أمور ينبغي أن يراعيها مريد الحج والعمرة

-2-

الحج كما بينا سابقا هو عبادة عظيمة ودعامة من دعامات الدين وركن من أركان الإسلام ولذلك ينبغى على مريد الحج أن يتهيأ له ببعض الأعمال التي تكون عونا له لصحة حجه وقبوله لذا حري به أن ينتبه لها ويضعها في حسبانه ويحققها لنفسه عند إرادته الحج حتى يكتب  له الحج المبرور والسعي المشكور بإذن الله تعالى  أول هذه  الأمور 1-صدق النية والإخلاص لله عزوجل فيجب على من أراد الحج أن يقصد بحجه وجه الله تعالى مبتغيا منه الأجر وحده طامعا في مرضاته وثوابه فهو عزوجل ملاذ اللاجئين وأمان الخائفين ومثيب الطائعين غفار الذنوب للعاصين مجيب دعوة المضطرين لاملجأ منه إلا إليه لذا وجب الإخلاص له في كل عمل وطاعة فالإخلاص روح العبادة وأساسها ولاتقبل إن خلت منه يقول سبحانه وتعالى :(وماأمرواإلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين) ويقول صلى الله عليه وسلم :(إنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ مانوى)فعلى مريد الحج أن يجرد نيته من شوائب الشرك أو التعلق بغير الله أوقصد الدنيا بحجه ولايكون غرضه أن يأتي بلقب يسبق اسمه فصحابة النبي صلى الله عليه وسلم وهم أفضل الحجاج ما لقب أحدهم بالحاج فلان ولايعني هذا أنا نجرم من يقال له وينادى عليه بلقب حاج ولكن لاينبغي أن يكون المقصد هوالحصول على اللقب والغضب عندما ينادى باسمه مجردا بدون لقب 2-ثانيا الصلح مع الله وطريقه التوبة النصوح بشروطها وأركانها من الإقلاع عن المعاصي والندم على فعلها  والعزم على عدم العودة للمعصية والإستغفار والإكثار من الأعمال الصالحة التي تكون سببا في كسب الحسنات ومحو السيئات  (إن الحسنات يذهبن السيئات)

وكذلك ينبغي الصلح مع عباد الله بإرضاء الخصوم ورد المظالم إلى أهلها والحقوق لأصحابها فيتحللهم ويستسمحهم لما صح عنه صلى الله عليه وسلم انه قال :(من كانت عنده مظلمة لاخيه من عرضه اومن شئ فليتحلله منه اليوم قبل ان لايكون دينار ولادرهم ان كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وان لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه )وإن لم  يستطع أن يرد الحقوق ويتحلل منهم أوخشي ضررا أكبر فليكثر من الدعاء لهم عسى الله أن يغفر له ويرضي خصومه  ويؤدي عنه بدعائه 

3-الأمر الثالث أو ثالثا -التفقه في أمور الحج حتى يؤديه صحيحا ويعبد  الله على بصيرة وليحذر كل الحذر من تأدية المناسك على جهل فقد يوقعه ذلك في الإخلال بالأركان والمناسك وارتكاب المحظورات فالمسلم الواعي يحرص دوما على  إتقان عمله وكماله وتمامه ولذا لابد من العلم  والله عزوجل قدم العلم على العمل حيث قال :(فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك )وكل عبادة لابد من تحقق شرطين أساسيين فيها الأول الإخلاص لله عز وجل فيها والثاني المتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم ولاتتأتى المتابعة إلا بالعلم ولذا عظم العلم وارتفعت مكانة أصحابه عند الله تعالى وعند الناس  (إنما يخشى الله من عباده العلماء )وإذا تعذر على الحاج التفقه في أمور الحج فليصحب أهل الفقه والعلم حتى يفيد من علمهم قال تعالى:(فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )ويمكن لمن ضاق وقتهم أن يستصحبوا بعض الكتب النافعة اويطالعوا بعض المواقع الإلكترونية المفيدة وغيرها من أدوات العلم والمعرفة التي تعينهم على تعلم المناسك وتأدية الحج على الوجه الصحيح 

4-رابعا: سداد الديون وخاصة  التي حل وقت سدادها وأمر الدين عظيم فلا ينبغي للإنسان أن يدان إلا لضرورة وحاجة والأصل أن يقضي المسلم ديونه قبل الحج ومع ذلك فهنالك عدة ضوابط تضبط أثر الديون في وجوب الحج وهي:أولا أن تكون الديون حالة وليس لدى المدين مايكفي لقضاء دينه وأداء حجه فهذا مطالب بسداد الدين قبل الحج فحقوق العباد مقدمة على حقوق الله عزوجل 

ثانيا الديون المقسطة على أقساط طويلة المدى لاتمنع من الحج كمن اشترى دارا اوسيارة بثمن مسقط على سنوات يؤدي كل شهر قسطا 

ثالثا إذا تبرع أحد للمدين بالحج وتكفل بنفقاته فلاحرج عليه أن يحج وإن كان مدينا 

رابعا إذا استأذن المدين أصحاب الديون فأذنوا له بالحج فلا بأس أن يحج ومعنى إذنهم أنهم تسامحوا معه وقبلوا أن يؤخر سداد الديون  ويصبروا عليه حتى يعود من حجه ويوفي لهم 

خلاصة الأمر أن المدين وديونه حالةفهذا غير مستطيع ويلزمه قضاء دينه وأما إذا كانت الديون مؤجلة فيجوز له أن يحج مع أن  إبراءالذمة أولى وأفضل 

5-خامسا :أكل الحلال والنفقة من حلال ويتجنب الحرام ومافيه شبهة فالله عز وجل طيب لايقبل الاطيبا ومعلوم أن الجسم يبنى على مايتغذى عليه فإن كان الغذاء حلالا طيبا كان الجسم طيبا وإن كان خبيثا كان الجسم خبيثا ولايخرج من الطيب إلا طيباولا من الخبيث إلا خبيثا يقول النبي صلى الله عليه وسلم :  (كل لحم نبت من سحت فالنار أولى به)ومن وصاياه صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه :(يا سعد أطب مطعمك تكن مجاب الدعوة )وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند الطبراني يقول صلى الله عليه وسلم :(إذا خرج الرجل حاجا ووضع رجله في الغرز وكانت نفقته حلالا فقال لبيك اللهم لبيك قيل له لبيك وسعديك والخير بين يديك زادك حلال ونفقتك حلال وحجك مبرور غيرمأزور وإن كانت النفقة من حرام وقال لبيك اللهم لبيك قيل له لالبيك ولاسعديك والشر بين يديك زادك حرام ونفقتك حرام وحجك مأزور غير مبرور 

6-سادسا:كتابة الوصية وتشمل وصية أهله وذويه بتقوى الله عزوجل والمحافظة على فرائض الإسلام وسننه وأحكامه و أن يحيوا بالدين ويعملوا به  ومن أجله وأن يموتوا على قول لاإله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم  وينبغي أن يعرفهم في وصيته ماله وماعليه عند الناس إن كانت له تعاملات مادية وماشابهها

7-سابعا :أن يجتهد في إختيار المجموعة التي يحج معها أو الحملة التي يشترك فيها فإنها خيرمعين بعد الله سبحانه وتعالى على إتمام مناسكه على الوجه الصحيح فقد حث رسول الله صلى الله عليه وسلم على إختيار الجليس الصالح بقوله :(الجليس الصالح كحامل المسك والجليس السوء كنافخ الكير)ولاشك أن رفقاء الرحلة هم جلساء الحاج فليحرص على الإنتقاء إن أمكن فصحبة الصالحين الطيبين خير وبركة جعلنا الله وإياكم من عباده الطيبين الطاهرين المخلصين المقبولين  وللحديث بقية 

المقال الثاني هنا

الراجي عفو ربه 

فايز النوبى

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين