الدين
ليس مرتبطا بطول اللحية ولا بقصرها، وكون الإنسان المسلم يطلق لحيته، فإنما يطبق
سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن ظهر في زماننا هذا قوم يعتبرون اللحى هي ميزان
الإسلام وعنوان الدين، ولا شك أن هذا خطا محض.
وقد
ابتلينا في الدنيا أيضا بقوم من المخذّلين الذين لا يجاهدون ولا يريدون للناس
الجهاد، يفغرون أفواههم شتما وقدحا بالمقاومة في غزة يقولون ماذا جنت المقاومة بعد
هذا القتل والإثخان بالجراح الذي بلغ عشرات الألوف من الناس ما بين قتيل وجريح!!
بينما تعطلت أحكام الإسلام في جميع البلدان العربية فلم نسمع لهؤلاء لا همسا ولا
رمسا، أُغلقت أفواههم فلا يستطيعون الكلام، فما مثل هؤلاء إلا كمثل من قال فيه
النبي صلى الله عليه وسلم، وهو رجل اعترض على قسمته عليه السلام:" فأقبل رجل
غائر العينين مشرف الوجنتين ناتئ الجبين كث اللحية محلوق الرأس فقال: اتق الله يا
محمد، فقال من يطيع الله إذا عصيت؟ أيأمنني الله على أهل الأرض ولا تأمنوني؟،
فسأله رجل قتله أحسبه خالد بن الوليد، فمنعه فلما ولى قال: إن من ضئضئ هذا أو في
عقب هذا قوما يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين مروق السهم من
الرمية يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان لئن أنا أدركتهم لأقتلنهم قتل
عاد" رواه البخاري.
وهؤلاء
المخذلون اليوم عن الجهاد، والمخذلون عن دعم المقاومة بأي صورة من صور الدعم، ماذا
يفرقون عن ذاك الرجل الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم ما قال؟
إن
هؤلاء الجالسون في بيوتهم الذين تنطلق ألسنتهم في المقاومة ليسوا إلا من صفوف
المنافقين الذين يحبون أن ينتصر اليهود على المؤمنين-قاتلهم الله.
وهؤلاء
ليس لهم إلا البكاء الخادع حول إن المقاومة لم تصنع شيئا أمام جبروت العدو، وهذا
إن دل على شيء فلا يدل إلا على أن هؤلاء عميت عيونهم عن الحقائق التي أظهرتها
المقاومة، ولولا المقاومة لبقينا نغرق في الوهم، لكن قبل بيان بعضها لا بد من بيان
حقيقة مرة يغفل عنها هؤلاء أصحاب اللحى الطويلة التي عفروها بالوقوف في صف
الصهاينة:
إن
القتل والدمار الذي يحصل الآن في غزة وفلسطين، ليس سببه المقاومة التي تدافع عن
أرض المسلمين وديارهم، إنما سبب ذلك هو خذلان دول المسلمين للمجاهدين، ولو قامت
هذه الدول بما يجب عليها من نصرة المجاهدين وعدم خذلانهم ما حصل شيء من ذلك، فهل
علم المأفونون الذين يهرفون بما لا يعرفون هذه الحقيقة المرة.
ومن
الأشياء التي كشفها طوفان النصر، وباتت واضحة للعيان، ولا يغفلها إلا من أعمى الله
بصره وبصيرته:
1- كشف هذا الطوفان العظيم هشاشة الجيش الذي
قهر جيوش الدول العربية قهرا، لا زلنا نتألم بسببه.
2- كشف هذا الطوفان العظيم أن العالم لا يحفل
بالضعفاء، وأن من لا يملك القوة في هذه الدنيا يبقى تحت الأرجل.
3- كشف هذا الطوفان العظيم أن دول العالم
الغربية تعد العدة وتجهز أساطيلها كي لا يرفع الإسلام رأسه، وأنهم مستعدون على
تفرقهم أن يجتمعوا من أجل حرب الإسلام والمسلمين.
4- كشف هذا الطوفان العظيم أن الدول الغربية
الاستعمارية تدعم اليهود لا لحبهم باليهود، ولكن لأن وجود اليهود في فلسطين يمكنهم
من تخذيل العرب عن الاتحاد، ويمكنهم من بث الفتنة بينهم فلا تكون لهم قوة جامعة.
5- كشف هذا الطوفان العظيم أن كثيرا من بلدان
العرب لا تحفل بنصر الإسلام والمسلمين، بل إن كثيرا منها يسعى مع اليهود لقمع
المجاهدين والمقاومين، حتى يسلم لهم ذلهم وتبقى دولهم منقسمة دون اجتماع.
6- كشف هذا الطوفان العظيم خيانة وعمالة كثير
من المسؤولين الذين خانوا الله ورسوله والمؤمنون.
7- كشف هذا الطوفان العظيم جهل كثيرين من
المنتمين للإسلام، الذين زُرع في نفوسهم أن أمريكا وإسرائيل لا تهزمان.
8- كشف هذا الطوفان العظيم أن العدو الحقيقي
لأمة الإسلام هو أمريكا بالدرجة الأولى، وأن على المسلمين في بقاع الأرض أن لا
يضيعوا أوقاتهم في كشف هذه الحقيقة.
9- كشف هذا الطوفان العظيم أن الحكومات
الغربية في عداء للإسلام لا يقره كثير من شعوبها، ولكن هيمنة هذه الحكومات الجائرة
على السلطة أفرغت معارضة الشعوب من جزء كثير من مضمونها، فباتت غير مؤثرة كثيرا.
10- كشف هذا الطوفان العظيم أن الإيمان الحقيقي
يصنع المعجزات.
11- كشف هذا الطوفان العظيم أن أصول النصر
الحقيقي باتت ظاهرة للشعوب، وما عليها إلا أن تتفاعل معها حتى تحقق نصر الله
تعالى.
12- كشف هذا الطوفان العظيم أن الشعوب المسلمة
فيها خير كثير، ولا ينقصها إلا قيادة راشدة تأخذ بزمام الأمور، فترفع عن هذه الأمة
الذل والهوان.
هذا
غيض من فيض مما كشفه طوفان النصر العظيم، فأين غابت هذه المعاني وغيرها عن هؤلاء
المخذلين الذين يزعمون أنهم يحبون الأمة والدين، ولقد صدق الشاعر الذي قال:
ألا
ليت اللحى كانت حشيشا..... فنعلفها خيول المسلمينا
اللهم
هل بلغت؟ اللهم فاشهد
تلك نفثة مصدور على صفحة تملؤها السطور
التعليقات
يرجى تسجيل الدخول