أيهما أولى طاعة الزوج أم طاعة الأب

نص الاستشارة :

أعمل في محافظة غير محافظتي بينما تعمل زوجتي في محافظتنا وترى أحقيتها في الاستمرار هي وأبنائي بعيداً عني رغم وجود خيارات بديلة لنقل داخلي لنفس مجال وجهة عملها بمحافظة عملي.

طلبت منها ومن أهلها أن تنتقل للعيش والاستقرار معي وأوافق على عملها بشرط تواجدها معي كي لا أُحرم منها ومن أبنائي ولكنها ترفض طاعتي في هذا الأمر، رفضاً تاماً وترفض الانتقال للعيش معي، رغم تحذيري ونصحي لها أن الأولوية في الإسلام لي ولبيتها، ولكنها تصر أن أولوياتها عملها بنفس المكان والعيش بمحافظتها، ويؤيدها في ذلك والدها رغم عدم اعتراضي أبداً على زيارة أهلها بشكل دائم، وعلى عملها لتحقق ذاتها دون الإخلال بواجباتها الأسريَّة والحفاظ على استمرار الحياة الأسرية بيننا.

أريد أن أعلم الحُكم الشرعي هنا، والنصيحة لكلا الطرفين، وجزاكم الله خيراً.

الاجابة

طاعة الزوج بالمعروف واجبة على الزوجة، وبغير هذا لا تستقيم الحياة الزوجية والأسرية، فالإسلام جعل المسؤلية الأعظم على الرجل من توجيه الأسرة ورعايتها والإنفاق عليها والقيام بمسؤوليتها، وجعل أيضاً العصمة بيده لقاء هذه المسؤوليات العظيمة.

قال الله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ ...} [النساء:34] قال الطبري: ذلك تفضيل الله تبارك وتعالى إياهم عليهن، ولذلك صاروا قواما عليهن نافذي الأمر عليهن فيما جعل الله إليهم من أمورهن. وقوله ـ قانتات ـ يعني: مطيعات لله ولأزواجهن.

ولا تستقيم الحياة في ظل تنازع رغبات خارجية عن إرادة الأسرة، حتى لو كانت رغبة والد الزوجة أو أهلها، فطاعة الزوج هي الواجبة هنا و هي مقدمة، وليس للأب ولا لأهل الزوجة طاعة في هذا الأمر، فعلى الزوجة طاعة زوجها وإيثار رغبته، ولا بد أن تدرك خطر ما هي مقدمة عليه إذا خالفت زوجها وتمرَّدت عليه مما سيؤدي حتما إلى إفساد الأسرة، وضياع الأبناء. بالإضافة إلى أن الأبناء يحتاجون وجود الأب إلى جانب أمهم أيضاً حتى تستقيم تربيتهم، فوجودهم بعيدون عن الأب يحرمهم من حقوقهم.

ولتحتسب الزوجة الأجر في طاعتها لزوجها وحرصها على رضاه فهذا من خير أعمال الطاعات التي تقربها من الله عزَّ وجل، فعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ " [رواه أحمد. ورواه ابن حبان من حديث أبي هريرة].

وعمل المرأة لا بأس به ضمن الضوابط الشرعية، على أن لا يخلَّ بواجبها ووظيفتها الأساسية من تربية الأبناء ومراعاة حقوق الزوج والحفاظ على البيت، فإن أخلَّ بذلك ولم يمكن التوفيق بين عملها وبيتها فلا بد أن تقدِّم وظيفتها الأساسية في بيتها وأسرتها فهي الأهم بلا شك. ويمكنها إن احتاجت للعمل أن تبحث عن عمل آخر لا تكون أعباؤه وتبعاته كثيرة لئلا يتعارض مع مسؤليات بيتها. والله أعلم.

وللعلم وبالرجوع الى قوانين الأحوال الشخصية المستمدة من الشريعة الاسلامية ، فإن الزوجة إن لم تشترط في العقد ألا يسافر بها زوجها فعليها أن تتبع زوجها حيث يقيم أو يعمل ، ولا شك أن هذا القيد وضع لمنع الاختلاف و التنازع في هذا الأمر، و الله أعلم 


التعليقات