![أو حسبت أن نيل العلا بالتمني..؟](https://islamsyria.com/storage/Setting/default_image/no.png)
في ديدنك الكثير من طرح السؤال ..في تألقك المضيء كثير من الفضول ..في تألقك كالنجم في السماء إنارة عن اسمك ، من تكون و كيف وصلت إلى قمة الهرم..و الأخص الأخص إلى أي سلالة تنتمي..
إن كنت توجه هذه الأسئلة لي فان لي شجونا سيغلب ملكتي في أن أكبته ، لكني سأتناول بنودا منه لان رجلي كانت في الثرى و عيني كانت تتطلع إلى السماء..كنت أسارع الخطى في سباق للنهر و من ورائي أعداء تنادي علي أن قفي مكانك فنحن أولى بالركض من غير سرعة..فرحت أستلهم وافرا من السلام و قسطا من تاريخ أسلافي لأصارع كل هم ، فالمشقة بالنسبة لي كانت بلسما حتى لا أهتم بمن ينادي علي، هاجرت و تركت راحة تنسيني الهم و الوهن، رحلت إلى حيث الجد أين كان الأمر مني وعدا و الوقت ليلا ليس براحم لنعاسي ، فانطلقت من سرداب الأمنيات و رتلت أحلى الآيات ، حرصت على ما ينفعني و تركت ما يبغضني ، أقلقني المر و نال من ذوقي الرفيع السخر ، فمشيت أميالا و أميالا سنوات طوال و برزت بالقلم متمردة على كل من صارع في قول الحق لأجاري هدير الماء و ارتقب الدر في بواطن البحر حتى انعم بجميل الصدف ، كنت أستمد الرؤية ممن حولي ، لأن الحياة كانت لي وقتها دمعة و شمعة تحترق و صلاة في ليل تستبق بكاي حينما أطفأت علي أنوارا و لم أتسلق وقتها أسوارا و لم أجد حضنا يدفيني و البرد من حولي يسكنني في قبوة الجمود ، فهمت أن حياتي ستتحول إلى جهاد فلم يكن لي ركن أرقد فيه إلا و استيقظ فجرا فقد حان موعد الكفاح ، كانت حركتي متوقدة أن لا اغفل عن كنزي من ميراث من أحبني في أن أحافظ بمسك يدي على مفتاح الحرية و لست أنام نوم العوافي و لا أطرب طروب المتمتعات و لست أسأم من سم وزع لي في مشارب الاغتيال ليرتسم لي ظل يتبعني على الطريق ، فكان أن قرأت سيرة أصحاب العزائم المتوقدة ، ففهمت أن من يريد أن يدرك مقصده لابد له أن يبدأ في طلب الرزق من طلوع الشمس إلى غروبها فاستعملت في ذلك سبيلا إلى الحلال بصفاء المشرب و المأكل هذا ما يجب و حتما و يقينا أن تسعى إليه فحذفت من دفتري ربما و عسى و قد ، مسحت الهناء من محياي لأني لست للنوم متذوقة مهما حاولت .
حكايتي بدأت مع النضال يوم انكسر جناحي على حين غفلة فقلت ويحي و من لي لتقواي بمد لي بسواعد تنصب شراع سفينتي مجددا ، لجأت إلى أن اعدل و اصدق و انوي طيبا فالأمر صعب لم يكن بتاتا سهلا ، خرجت من ظلمة القيد و نفضت غبار الاحتقار و لم أنس لا صلاتي و لا تسبيحي و لا ارتحالي بكياني و فكري ، فكانت لي في صورة الأسد و الليث خير هندسة لوثبة الرفض للتخلف ، و لم أسمح لماء نهري أن يكون راكدا ، أردته سيالا رقراقا بقدر سرعتي و تدرعي بالصبر ، سبقت في ذاك من طاردني و ابتعدت كثيرا من طوق الظلم و الظلام و رحت أحفظ الدعاء خلف الدعاء فلم يدنو الفساد من مجرى حياتي ، و رحت بأجدافي أرسم تكريما لي برسم لم ينفذ بعد و لو أن التعب و الملل نال مني اوقاتا و أياما بل أعواما ، سللت نفسي كما يسل الخيط من سم الخياط و قررت الرجوع من حيث أتيت لأني بكيت أمجادي و أسلافي في أني قد لا أقدر ،فلا داعي لمساءلتي عن وقتي و مشاريعي و صحتي و طموحي ، لكني بدأت بالشكر أولا أن يا رب إني أتوق أن أكون أنا و ليس شخص آخر ، أريد صلابة لجسدي كتماسك الحديد و ركض الضباء في براري الجفاء ، لقد قمت و أدركت الخطى ، فلا بد للهمم أن تحترق و تلمع و تذوب بالكامل إن أرادت المعالي فهي تأتي بحسب عزيمة المراد ، فالأماني العالية تحتاج أن ينال المجد بكفة من قوة ، فهل في سؤال سبق لي فيما أريد و ما وصلت إليه ؟...
سل عني كل من مررت به و ألقيت السلام عليه و رميت تحت قدميه قلادة الضجر حينما غدر بي محبون كانوا لي مغيبون فاضحون متحادثون عني إن كان لوجودي معنى بعد كل ما عانيت و قاسيت ، سمعت الكثير من أرادوا بحثا عني ، فسكن السكوت في صمتي و بعذاب الذكرى أني لا أريد لي مسائلا بعد أن كسروا أقفال الأمان في مداخل السعادة أبوح برحيل اللحن منها منذ زمن ، و واسيت نفسي بهذه الأبيات :
اياك أن تزدري الرجال فما يدريك ماذا يكنه الصدف
نفس الجواد العتيق باقية و إن مس جسمه العجف
و الحر حر و إن ألم به الضر و فيه العفاف و الأنف
هو ألمي و تحملي كان فيهما الوزن الثقيل من المهابة ، و صمتي و احتسابي ضما كثيرا من الاستماتة ، سامحت و كررت الحلم مرات و مرات لأختزل دروبا من العراقيل و لست أمانع في أن افتح باب قلبي لكل من يطرقه ، لأن جمال التمني بالشهادة يضفي على صاحبه سترا من الوقار أينما حلل، و يبقى كل من جد وجد و كل من حفظ الله أسدلت عليه ستائر العز و الغنى و الهمة ، هكذا كانت مسيرتي و لست أدير ظهري للوراء إلا لمن طلب مني إصلاحا أو استدراكا .
إن الليالي التي شغفت بها غيبها الهر في تقلبـــــــــا
لله أمري ما ملت قط إلى شيء بقلبي إلا فجعت به
عرفت حظي من الزمان فلا ألوم خلقا على تجنبه
و كل سهم أعددته وقفت به الليالي حتى رميت به
نعم ، تكسرت علي النصال و ما باليت ، هان علي كل أمر لأن أمر الموت أجل و أصعب ، لذلك أكملت دربي و في شكوكي صمت رهيب حينما كشفت النقاب عن كل ما لم يكن لي واضحا :
كل خليل خاللته لا ترك الله لي واضحة
كلهم اروغ من ثعلب ما أشبه الليلة بالبارحة
و ما أشبه ضعفي وقتها بعجز ناقة أن تستقيم بقامتها بعد ركود على أرض الراحة ، و لكني وثبت من كبوتي إلى ما لم ارسم له نقطة التقاء مع من شككت ظهورهم فيما بعد فكان أن حاسبت نفسي طويلا :
ابدأ بنفسك فانهها عن غيها فإذا انتهت عنه فأنت حكيم
فهناك تعذر أن وعظت و يقتدى بالقول منك و يقبل التعليم
لا تنه عن خلق و تأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم
نعم ، عاتبت نفسي طويلا ، هي هكذا سنة الأولين ، حتى لا أقعد مع القاعدين في أسفل السافلين ، فلم يكن المنى مني بالتمني ، و لم أر نور القمة إلى من فتحة أمل أتيحت لي من جديد لأهب إلى قمة الإبداع و الجمال بعد أخطاء و عراقيل و مرارة و غربة و وحدة كانت لي في مجملها دروسا لا حاجة لشارح في مغزى المحنة و قد قرب فجر الانتصار بزوغا فلك الإجابة من بن الرقاع :
و لقد أصبت من المعيشة لذة و لقيت من شظف الخطوب شدادها
و علمت حتى لست اسأل عالما على حرف واحدة لكي أزدادها..
و إلى أن يحين تفصيل و شجون آخر ، أتمنى أني أجبت إجابة مقنعة في أن نيل العلا يحتاج للتضحية بأعز ما تملك و ما تحب و فيمن تحب، نعم لتصل العلا اسهر طويلا و امش بعيدا و هاجر وحيدا ، لكنك ستطفو إلى فوق حيث يرفعك المجد نجما ساطعا و لست اعرف إن كنت ستتذوق طعم النجاح أم انك منتبه لما بعده، هنيئا لك المنزلة العالية، و إني أرفق قلمي بنقطة النهاية فاني أمسح دمع الذكرى و أغلق ملف الحيرة لمن تنكر لي و كأني له عدوا أو مناقضا ، فعني سل دروبا سرت عليها بخطى المرض و الضعف و أرفقت وصول النهاية باستراحة في سقاية لضمئي و كلي إصرار على الخروج بأقل الخسائر...لا تخش الطريق الطويل و لكن اخش عثرة قد تطيل فيك الوقوع و إني أنصحك أن تقفز قفزة الرفض و لو لم تقدر حتى لا يتفطر جسدك من طول السقوط ، ستتعلم الكثير من عقبات الطريق ، ارفع أحمال الصخور من أمامك فتحتها ترقد منحة هي لك ، فلا تنس أن الله يوفي الصابرين أجرهم بغير حساب ، لذلك كن كالأسد في قوته و هيبته و رافق جريان الماء في غير موضعه ، فهناك تحقق النتائج و تظفر بالنصر الكبير..و تنير كالثريا في ارتفاع الأثير ..و لك أن تكون أو لا تكون.
جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين
![](https://islamsyria.com/front/imgs/bg-vector.png)
التعليقات
يرجى تسجيل الدخول