِهَتْكَ أعمى القلبِ والأفهامِ
هيهات تدركُ أن تدمِّرَ صرحَها=فهو العصيُّ على الزنيمِ الرامي
سترى السهامَ عليك يرجعُ شُؤْمُها=نارا قد استعرتْ وذاتَ ضِرامِ
كم مجرم قزمٍ ويحسبُ أنه=لغروره من عِليةِ الأقوامِ
وهو الذي بالإثمِ أمسى مثلَ مَنْ=آخى قطيعَ بهيمةِ الأنعامِ
***
في عصرنا هذا طغاةٌ أبرموا=بإرادةٍ عقدًا مع الشيطانِ!
لِيٌنَفِّذُوا مكرَ الصهاينةِ الذي=فيه نهايةُ محكمِ القرآنِ!
وله البنودُ لحربِ سُنَّةِ أحمدٍ=وفسادِ أهـلِ شريعةِ الرحمنِ!
وبه السفورُ مع الفجورِ وخبثه=آتٍ على الآباءِ والولدانِ!
وبه الدسائسُ لم تزلْ في زينةٍ=تغري شبابَ الجيلِ للعصيانِ!
هـم يمكرون وربُّنا الأعلى لهم=ياصـاحِ بالمرصادِ في الأزمانِ!
***
هي شدَّةٌ أدمتْ قلوبًا آمنتْ=باللهِ ربًّـا والحبيبِ رسولا
وهي النوازلُ والفواجعُ لـم نزل=تجتاحُ عرضًـا أمتي والطولا
وهي النفوسُ أخافها سهمُ الردى=يُرْمَى فتبصر في العبادِ قتيلا
ياربِّ أمتنا إليك مآبُهـا=لـم تَرْجُ غيرَك ربَّنا مأمولا
فَتَدَارَكَنْ ربِّـي تضرُّعَهَـا فقد=بحثتْ وما وجـدَ الصَّريخُ سبيلا
ياحيُّ ياقيُّومُ فارحمْ أمتي=كيلا يعودَ صريخُها مخذولا
***
القلبُ بالشَّوقِ المؤجَّجِ يخفِقُ=والحالُ بالحبِّ المعطَّرِ مُعْرِقُ
مـا للسُّهادِ بمقلَتَيَّ مكانـةٌ=عيني إلى الطيفِ المُحَبَّبِ ترمقُ
أسلَمْتُ فيضَ مشاعري لجمالِه=ولـه شَدَوْتُ فطابَ عندي المنطقُ
ومضيتُ لا ألوي إلى أحدٍ فقد=شُغِلَ الفؤادُ فمدحُ أحمدَ شيِّقُ
مـا لـذَّ لي إلا صياغةُ أحرفي=لقصيدةٍ في حبِّـه تتألَّقُ
وإذا ذكرتُ مُحَمَّـدًا أُلْفِي الدجى=برفيفِ أنوارِ المحبَّةِ يُشرقُ
***
إسلامُنـا دينُ الإلـهِ وقد صفـا=ما شابَـه خللٌ ولم يلحقْ عفـا
يبقى ليومِ البعثِ في دنيا الورى=طوبى لِمَـنْ بِهُدَى سناهُ قد اكتفى
جَمَعَ الشرائعَ كلَّها جاءت كما=شاءَ الذي بِبَنِي الأنامِ تَلَطَّفـا
قد قَـرَّ في هامِ الوجودِ فشأنُـه=يُغري سليمَ القلبِ دِيْنًـا يُقْتَفَى
حتى إذا ما زُلزِلَتْ أركانُـه=وأتى قضاءُ إلهِنَـا وتكشَّفـا
خابَ الذي يلقى الإلهَ بكفرِه=ونجـا الذي تَبِـعَ الرسولَ المصطفى
***
دأبَتْ على حربِ الحنيفِ عصابةٌ=وعداؤُهـا للمسلمين عقيـمُ
الَّلهُ أركسَها بكلِّ فضيحةٍ=ولهـا من القومِ الأُباةِ خصيمُ
كـم حاقدٍ أعماهُ حقدٌ فانزوى=في خيبةٍ ، ولعلَّه المهمومُ
هـو جاهلٌ أعمى برغمِ ثقافةٍ=بفسادِهـا البادي هو المذمومُ
لـو أبطلَ استكبارَه وصحـا فقد=ظهرَ البيانُ الحقُّ والمكتومُ
ولفـازَ بالحسنى وأسعدَ نفسَه=وهو الذي من خيرِها محرومُ
***
الدِّينُ يحفظُه الإلهُ فليس من=أحـدٍ يردُّ مشيئةَ القهَّـارِ
إنْ يرتكبْ أهلُ الضَّلالِ حماقةً=واستنهضواالسُّفهاءَ في الأمصارِ
فمصيرُهـم يرويه فرعونُ الذي=أخَذَتْهُ غضبةُ ربِّنـا الجبَّـارِ
فقواطعُ الأقدارِ لـم ترحمْ إذا=آذى العدوُّ كتائبَ الأبرارِ
فَلْتَحْمِلِ الإسلامَ عنوانَ الهدى=وملاذّ أهلِ التَّوبِ والأذكارِ
وَلْتَبْشِرِي يا أُمَّتي بالفتحِ قد=هبَّتْ نسائمُـه على الأطهارِ
***
آمنْتُ أنَّ اللهَ ليس بتاركٍ=أهـلَ الفسادِ وزمرةَ السفهـاءِ
يحيون في بطرٍ وفي عبثٍ وفي=وَلَـهٍ بِحـانِِ الفُحشِِ والأهواءِ
يستهزئون بأُمَّـةٍ قرآنُـها=ينهى عن الإغـواءِ والفحشاءِ
ويناوئون السُّنَّةَ الغرَّاءَ في=صَلَفٍ لهم وبذاءَةٍ وهُــراءِ
هيهاتَ يهملُهُم قضاءٌ غيبُـه=يأتيهُـمُ بالطَّعنةِ النجــلاءِ
لـم ينـجُ من أفرادِهـم أحدٌ ولم=يسلمْ إذا نزلتْ من الرؤساءِ
***
لـم تخشَ أُمَّتُنـا عدوًّا غازيًـا=فالنصرُ كانَ لأُمَّـةِ القرآنِ
وبقدرةِ اللهِ العزيزِ وليس في=حشدِ الضَّلالِ وكثرةِ الأعوانِ
والجيشُ يُنصرُ بالعقيدةِ والتُّقى=وبإذنِ ربِّ العرشِ في الأزمانِ
فمنِ استعدَّ بما لديه من القوى=وأتى الجهادَ بقوَّةِ الإيمانِ
متبرئًـا من كلَِّ مايرمي إلى=وّهَنِ النفوسِ وموئلِ الخذلانِ
فاللهُ ينصرُه بلا ريبٍ على=أهلِ الضَّلالِ وعابدي الأوثانِ
***
ستزولُ عوسجةُ الأذاةِ مُدَمَّجَـهْ=يومَ النِّداءِ فبئسَ غرسُ العوسَجَهْ
ولربَّمـا تُسفَى بريحِ عُتُوِّهـا=فالشَّوكُ لسعتُه الخبيثةُ مُزْعِجَـهْ
هب بالغرورِ وبالتَّنَمُّرِ لـم تزلْ=في غمرةِ استكبارِهـا مُتَبَرِّجَـهْ
هي في الغيوبِ كتابُهـا يحكي لهـا=أنَّ الضَّلالةَ لـم تَفِدْهـا البَهْرَجَـهْ
فتبختري بين الرمالِ وعربدي=واستمتعي بسرابِ دنيا مُبْهِجَـهْ
لكنْ مصيرُكِ للزوالِ فأيْقِنِي=هيهاتَ تنفعُ للغريقِ اللجْلَجَـهْ
***
عهدي بمجدِ عقيدتي لاينثني=مهمـا تلظَّتْ جمـرةُ الأحزابِ
فجُذورُه أرسى قواعدَهـا الذي=بـرأَ الوجودَ بحكمةٍ و صوابِ
ولربما يلفي الرَّضيعُ سفاهةً=من مجرمٍ ذي خِسَّةٍ مرتابِ
ويذيقُ من سمِّ الأذاةِ براءَةً=في نابِ كلبٍ قـد عوى وذئابِ
فالكفرُ يعمي والفجورُ يجـرُّ مَن=فَقَـدَ الضَّميرَ لفعلِ وحشِ الغابِ
لكنْ يُجازَى ليس يفلتُ إنَّمـا=يلقاهُ قبلَ حلولِ يومِ حسابِ
***
طفحَ الأسى لاتَعْجَبَنْ وانهلَّ من=عينِ الرجـالِ من المدامعِ تُفْصِحُ
ما نالَ أهليها الصَّغارُ ولا أتى=يومًـا عليها من ركونٍ يقدحُ !
صُحُفُ النَّوازلِ ليس يجهلُها الذي=للـــهِ في ظُلَمِ الخطوبِ يُسَــبِّحُ
خُلِقَتْ ليبلوكم ، هي الدنيا وفي=غـدِهـا التَّقِيُّ من المكانةِ يُمنَحُ
والمسلمُ المشَّـاءُ بالقيمِ التي=جاءتْ من الباري المهيمنِ يُفلحُ
الفائزون استأثروا بعقيدةٍ=فمُهَلِّلٌ و مُكَبِّـرٌ و مُسَبِّحُ
***
وَلَنُهْلِكَنَّ الظالميـن ، وإنّها=لَبِشَـارَةٌ ممَّنْ بَرَاكَ تعالى
فَثِقَنْ بقدرتِـه وحاذرْ أنْ يرى=هذا العدُوُّ لحالِـكَ اسْتعجالا
فالَّلهُ يقضي الأمرَ في تدبيرِه=والخيـرُ في تدبيرِه مـا زالا
لاتَقْنَطَنَّ وأنتَ ممَّنْ قـد رأوا=لمَّـا أذاقَ المجرمين نكالا
لايملكون وحـقِّ ربِّك مأمَنًـا=ممَّـا جنوا فأذلَّهم إذلالا
واقرأْ هنــا صحفَ الذين تمرَّدوا=و اللهُ يضربُ للورى أمثالا
***
إســلامُنا لبني الأنامِ يُبشِّرُ=ولكلِّ شــرٍّ في البريَّةِ يُنكرُ
الَّلهُ أنزلَـه برحمتِه التي=شملتْ خلائقَه وهاهي تهمرُ
وبه الذين قد اصطفاهـم ربُّنا=عاشوه حقلا بالمآثرِ يزخرُ
أمَّـا الذين تَنَكَّرُوا إذْ غرَّهـم=زيفُ الحياةِ ، وبهرجٌ مُتَصَحِّرُ
فَهُـمُ المفاليسُ الحيارى دأبُهم=مُتَعٌ تزولُ ، وبلقعٌ لايُثمرُ
فاصمدْ أخـا الإسلامِ في الدنيا ولا=تخشَ العِـدا . فاللهُ منهم أكبرُ
***
احذرْ أخـا الإسلامِ رفقةَ مَن رأوا=أنَّ الحياةَ لفـاجرٍ أو كافـرِ
وانهضْ بنفسِكَ بالعقيدةِ إنَّهـا=نـورُ الفتى رغـمَ الظلامِ الجائرِ
فالآخرون ومَن تَتَبَّـعَ سعيَهم=بارتْ تجارتُهم بصفقةِ خـاسرِ
أنتَ المؤمَّلُ للعبادِ مُحَذِّرًا=من فاسقٍ ومنافقٍ ومكابرِ
لاتخدَعَنَّكَ في العصاةِ ثيابُهـم=قـد زُيِّنَتْ زورًا بغيرِ مآثـرِ
مَنْ لـم تكن تغنيهِ سورةُ والضُّحَى=سيعيشُ بهرجَ مفلسٍ ومغامرِ
***
لابُـدَّ من فرجٍ فربِّـي راحمٌ=وقضاؤُه لايقبلُ التأويلا
اللهُ قـدَّرَ فَارْضَ إنَّ مشيئةً=كُتبتْ عليك فلا تعشْ مشغولا
واعلم بأنَّ الخيرَ في صفحاتها=فاصبرْ ولا تُـبْدِ الأسى مخذولا
وإليه فالجـأْ مؤمنًـا متضرعًـا=تلـقَ الهَنَـا لأُولي الرضـا مبذولا
فالنازلاتُ إذا اكفهرَّ ظلامُها=سيجيءُ صبحُ نهارهـا مأمولا
يقضي الإلـهُ بحِلمِـه وبعلمِه=فَخُذِ القضـا واستقبلِ التنزيلا
***
إنَّ اليقينَ برحمةِ الغفَّـارِ=لَفريضةٌ كانت لدى الأبرارِ
يطوي بهـا ذو الصَّبرِ سوءَ رَزِيَّـةٍ=حتَّى لو اتَّقدَتْ كجمرِ النَّـارِ
مـا دامَ أمرُ الخلقِ في يـدِ مُنعمٍ=سيزولُ مـا في العيشِ من إعسارِ
فهو ابتلاءٌ للعبادِ وليس مِن=مجرى العذابِ أتى على الكفَّارِ
ولذاكَ يُرفَـعُ بعدَ أنْ أوفى لهم=مولاهُـمُ من نِعمةٍ ويَسَارِ
واللهُ يرحـمُ بعدَ توبةِ مَنْ عصى=ويُـثابُ بعدَ الغيِّ والأوزارِ
***
ياربِّ مكِّنْ في الفؤادِ رجاءَنا=بكَ واجْبُرَنْ كسرَ الذي لكَ يسألُ
هذا زمانُ الخطبِ أحدقَ ربَّنَـا=بالمسلمين وبالفواجعِ ينـزلُ
فَتَدَارَكَنْ ربِّـي عبادَك إنَّهـم=ذاقوا المرارةَ طعمُها لايُجهَلُ !
في شامنا وعراقِنا وهناك في=يمنِ الإباءِ بلاؤُهـا يستفحلُ
فالدُّورُ خاويةٌ على أركانِهـا=والناسُ فيهـا قُتِّلُوا أو رُحِّلُوا
فامننْ إلهي بانفراجٍ منك لا=تَبْقَى دقائقُ خطبِهم والمجملُ
***
دَعْهـا تَــرَ الأفذاذَ من أبنائها=وهـي التي إنْ شاهدَتْهم تُفْجَـعُ
أبناؤُهـا الأبرارُ باتَ ينوشهم=سجنٌ وبابُ أذى يَدَيـْهِ مزمعُ
وكأنَّهم أسرى لدى أعدائِهـم=فلهم عذابٌ بالفضائع ِيُشرَعُ
خطُّوا بصبرِهم الجميلِ رسائلا=تروي معاني صبرِهم إذْ رُوِّعُوا
والشَّامُ تدري ما السجونُ وما الأذى=ساءَ المصيرُ بها وساءَ المطلعُ
لكنَّهم صبروا فكان ثوابُهم=عندَ الإلهِ وفيرُه لايُقطَعُ
***
هذي بلادُ المسلمين مآتـمٌ=أضحتْ بدنيا العالمين مثـالا
نالتْ يـدُ الطغيانِ منها زهوَهـا=ورمَتْ بَنِيْهَـا بالهمومِ ثِقـالا
وهي التي كانت لكلِّ مروءةٍ=أهـلا ونالت في الأنامِ كمالا
تشكو مناكبُهـا التي قـد أُنْهِكَتْ=تَعَبًـا أخَـلَّ بعزمِها و كلالا
دخلتْ بها دنيا العجائبِ كونُها=أهل المكانة منه جـلَّ تعالى
أتُصابُ بالنَّكباتِ تقصمُ ظهرَهـا=والوحيُ هـلَّ بأُفقِها إهـلالا!!!
***
لا . لـم يُحَرَّفْ . إنَّـه في حفظه الله تعالى=وَلْيَخْسَأ الأعداءُ أعداءُ الحنيفْ
أبـدًا ولن يقوى على طمسِ الهُدَى=حقدٌ ولا بغيٌ ولا كيدٌ عنيفْ
أفياءُ مصحفِنا نسائمُها لنـا=روحٌ تجدِّدُ أمسَنا العَطِرَ الوريفْ
هـو في القلوبِ مكانُه . لمكانـةٍ=تسمو ، وليس مكانُه فوقَ الرفوفْ
رَتِّلْهُ في الآناءِ تَــرْقَ منازلا=عندَ الكريمِ غدًا إذا طالَ الوقوفْ
بشراكَ لا تخشى المسيءَ ولا الذي=يشويه جمرُ الحقدِ أو نارُ الصروفْ
***
الَّلهُ يسألُ مَن طغى فيهـا ومَن=لـم يرضَ بالإسلامِ في الدنيا نظامْ
فـاصدعْ بـه ماضرَّك الأعمى فقد=ضـلَّ الطريقَ وضاعَ في هرجٍ وَهَامْ
وانهجْ سبيلَ المصطفى ، واصبرْ إذا=مـا ضاقَ صدرُك من أقاويلِ اللئـامْ
واعبدْ إلـهَ الخلْقِ لا تحزنْ ففي=ذكرِ الإلـهِ سكينةٌ تنفي الأُوامْ
لايأخُذَنَّـك مكرُهم فلهم وإنْ=ظهروا بهذا البأسِ طغيانًا ضِرامْ
وادعُ الذي بيديـه كلُّ الأمرِ لا=تنسَ الدعاءَ عليهمُ فهو السِّهامْ
***
وهنا عقيدتُنا ، هنا بقلوبنا=ولها الفيالقُ بات يرهبُها العِـدا
والمُلكُ للدَّيَّـانِ يحفظُها وكم=أفنى أعاديهـا على طولِ المدى
مهما فعلتُم لن تضروهـا ولن=تُطوَى صحائفُهـا فأُمتُنا الفِـدا
اللهُ أنزلهـا وأكرمَ أهلَهـا=من فضلِه ولأجلِهـا يحلو الرَّدى
تُتلَى مثانيهـا فتحيـا أنفُسٌ=وتهبُّ تُنجدُ حينما نادى الهدى
والسُّنَّةُ الغــرَّاءُ إرثُ مُحَمَّــدٍ=تُفدَى ، ونَفدِي بالقلوبِ مُحَمَّــدَا
التعليقات
يرجى تسجيل الدخول