إغاثة الملهوف والرحمة بالحيوان

 

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " بَيْنَمَا كَلْبٌ يُطِيفُ بِرَكِيَّةٍ كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ، إِذْ رَأَتْهُ بَغِيٌّ مِنْ بَغَايَا بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَنَزَعَتْ مُوقَهَا فَسَقَتْهُ، فَغُفِرَ لَهَا بِهِ ".(البخاري ومسلم)

هذه صورةٌ من صُوَر كمال شريعتنا وجلالها وعظمتها٠

ما أيسره من عمل! وما أعظمه من أجر!

يشكر الله تعالى لمن عطف على كلبٍ نجس، ويغفر سبحانه لبغيّ من البغايا لأنها أنقذته من مُعاناة شدّة العطش.

فما بالكم بمَن ينقذ مسلماً موحداً من شدّة الجوع، وآلآم المرض والعجز؟ وما قدْرُ مَن يخفّف مُعاناة طفلٍ أو عجوزٍ يتلوّون من زمهرير الشتاء وصقيع الثلوج؟

لقد عظّم الله تعالى من شأن تنفيس الكروب، وتفريج الهموم، واختصّ بها صفوةَ الناس وخيارهم، وكان من أجلّ مؤهّلات سيّد الخلق صلى الله عليه وسلم لاصطفاء الله له أنّه (يحمل الكلّ والعاجز، ويُعين الناس حال المصائب والبلايا)٠

ومَن عاش لنفسه عاش صغيراً ومات صغيرا، ومَن عاش لغيره عاش كبيراً ومات كبيرا٠

وفي المقابل أسوأ الناس وشرّهم مَن عسّر على الناس وضيّق عليهم، وأثقلهم بالهموم والكروب٠

اللهم اجعلنا مفاتيح للخير، مغاليق للشرّ٠

رحمة المسلم بالحيوان:

قصة مميزة بحدثها وأشخاصها.

هذه القصة سمعتها أذناي ووعاها قلبي، من فم الشيخ أحمد كعكة شيخ الشافعية في حمص، وشيخ والدي، رحمهما الله،

دخلت على الشيخ أحمد في غرفة الشيخ طاهر في الجامع الكبير بحمص، بعد صلاة الظهر، في يوم شتوي ذي برد قارس، عام 1978 م وبحضور بعض الاشخاص، حدثنا الشيخ- بمناسبة البرد الواقع- عن بعض ذكرياته.

قال الشيخ: عندما كنت طالبا في المدرسة الشرعية بحلب (الخسروية) كنت أبيت في السكن الداخلي في نفس الغرفة مع الشيخ محمد الحامد (علامة حماة فيما بعد)

قال الشيخ: صلينا الصبح ذات يوم شتوي بارد في المسجد، وخرجنا، فإذا بالثلج يتساقط بغزارة، وتوجهنا للغرفة لنجهز أنفسنا للذهاب للحصة الدراسية، وكان بقرب الغرفة (حوض زراعي) فيه شجيرات ورد صغيرة، فإذا بهرة تموء بألم، فنظرنا فإذا هي في حالة مخاض (ولادة).

فما كان من الشيخ محمد الحامد رحمه الله (وهذا مقصود القصة) إلا أن أتى ببعض عيدان القصب، وغرسها حول شجيرة الورد، وخلع معطفه الشتوي (الساكو) ووضعه فوق العيدان، فصار كالخيمة يحمي الهرة من الثلج المتساقط، ودخلنا الغرفة وأخذ الشيخ محمد يرتجف من البرد، وهو قليل التحمل للبرد، لكنه آثر الهرة على نفسه، ولم يكن في الغرفة وسيلة تدفئة، حيث التدفئة على الفحم، والوقت لا يسمح بإعداد منقل الفحم.

وذكر الشيخ أحمد مزايا أخرى للشيخ محمد الحامد...

رحم الله علماء المسلمين، قرنوا العلم بالعمل.

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين