أهم وأسهل طرق السعادة

 

لا يمكن لأي منا اليوم وخصوصا الشعب العربي والسوري أن ينكر أنه أصبح يبحث عن السعادة في خضم كل هذه الأهوال والمصاعب التي تدور من حولنا والتي يمطرنا بها الإعلام في كل لحظة، وأيضا في خضم واقع اقتصادي ومعيشي مضطرب، ولكن من أعجب ما اطلعت عليه من دراسات حول تحقيق السعادة، دراسة قام بها عالمان في جامعة عريقة، واستمرت عشرات السنين، وتبين في خلاصتها أن أهم طرق تحصيل السعادة، ليس هو المال والصحة والمكانة والجاه، بل هي أسباب قد تساهم في ذلك بعض الشيء، ولكن يوجد طريقة لتحصيل السعادة قوية وفعالة جدا، وقد أخذت السبب رقم واحد في كل الدراسات، وهي: عيش الفرد في حياة اجتماعية مترابطة جدا.

 

ويتحقق هذا الشرط للسعادة بأن يكون للإنسان مجموعة من الناس علاقته بهم وثيقة جدا، ويشعر معهم وبهم بالقوة والدعم والتعاون المتبادل.

 

وبرأيي تحقيق هذا السبب للسعادة سهل جدا لمن عرف كيف يصل له، وهو أيضا مفيد جدا في حالتنا نحن السوريين، فما أجمل أن يكون لك بخلاف عائلتك القريبة طبعا، مجموعة من الأصحاب المقربين تعملون معا على مشروع ما يأخذ منكم الوقت والجهد لتكبيره وإنجاحه، وفي خضم هذا العمل ستجدون كل السعادة التي تريدونها، ولكن بشرط أساسي أشارت له الدراسة، وهو أن لا يكون هناك أنانية طاغية، وأن تحب لأخيك ما تحب لنفسك، ويسعى كل فرد في المجموعة لخدمة الآخرين بكل صدق وإخلاص وحب وتفاني.

 

وهناك ورقة بحثية كتبتها حديثا حول هذا الموضوع بعنوان: (فريق النواة الصلبة في المجموعات / الأهمية والتكوين والإعداد).

 

وأخيرا لأصحاب النظرة السوداوية ومن يرى أنه من الصعب أن تجد مثل هؤلاء الناس بهذه المواصفات، أقول له: كلامك غير صحيح علميا وتشير الدراسات عكس ذلك، وأن الغالبية العظمى من البشر خيرون بالأصل ومحبون مخلصون، ولإثبات ذلك قاموا بإجراء اختبار وسؤال عدد كبير من الناس بشكل سري وغير معروف من الذي أجاب بالتالي ليس الشخص مضطرا للكذب في تلك الحالة، والسؤال هو عبارة عن قصة متخيلة وطبعا مناسبة للتفكير الغربي وتقول التالي:

 

لو حُكم عليك بدخول جهنم وعندما وصلت إلى باب جهنم ورأيت نارها، وقف الشيطان على الباب وقال لك عندي لك صفقة رابحة: (من الممكن أن أمنعك من دخول جهنم بشرط أن تختار أحد ممن تحبهم فيُلقى مكانك في النار وتنجو)

 

فكانت الإجابة من الغالبية العظمى من الناس الرفض المطلق، وفضلوا دخول النار من أن يدخل مكانهم أحد أحبائهم، وهذا يدل على قوة الحب الكبيرة في قلوب الناس (فطرة الله التي فطر الناس عليها)

 

أيها الباحث عن السعادة هناك طريق قصير وسهل ابدأ بالسعي له، وهو أن يكون لك مجموعة من الناس صلتك بهم وثيقة جدا تبادلهم الحب والنفع والخير والإخلاص والمودة وتعملون على مشروع مفيد لبلادكم، وستكسب من خلال المشوار معهم كل السعادة التي تريد، وأيضا ستحققون معا إنجازات كبيرة ومهمة على كل الأصعدة المادية والمعنوية.

 

ولا ننسى أنَّ الله خلقنا ذكوراً واناثا، وشعوبا وقبائل مختلفة، حتى نتعارف ونتعاون ويحب بعضنا بعضا، بشرط أن تكون التقوى والأخلاق الفاضلة هي التي تحدد مستوى تفوقنا عن بعضنا، وليس أي اختلاف آخر من لون أو شكل أو أصل.

 

قال الله تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى? وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ? إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ? إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ". 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين