إن الناظر في أحوال المسلمين اليوم قد يظن أنه لا أمل في تغيير واقعهم ، وأنه إذا دعا إلى الله فيهم فكأنما ينفخ رماداً ، أو يحاول -عبثاً - أن يحي رميما ! وأنى له؟
ولا ريب أن أكثر المسلمين قد تنكبوا الطريق، وحادوا عن الجادة، وأخذوا ذات اليمين وذات الشمال ؛ ومع ذلك فلا ينبغي أن ييأس المصلحون من الإصلاح،ولا أن يترك الدعاة دعوتهم؛ فما زال الخير في الأمة ممتدا ، وفي الزوايا خبايا، وفي الناس بقايا .
قال صلى الله عليه وسلم : " مثل أمتي مثل المطر لا يدرى أوله خير أو آخره " . ( صحيح الجامع ???? ) .
وقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم وحده، والكفر قد ملأ الآفاق ، والناس من حوله بين مشرك وكافر ووثني وملحد .
وعند الناس من العادات والرسوم والأوضاع الجاهلية ما لا يتصور .
ولهم من الأخلاق الردية ،والآداب غير المرضية ما قد شبوا عليه وشابوا .
ومن العناء رياضة الهرم ،
ومن التعذيب تهذيب الذيب .
والقضيب الرطب يقبل الانحنا فإذا طال عليه الزمن صعب واستعصى .
فلم يؤثر ذلك كله في النبي صلى الله عليه وسلم شيئا، وقام وحده يدعوا الناس إلى التوحيد ، ويردهم إلي الأخلاق العلية والآداب المرضية حتى أنشأهم نشأة جديدة .
وخلع كل واحد منهم على عتبة الإسلام كل تعلق له بالجاهلية ،
وغير وجه العالم ،وحول مجرى التاريخ .
فإن قيل: هذا رسول الله المؤيد بالوحي المعان من السماء وليس لنا ذلك ؟
فالجواب: أن الداعي إلى ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم له من الإعانة والتسديد والتوفيق بقد قربه من منهجه ودعوته .
وهذه سير الصالحين والمصلحين في الأمة معلومة مشهورة ؛
فأبوبكر أعاد الناس إلي الإسلام بعدما ارتدوا .
وثبت الله الأمة بأحمد يوم المحنة .
وشيخ الإسلام ابن تيمية قام في وجه المبتدعة حتى قمعهم
وابن عبدالوهاب جدد في الناس الدعوة إلى التوحيد .
وغيرهم كثير ممن دعو إلى ربهم وبارك الله في دعوتهم
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم ::: إن التشبه بالكرام فلاح
التعليقات
يرجى تسجيل الدخول