إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء

جاء في كتاب " إعلام النبلاء في تاريخ حلب الشهباء" 72/6 عند ترجمةِ العلاَّمةِ تاجُ الدِّينِ إبراهيمُ دَدَه الصُّونسي مفتي حلب وأوَّل مُدَرِّسٍ للمدرسةِ الخُسْرَوِيَّة المُتَوفَّى سنة 973هـ/1566م، عن سبَبِ سلوكهِ طريقَ العلمِ الشَّرعي مايلي:......

" كان صاحِبُ التَّرجمةِ يتَعاطى صَنْعةَ الدِّباغةِ في أماسية بتركيا، حتى أنافَ عن عشرين عاماً، فاتفقَ أنْ جاءَ إلى المدينةِ مُفتٍ من عُلماءِ ذلك العَصْر، فأضافَهُ أعيانُ البلدةِ في بعضِ البساتين، فلمَّا باشروا الطَّعام طلبوا من يَجمَع لهم الحَطبَ والمُتَرْجَم قائمٌ على زيّ الدَّباغين، فقال أحدُهم مُشيراً إليه: ليذهبَ إليهِ هذا، ففَهم من ذلك ازدراءَهُ، وعَلِمَ أنَّه ليس ذلك إلا من شائبةِ الجَهلِ، فذهبَ إلى جَمْعِ الحطبِ وفي نفسهِ تأثرٌ عظيمٌ من ازدرائه وتحقيرهِ، فلمَّا بَعُدَ عنهم نَزَلَ إلى ماءٍ هناك وتوضَّأ وصلَّى وتضرَّع إلى الله تعالى بالخَلاص من رِبْقَةِ الجَهل واللّحوقِ بمَعاشر الفَضل، ثم عاد إلى المَجلس، واقترب من المُفتي وقال له: أريدُ تركَ الصناعةِ والدُّخولِ في طَلبِ العِلم، فقالَ المُفتي: أبعدَ هذا العُمْر تطلب العِلْم، فتضرَّع إليه وأبْرَمَ عليه في القَبول، فقَبِلَهُ المُفتي، وفي اليومِ التالي باعَ ما في حانوتِهِ واشترى مُصْحَفاً، وذهبَ إلى بابِ المُفتي وبدأَ في القراءة وثابَرَ وجَدَّ في التَّحصيل وطلبَ العِلْم، إلى أن صارَ مُعيدَ الدَّرسِ في مدرسةِ السُّلطان مُراد بمدينة بروسة، ثم تنقَّل بالتَّدريس في أعاظمِ المدارسِ في الدَّولة العثمانية إلى أنْ تبوأ مقامَ الإفتاء بحلب وتدريس المدرسة الخُسْرَوِيَّة فيها".

المدرسة الخُسْرَويَّة؛ أُنشِأتْ سَنَة 951 هـ/1544م بمَساعي "خُسْرو باشا " الذي ولِّيَ أمرَ حلبَ سَنَة 938 هـ/1532م والَّتي نُسِبَ اسمُها إلى اسمِهِ، في زَمن السُّلطان سليمان القانوني، وذلك تجاهَ بابِ قلعة حلب،ثمَّ أوقفَ لها أوقافاً واشترطَ لها شُروطاً، فكانتْ أوَّل مَدرَّسةٍ وجامعٍ وتَكيَّةٍ تمَّ بناؤها بحلب زَمنَ الدَّولة العُثمانيَّة. أُجْرِيَ تعديلٌ على اسمها سَنَة 1364هـ/1945 م فأصبَح اسمَها "الكلَّيَّة الشَّرعيَّة"، ثُم أُجْرِيَ تعديلٌ أخير على اسمِْها فأُطْلِق عليها "الثانوية الشَّرعيَّة" سنة 1379هـ/ 1959م.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين