(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُوْن)

جاء في تفسير القرطبي : ( يقول يحيى بن أكثم: كان للمأمون - وهو أمير إذ ذاك - مجلس نظر ، فدخل في جملة الناس رجل يهودي حسن الثوب حسن الوجه طيب الرائحة ، قال : فتكلم فأحسن الكلام والعبارة ، قال : فلما تقوض المجلس دعاه المأمون فقال له : إسرائيلي ؟ قال نعم . قال له : أسلم حتى أفعل بك وأصنع ، ووعده . فقال : ديني ودين آبائي ! وانصرف . قال : فلما كان بعد سنة جاءنا مسلما ، قال : فتكلم على الفقه فأحسن الكلام ; فلما تقوض المجلس دعاه المأمون وقال : ألست صاحبنا بالأمس ؟ قال له : بلى . قال : فما كان سبب إسلامك ؟ قال : انصرفت من حضرتك فأحببت أن أمتحن هذه الأديان ، وأنت تراني حسن الخط ، فعمدت إلى التوراة فكتبت ثلاث نسخ فزدت فيها ونقصت ، وأدخلتها الكنيسة فاشتُريت مني ، وعمدت إلى الإنجيل فكتبت ثلاث نسخ فزدت فيها ونقصت ، وأدخلتها البيعة فاشتُريت مني ، وعمدت إلى القرآن فعملت ثلاث نسخ وزدت فيها ونقصت ، وأدخلتها الوراقين فتصفحوها ، فلما أن وجدوا فيها الزيادة والنقصان رموا بها فلم يشتروها ; فعلمت أن هذا كتاب محفوظ ، فكان هذا سبب إسلامي . قال يحيى بن أكثم : فحججت تلك السنة فلقيت سفيان بن عيينة فذكرت له الخبر فقال لي : مصداق هذا في كتاب الله - عز وجل - . قال قلت : في أي موضع ؟ قال : في قول الله - تبارك وتعالى - في التوراة والإنجيل : بما استحفظوا من كتاب الله ، فجعل حفظه إليهم فضاع ، وقا ل - عز وجل - : إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون فحفظه الله - عز وجل - علينا فلم يضع 

ياربِّ مـا عُـدنا كما كانَ الألى=أهـلا لحملِ الدعوةِ السَّمحاءِ

نُقصي كتابَك ليس يحكم عندنا=والحكمُ للطاغوتِ والأهـواءِ

والسُّنَّةُ الغرَّاءُ ليس تهمُّنا=والميلُ باتَ لِـلُعبةٍ و غناءِ

ياربِّ فامنحنا رضاك وهَبْ لنـا=عفوًا يُغَيِّـرُ أنفُسَ الفضلاءِ !!!

مازالً حبُّك يا إلهي حاضرًا=في القلبِ والأفكارِ والأحناءِ

فاغفرْ خطايانا وَرُدَّ ذنوبَنا=كرمًا إلى الحسناتِ لا الأسواءِ

***

الفتحُ لـوَّحَ بالخلاصِ فلا تخفْ=من قوةٍ هي بالمفاسدِ تلعبُ

الفرسٌ والرومانُ والدول التي=من بعدِهم كانت قُواهُـم تُرهِبُ

وبغوا بأرضِ اللهِ يدفعُهم أذىً=من جاهليتِهم أذىً يتلهبُ

فأتتهُمٌ الأقدارُ من ربِّ الورى=واللهُ إذْ جـار الطغاةُ سيغضبُ

ولَّـوا على أدبارِهم وتهافتتْ=تلك القوى والذُّلُّ منهم أقربُ

يا أمَّتي قومي إلى ربٍّ دعاكِ=فنصرُه لـك في لقاهم يوهبُ

***

أحلامُ أوروبا غَدَتْ ياصاحبي=أضغاثُ أحلامٍ مضى مشوارُها

ستهبُّ ريحُ الخيرِ من مهجٍ لهــا=لِتُعيدَ مجدَ إبائِها أقدارُهـا

إسلامُ أمَّتِنا سيهمي جارفا=عفـنَ الجُنـاةِ فقد أتى أبرارُها

واللهُ يحكمُ لامعقِّبَ إنْ مشى=نحو الوغى بجهادِهم ثوَّارُهـا

قـد أوجعتْ أضغانُهم أكبادَنا=تَبًّـا لهم وافى الشعوبَ أُوارُهـا

لكنَّه الدَّيانُ أيقظَ أمَّــةً=واليومَ يُشحَذُ للفــدا بتَّـارُها

***

حُكمُ الهوى والجاهليةِ باطلٌ=فيه الضَّلالُ مع التَّبارِ المحدقِ

قـد نالَ من لأوائِه متقدمٌ=أيامَ ظنَّ بأنَّـه لـم يُسبَقِ

وهوى به متأخرٌ فبدا وقد=لاقى الهوانَ بحـالِ سوءٍ مشفقِ

ذبلتْ غصونُ حضارةٍ مازانهـا=دينُ الإلـهِ بِشِهدِه المترقرقِ

لمَّـا تزلْ أفنانُ دوحتِها على=لفحِ الخريفِ فما بها من مورقِ

هي أختُهم حزنتْ عليهم إنَّما=قلنا لهـا : عن ذا المصيرِ تحققي 

***

لاريبَ : فالقرآنُ يحفظه الذي=بـرأَ الوجودَ وأنزلَ القرآنـا

هـم حاربوه لخسَّةٍ بنفوسِهم=حملتْ على إسلامنا أضغانا

لـو أنهم علموا بأنَّ عداوةً=لِنَبِيِّنَـا ستذيقُهـم نيرانا

لكنَّهم عميُ القلوبِ فمـا رأوا=لجلالِه وسُمُوه برهانا

الدِّينُ بـاقٍ رغـمَ سوءِ جحودِهم=وزَوالُهم آتٍ ألا قــد حانـا

هي أُمَّتي نفضتْ غبارَ هوانِها=إذْ أقسمتْ لـن تقبلَ الإذعانا

***

لا يأسَ فانتفضي فأنتِ حَرِيَّةٌ=لايأسَ فانتفضي فأنتِ حَرِيَّةٌ 

برضا الرحيمِ وطلِّقي الأهواءَ=قومي انظري أطيافَ روحٍ أقبلتْ

جاءت لدينِ المصطفى بُشَراءَ=يااُمَّـةَ القرآنِِ نجمُك لم يزلْ

رغـمَ الأعادي في العلى يتراءى=والسُّنَّةُ الغرَّاءُ أغناهـا الذي

جعلَ الشريعةَ منهجًـا وضَّـاءَ=خسئَ الأعادي جمَّعوا لك جحفلا

ملأ الدروبَ بحقدِه أشلاءَ=لكنَّه الفتحُ المبينُ يردُّهم

يومَ اللقاءِ ويدحض السُّفهاءَ=

***

ماكنتَ إلا مجرما متعجرفا= ياخِبُّ تنكرُ دينَنا الإسلامي

وتحاربُ القِيَمَ الحِسانَ لأُمَّـةٍ=كَرِهَتْكَ أعمى القلبِ والأفهامِ

هيهات تدركُ أن تدمِّرَ صرحَها=فهو العصيُّ على الزنيمِ الرامي

سترى السهامَ عليك يرجعُ شُؤْمُها=نارا قد استعرتْ وذاتَ ضِرامِ

كم مجرم قزمٍ ويحسبُ أنه=لغروره من عِليةِ الأقوامِ

وهو الذي بالإثمِ أمسى مثلَ مَنْ=آخى قطيعَ بهيمةِ الأنعامِ

***

في عصرنا هذا طغاةٌ أبرموا=بإرادةٍ عقدًا مع الشيطانِ!

لِيٌنَفِّذُوا مكرَ الصهاينةِ الذي=فيه نهايةُ محكمِ القرآنِ!

وله البنودُ لحربِ سُنَّةِ أحمدٍ=وفسادِ أهـلِ شريعةِ الرحمنِ!

وبه السفورُ مع الفجورِ وخبثه=آتٍ على الآباءِ والولدانِ!

وبه الدسائسُ لم تزلْ في زينةٍ=تغري شبابَ الجيلِ للعصيانِ!

هـم يمكرون وربُّنا الأعلى لهم=ياصـاحِ بالمرصادِ في الأزمانِ!

***

هي شدَّةٌ أدمتْ قلوبًا آمنتْ=باللهِ ربًّـا والحبيبِ رسولا

وهي النوازلُ والفواجعُ لـم نزل=تجتاحُ عرضًـا أمتي والطولا

وهي النفوسُ أخافها سهمُ الردى=يُرْمَى فتبصر في العبادِ قتيلا

ياربِّ أمتنا إليك مآبُهـا=لـم تَرْجُ غيرَك ربَّنا مأمولا

فَتَدَارَكَنْ ربِّـي تضرُّعَهَـا فقد=بحثتْ وما وجـدَ الصَّريخُ سبيلا

ياحيُّ ياقيُّومُ فارحمْ أمتي=كيلا يعودَ صريخُها مخذولا

***

القلبُ بالشَّوقِ المؤجَّجِ يخفِقُ=والحالُ بالحبِّ المعطَّرِ مُعْرِقُ

مـا للسُّهادِ بمقلَتَيَّ مكانـةٌ=عيني إلى الطيفِ المُحَبَّبِ ترمقُ

أسلَمْتُ فيضَ مشاعري لجمالِه=ولـه شَدَوْتُ فطابَ عندي المنطقُ

ومضيتُ لا ألوي إلى أحدٍ فقد=شُغِلَ الفؤادُ فمدحُ أحمدَ شيِّقُ

مـا لـذَّ لي إلا صياغةُ أحرفي=لقصيدةٍ في حبِّـه تتألَّقُ

وإذا ذكرتُ مُحَمَّـدًا أُلْفِي الدجى=برفيفِ أنوارِ المحبَّةِ يُشرقُ

***

إسلامُنـا دينُ الإلـهِ وقد صفـا=ما شابَـه خللٌ ولم يلحقْ عفـا 

يبقى ليومِ البعثِ في دنيا الورى=طوبى لِمَـنْ بِهُدَى سناهُ قد اكتفى

جَمَعَ الشرائعَ كلَّها جاءت كما=شاءَ الذي بِبَنِي الأنامِ تَلَطَّفـا

قد قَـرَّ في هامِ الوجودِ فشأنُـه=يُغري سليمَ القلبِ دِيْنًـا يُقْتَفَى

حتى إذا ما زُلزِلَتْ أركانُـه=وأتى قضاءُ إلهِنَـا وتكشَّفـا

خابَ الذي يلقى الإلهَ بكفرِه=ونجـا الذي تَبِـعَ الرسولَ المصطفى

***

دأبَتْ على حربِ الحنيفِ عصابةٌ=وعداؤُهـا للمسلمين عقيـمُ

الَّلهُ أركسَها بكلِّ فضيحةٍ=ولهـا من القومِ الأُباةِ خصيمُ

كـم حاقدٍ أعماهُ حقدٌ فانزوى=في خيبةٍ ، ولعلَّه المهمومُ

هـو جاهلٌ أعمى برغمِ ثقافةٍ=بفسادِهـا البادي هو المذمومُ

لـو أبطلَ استكبارَه وصحـا فقد=ظهرَ البيانُ الحقُّ والمكتومُ

ولفـازَ بالحسنى وأسعدَ نفسَه=وهو الذي من خيرِها محرومُ

***

الدِّينُ يحفظُه الإلهُ فليس من=أحـدٍ يردُّ مشيئةَ القهَّـارِ

إنْ يرتكبْ أهلُ الضَّلالِ حماقةً=واستنهضواالسُّفهاءَ في الأمصارِ

فمصيرُهـم يرويه فرعونُ الذي=أخَذَتْهُ غضبةُ ربِّنـا الجبَّـارِ

فقواطعُ الأقدارِ لـم ترحمْ إذا=آذى العدوُّ كتائبَ الأبرارِ

فَلْتَحْمِلِ الإسلامَ عنوانَ الهدى=وملاذّ أهلِ التَّوبِ والأذكارِ

وَلْتَبْشِرِي يا أُمَّتي بالفتحِ قد=هبَّتْ نسائمُـه على الأطهارِ 

***

آمنْتُ أنَّ اللهَ ليس بتاركٍ=أهـلَ الفسادِ وزمرةَ السفهـاءِ

يحيون في بطرٍ وفي عبثٍ وفي=وَلَـهٍ بِحـانِِ الفُحشِِ والأهواءِ

يستهزئون بأُمَّـةٍ قرآنُـها=ينهى عن الإغـواءِ والفحشاءِ

ويناوئون السُّنَّةَ الغرَّاءَ في=صَلَفٍ لهم وبذاءَةٍ وهُــراءِ

هيهاتَ يهملُهُم قضاءٌ غيبُـه=يأتيهُـمُ بالطَّعنةِ النجــلاءِ

لـم ينـجُ من أفرادِهـم أحدٌ ولم=يسلمْ إذا نزلتْ من الرؤساءِ

***

لـم تخشَ أُمَّتُنـا عدوًّا غازيًـا=فالنصرُ كانَ لأُمَّـةِ القرآنِ

وبقدرةِ اللهِ العزيزِ وليس في=حشدِ الضَّلالِ وكثرةِ الأعوانِ

والجيشُ يُنصرُ بالعقيدةِ والتُّقى=وبإذنِ ربِّ العرشِ في الأزمانِ

فمنِ استعدَّ بما لديه من القوى=وأتى الجهادَ بقوَّةِ الإيمانِ

متبرئًـا من كلَِّ مايرمي إلى=وّهَنِ النفوسِ وموئلِ الخذلانِ

فاللهُ ينصرُه بلا ريبٍ على=أهلِ الضَّلالِ وعابدي الأوثانِ

***

ستزولُ عوسجةُ الأذاةِ مُدَمَّجَـهْ=يومَ النِّداءِ فبئسَ غرسُ العوسَجَهْ

ولربَّمـا تُسفَى بريحِ عُتُوِّهـا=فالشَّوكُ لسعتُه الخبيثةُ مُزْعِجَـهْ

هب بالغرورِ وبالتَّنَمُّرِ لـم تزلْ=في غمرةِ استكبارِهـا مُتَبَرِّجَـهْ

هي في الغيوبِ كتابُهـا يحكي لهـا=أنَّ الضَّلالةَ لـم تَفِدْهـا البَهْرَجَـهْ

فتبختري بين الرمالِ وعربدي=واستمتعي بسرابِ دنيا مُبْهِجَـهْ

لكنْ مصيرُكِ للزوالِ فأيْقِنِي=هيهاتَ تنفعُ للغريقِ اللجْلَجَـهْ

***

عهدي بمجدِ عقيدتي لاينثني=مهمـا تلظَّتْ جمـرةُ الأحزابِ

فجُذورُه أرسى قواعدَهـا الذي=بـرأَ الوجودَ بحكمةٍ و صوابِ

ولربما يلفي الرَّضيعُ سفاهةً=من مجرمٍ ذي خِسَّةٍ مرتابِ

ويذيقُ من سمِّ الأذاةِ براءَةً=في نابِ كلبٍ قـد عوى وذئابِ

فالكفرُ يعمي والفجورُ يجـرُّ مَن=فَقَـدَ الضَّميرَ لفعلِ وحشِ الغابِ

لكنْ يُجازَى ليس يفلتُ إنَّمـا=يلقاهُ قبلَ حلولِ يومِ حسابِ

***

طفحَ الأسى لاتَعْجَبَنْ وانهلَّ من=عينِ الرجـالِ من المدامعِ تُفْصِحُ

ما نالَ أهليها الصَّغارُ ولا أتى=يومًـا عليها من ركونٍ يقدحُ !

صُحُفُ النَّوازلِ ليس يجهلُها الذي=للـــهِ في ظُلَمِ الخطوبِ يُسَــبِّحُ

خُلِقَتْ ليبلوكم ، هي الدنيا وفي=غـدِهـا التَّقِيُّ من المكانةِ يُمنَحُ

والمسلمُ المشَّـاءُ بالقيمِ التي=جاءتْ من الباري المهيمنِ يُفلحُ

الفائزون استأثروا بعقيدةٍ=فمُهَلِّلٌ و مُكَبِّـرٌ و مُسَبِّحُ

***

وَلَنُهْلِكَنَّ الظالميـن ، وإنّها=لَبِشَـارَةٌ ممَّنْ بَرَاكَ تعالى

فَثِقَنْ بقدرتِـه وحاذرْ أنْ يرى=هذا العدُوُّ لحالِـكَ اسْتعجالا

فالَّلهُ يقضي الأمرَ في تدبيرِه=والخيـرُ في تدبيرِه مـا زالا

لاتَقْنَطَنَّ وأنتَ ممَّنْ قـد رأوا=لمَّـا أذاقَ المجرمين نكالا

لايملكون وحـقِّ ربِّك مأمَنًـا=ممَّـا جنوا فأذلَّهم إذلالا

واقرأْ هنــا صحفَ الذين تمرَّدوا=و اللهُ يضربُ للورى أمثالا

***

إســلامُنا لبني الأنامِ يُبشِّرُ=ولكلِّ شــرٍّ في البريَّةِ يُنكرُ

الَّلهُ أنزلَـه برحمتِه التي=شملتْ خلائقَه وهاهي تهمرُ

وبه الذين قد اصطفاهـم ربُّنا=عاشوه حقلا بالمآثرِ يزخرُ

أمَّـا الذين تَنَكَّرُوا إذْ غرَّهـم=زيفُ الحياةِ ، وبهرجٌ مُتَصَحِّرُ

فَهُـمُ المفاليسُ الحيارى دأبُهم=مُتَعٌ تزولُ ، وبلقعٌ لايُثمرُ

فاصمدْ أخـا الإسلامِ في الدنيا ولا=تخشَ العِـدا . فاللهُ منهم أكبرُ

***

احذرْ أخـا الإسلامِ رفقةَ مَن رأوا=أنَّ الحياةَ لفـاجرٍ أو كافـرِ

وانهضْ بنفسِكَ بالعقيدةِ إنَّهـا=نـورُ الفتى رغـمَ الظلامِ الجائرِ

فالآخرون ومَن تَتَبَّـعَ سعيَهم=بارتْ تجارتُهم بصفقةِ خـاسرِ

أنتَ المؤمَّلُ للعبادِ مُحَذِّرًا=من فاسقٍ ومنافقٍ ومكابرِ

لاتخدَعَنَّكَ في العصاةِ ثيابُهـم=قـد زُيِّنَتْ زورًا بغيرِ مآثـرِ

مَنْ لـم تكن تغنيهِ سورةُ والضُّحَى=سيعيشُ بهرجَ مفلسٍ ومغامرِ

***

لابُـدَّ من فرجٍ فربِّـي راحمٌ=وقضاؤُه لايقبلُ التأويلا

اللهُ قـدَّرَ فَارْضَ إنَّ مشيئةً=كُتبتْ عليك فلا تعشْ مشغولا

واعلم بأنَّ الخيرَ في صفحاتها=فاصبرْ ولا تُـبْدِ الأسى مخذولا

وإليه فالجـأْ مؤمنًـا متضرعًـا=تلـقَ الهَنَـا لأُولي الرضـا مبذولا

فالنازلاتُ إذا اكفهرَّ ظلامُها=سيجيءُ صبحُ نهارهـا مأمولا

يقضي الإلـهُ بحِلمِـه وبعلمِه=فَخُذِ القضـا واستقبلِ التنزيلا

***

إنَّ اليقينَ برحمةِ الغفَّـارِ=لَفريضةٌ كانت لدى الأبرارِ

يطوي بهـا ذو الصَّبرِ سوءَ رَزِيَّـةٍ=حتَّى لو اتَّقدَتْ كجمرِ النَّـارِ

مـا دامَ أمرُ الخلقِ في يـدِ مُنعمٍ=سيزولُ مـا في العيشِ من إعسارِ

فهو ابتلاءٌ للعبادِ وليس مِن=مجرى العذابِ أتى على الكفَّارِ

ولذاكَ يُرفَـعُ بعدَ أنْ أوفى لهم=مولاهُـمُ من نِعمةٍ ويَسَارِ

واللهُ يرحـمُ بعدَ توبةِ مَنْ عصى=ويُـثابُ بعدَ الغيِّ والأوزارِ

***

ياربِّ مكِّنْ في الفؤادِ رجاءَنا=بكَ واجْبُرَنْ كسرَ الذي لكَ يسألُ

هذا زمانُ الخطبِ أحدقَ ربَّنَـا=بالمسلمين وبالفواجعِ ينـزلُ

فَتَدَارَكَنْ ربِّـي عبادَك إنَّهـم=ذاقوا المرارةَ طعمُها لايُجهَلُ !

في شامنا وعراقِنا وهناك في=يمنِ الإباءِ بلاؤُهـا يستفحلُ

فالدُّورُ خاويةٌ على أركانِهـا=والناسُ فيهـا قُتِّلُوا أو رُحِّلُوا

فامننْ إلهي بانفراجٍ منك لا=تَبْقَى دقائقُ خطبِهم والمجملُ

***

دَعْهـا تَــرَ الأفذاذَ من أبنائها=وهـي التي إنْ شاهدَتْهم تُفْجَـعُ

أبناؤُهـا الأبرارُ باتَ ينوشهم=سجنٌ وبابُ أذى يَدَيـْهِ مزمعُ

وكأنَّهم أسرى لدى أعدائِهـم=فلهم عذابٌ بالفضائع ِيُشرَعُ

خطُّوا بصبرِهم الجميلِ رسائلا=تروي معاني صبرِهم إذْ رُوِّعُوا

والشَّامُ تدري ما السجونُ وما الأذى=ساءَ المصيرُ بها وساءَ المطلعُ

لكنَّهم صبروا فكان ثوابُهم=عندَ الإلهِ وفيرُه لايُقطَعُ

***

هذي بلادُ المسلمين مآتـمٌ=أضحتْ بدنيا العالمين مثـالا

نالتْ يـدُ الطغيانِ منها زهوَهـا=ورمَتْ بَنِيْهَـا بالهمومِ ثِقـالا

وهي التي كانت لكلِّ مروءةٍ=أهـلا ونالت في الأنامِ كمالا

تشكو مناكبُهـا التي قـد أُنْهِكَتْ=تَعَبًـا أخَـلَّ بعزمِها و كلالا

دخلتْ بها دنيا العجائبِ كونُها=أهل المكانة منه جـلَّ تعالى

أتُصابُ بالنَّكباتِ تقصمُ ظهرَهـا=والوحيُ هـلَّ بأُفقِها إهـلالا!!!

***

لا . لـم يُحَرَّفْ . إنَّـه في حفظه الله تعالى=وَلْيَخْسَأ الأعداءُ أعداءُ الحنيفْ

أبـدًا ولن يقوى على طمسِ الهُدَى=حقدٌ ولا بغيٌ ولا كيدٌ عنيفْ

أفياءُ مصحفِنا نسائمُها لنـا=روحٌ تجدِّدُ أمسَنا العَطِرَ الوريفْ

هـو في القلوبِ مكانُه . لمكانـةٍ=تسمو ، وليس مكانُه فوقَ الرفوفْ

رَتِّلْهُ في الآناءِ تَــرْقَ منازلا=عندَ الكريمِ غدًا إذا طالَ الوقوفْ

بشراكَ لا تخشى المسيءَ ولا الذي=يشويه جمرُ الحقدِ أو نارُ الصروفْ

***

الَّلهُ يسألُ مَن طغى فيهـا ومَن=لـم يرضَ بالإسلامِ في الدنيا نظامْ

فـاصدعْ بـه ماضرَّك الأعمى فقد=ضـلَّ الطريقَ وضاعَ في هرجٍ وَهَامْ

وانهجْ سبيلَ المصطفى ، واصبرْ إذا=مـا ضاقَ صدرُك من أقاويلِ اللئـامْ

واعبدْ إلـهَ الخلْقِ لا تحزنْ ففي=ذكرِ الإلـهِ سكينةٌ تنفي الأُوامْ

لايأخُذَنَّـك مكرُهم فلهم وإنْ=ظهروا بهذا البأسِ طغيانًا ضِرامْ

وادعُ الذي بيديـه كلُّ الأمرِ لا=تنسَ الدعاءَ عليهمُ فهو السِّهامْ

***

وهنا عقيدتُنا ، هنا بقلوبنا=ولها الفيالقُ بات يرهبُها العِـدا

والمُلكُ للدَّيَّـانِ يحفظُها وكم=أفنى أعاديهـا على طولِ المدى

مهما فعلتُم لن تضروهـا ولن=تُطوَى صحائفُهـا فأُمتُنا الفِـدا

اللهُ أنزلهـا وأكرمَ أهلَهـا=من فضلِه ولأجلِهـا يحلو الرَّدى

تُتلَى مثانيهـا فتحيـا أنفُسٌ=وتهبُّ تُنجدُ حينما نادى الهدى

والسُّنَّةُ الغــرَّاءُ إرثُ مُحَمَّــدٍ=تُفدَى ، ونَفدِي بالقلوبِ مُحَمَّــدَا

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين