أهل البيت في الحديث النبوي

إنّ الله سبحانه وتعالى كرَّم في كتابه الكريم أهلَ بيت رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم فقال تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ [الأحزاب:33]، وأوجب لهم الله سبحانه في القرآن العظيم حقوقًا وميزات، ميَّزهم بها عن بقية المؤمنين. -كما سيتضح في هذا البحث، إن شاء الله تعالى.

وأكَّد ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكَرَّر الوصية بهم في أحاديث كثيرة، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «وأهلُ بيتي، أُذَكِّرُكم الله في أهل بيتي، أُذَكِّرُكم الله في أهل بيتي، أُذَكِّرُكم الله في أهل بيتي».([1]) وغير ذلك من الأحاديث.

ولذا كان لزامًا علينا -معشرَ المسلمين- أن نقوم بهذه الوصية حق القيام استجابة وتنفيذًا لأمر الله تعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وآله وسلم.

وما هذا البحث إلا قيامًا بجزء من هذا الواجب الذي أكدته هذه الوصية، تعريفًا بهم وبفضائلهم، وتذكيرًا بحقهم على كل مسلم ومسلمة.

والمطالع لتاريخ الإنسانية في مراحله الطويلة يلاحظ ما امتاز به أهل البيت من فضائل ومحاسن كانوا بها أهلًا لما حظوا به من اهتمام عظيم في تاريخ المسلمين، فلا تكاد تجد أحدًا كَتَب في التاريخ أو في العظماء أو في الفضائل إلا وتجد لأهل البيت درجة السبق في ذلك كله.

وإذا كان الأمر كذلك فإنه لَشرَفٌ عظيم لِمَن أعانه الله تعالى على الكتابة في أهل أشرف بيت وُجد عبر تاريخ البشرية، لأنهم معين النبوة الخالص، فإن أهل الرجل أدرى به من غيرهم، كيف وإذا كانوا أهل العلم الواسع والعقل الراجح.

واللهَ تعالى نسأل أن يعيننا على ذلك، وأن يتقبله منا بأحسن قَبول.

أهمية البحث

تتجلى أهمية البحث في:

1- الحفاوة الكبيرة في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة بأهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، يجعل الكلامَ على هذه الأدلة بالتأكيد على مضمونها، وبيانِ المراد منها، وحدودِه، بالغَ الأهمية.

2- وإذا كان الكلام إنما يشرفُ حسب شرف المتكلَّم فيه، وإذا كان أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أفضل بيت أخرج للبشرية جمعاء، فإنّ تناوُلَ هؤلاء الأفاضل بالدراسة أمرٌ بالغُ الأهمية.

3- بيانُ عدلِ الشريعة في الثناء على أهل الفضل بما يستحقونه من فضل.

4- ومما يزيد هذا البحث أهميةً ما يلاحظه الباحث في تاريخ المسلمين من اختلاف المسلمين طوائف مختلفة وأحيانًا متناقضة حول هذه المسألة الهامة:

فقد وُجِد في بعض مراحل تاريخ المسلمين مَن ناصب أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم العداء بدوافع مختلفة حتى وصل الأمر ببعضهم إلى الكيد لهم، والكذب عليهم، بل قتْل بعض سادة أهل البيت كأبي عبد الله الحسين الشهيد رضي الله عنه.

وعلى الطرف الثاني وجدنا مَن بالغ في دعوى الحب لأهل البيت حتى غلا فيهم، فأخرجهم عن حدود البشرية، ونَسَبَ لهم ما لا تصح نِسبته إلا للخالق العظيم رب الأرض والسماء.

وبين هؤلاء وأولئك طوائف متفاوتة ومتدرجة من المبغضين الجفاة والمحبين الغلاة والغافلين اللاهين و...و...

ولذا كان لزامًا علينا -معشر المسلمين، وخصوصًا الدعاة والأئمة والخطباء- أن نبين للناس وجه الحق في هذه المسألة الحساسة، وأن نساهم -قدر المستطاع- في رد الجميع إلى المنهج الوسط العدل البعيد عن طرفي الغلو والجفاء، والإفراط والتفريط، المنهج الذي مثّله جماهير الأمة سلفًا وخلفًا، المنهج الذي يعطي كلَّ ذي حق حقَّه، بدون زيادة ولا نقصان، ويقدر الفضل لأهل الفضل، فيشكر المحسن ويثني عليه بما يستحق، ويعذر المخطئ، ويغفر للمسيء.

سبب اختيار البحث

هنالك عدة أسباب جعلتني أختار هذا البحث، من أهمها:

1- التنفيذ العملي لوصية الشرع في حب أهل بيت الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وجمْع المسلمين على حبهم.

2- الجهل الكبير حول تفاصيل هذا الموضوع الهام بين صفوف كثير من المسلمين اليوم.

3- الرغبة في بيان وجه الحق في موضوع أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لرد ما أُشيعَ ويشاع حوله من روايات وأقاويل مختلفة، ومتناقضة أحيانًا -خصوصًا في زماننا الحاضر في وسائل الاتصال الحديثة في التلفاز والانترنت وغير ذلك، وما استتبع ذلك من تنازع وتباغض أحيانًا بين المسلمين -الذين ينبغي أن يكونوا كما ندبهم دينهم إخوة متحابين متعاونين صفًّا واحدًا كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضًا- حول موضوع ينبغي أن يكون من أبلغ وآكد بواعث ووسائل الوحدة الإسلامية، كما نبَّه إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ووصى به ليكون عصمة وسببًا في وحدة المسلمين، وأمانًا للأمَّة من الاختلاف.

 

([1]) مسلم: كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه:4/1873، رقم:2408

جميع المواد المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين