أفضل الكلام وأحبه إلى الله  (9)

 

ثانيًا

الحمد لله (3/ 6)

 

(13)

سبحان الله رب العالمين

 

عن سعد بنِ أبي وقّاص قال:

 

جاءَ أعرابيٌّ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقال: علِّمْني كلامًا أقولُه. 

قال: "قُل: لا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له، اللهُ أكبرُ كبيرًا، والحمدُ للهِ كثيرًا، سبحانَ اللهِ ربِّ العالَمِين، لا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ العزيزِ الحكيم". 

قال: فهؤلاءِ لربِّي، فما لي؟ 

قال: "قُل: اللهمَّ اغفرْ لي وارحمْني واهدِني وارزقْني".

 

صحيح مسلم (2696).

 

(14)

حدث في ليلة الإسراء

 

عن أبي هريرةَ رضيَ الله عنه:

أن رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أُتيَ ليلةَ أُسرِيَ بهِ بإيلياءَ بقَدحَينِ مِن خمرٍ ولبنٍ، فنظرَ إليهما، ثم أخذَ اللبنَ، فقال جبريل: الحمدُ للهِ الذي هداكَ للفطرة، ولو أخذتَ الخمرَ غوَتْ أمَّتُك.

 

صحيح البخاري (5254)، صحيح مسلم (168)، واللفظُ للأول.

 

إيلياء: بيتُ المقدس.

والمرادُ بالفطرةِ هنا: الإسلامُ والاستقامة.

قال الإمامُ النوويُّ رحمَهُ الله: وقوله: "الحمدُ لله" فيه استحبابُ حمدِ اللهِ عند تجدُّدِ النِّعَم، وحصولِ ما كان الإنسانُ يتوقَّعُ حصولَه، واندفاعِ ما كان يخافُ وقوعه( ).

 

(15)

إن الحمد لله

 

عن ابن عباس:

 

أنَّ ضِمادًا قدمَ مكةَ، وكان من أَزْدِ شَنوءَة، وكان يَرقي من هذه الريح، فسمعَ سفهاءَ من أهلِ مكةَ يقولون: إنَّ محمَّدًا مجنونٌ، فقال: لو أني رأيتُ هذا الرجلَ لعلَّ اللهَ يَشفيهِ على يدي. 

قال: فلقِيَهُ فقال: يا محمَّدُ، إني أَرقِي من هذه الريح، وإنَّ اللهَ يَشفي على يديَّ مَن شاء، فهل لك؟ 

فقالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "إنَّ الحمدَ لله، نَحمَدُهُ ونَستعينُه، مَن يَهْدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضلِلْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أنْ لا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له، وأنَّ محمَّدًا عبدُهُ ورسولُه. أمَّا بعدُ". 

قال: فقال: أَعِدْ عليَّ كلماتِكَ هؤلاء. 

فأعادَهنَّ عليه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ثلاثَ مرات. 

قال: فقال: لقد سمعتُ قولَ الكهنةِ وقولَ السَّحرةِ وقولَ الشُّعراء، فما سمعتُ مثلَ كلماتِكَ هؤلاء، ولقد بلغْنَ ناعوسَ البحر. 

قال: فقال: هاتِ يدَكَ أُبايِعْكَ على الإسلام. 

قال: فبايَعه، فقالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "وعلى قومِك". 

قال: وعلى قومي...

 

صحيح مسلم (868). وللحديثِ بقيَّة.

 

ضِماد: هو ابنُ ثعلبةَ الأزدي.

والمرادُ بالريحِ هنا: الجنون.

وناعوسُ البحر: المشهورُ قاموسُ البحر، وهو قعرهُ أو لجَّته( ).

 

(16)

عند الركوب

 

عن عليِّ بن ربيعةَ قال:

 

شهدتُ عليًّا رضيَ الله عنه وأُتيَ بدابَّةٍ ليركبَها، فلمَّا وضعَ رجلَهُ في الركابِ قال: "بسمِ الله". 

فلمَّا استوَى على ظهرها قال: "الحمدُ لله". 

ثم قال: "{سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ . وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ}" [سورة الزخرف: 13 – 14]. 

ثم قال: "الحمدُ لله" ثلاثَ مرات. 

ثم قال: "الله أكبر" ثلاثَ مرات. 

ثم قال: "سبحانكَ إني ظلمتُ نفسي فاغفرْ لي، إنه لا يغفرُ الذنوبَ إلّا أنت". ثم ضحك. 

فقيل: يا أميرَ المؤمنين، من أيِّ شيءٍ ضحكت؟ 

قال: رأيتُ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ فعلَ كما فعلتُ، ثم ضحك، فقلت: يا رسولَ الله، مِن أيِّ شيءٍ ضحكت؟ 

قال: "إن ربَّكَ تعالَى يَعجَبُ من عبدهِ إذا قال: اغفرْ لي ذنوبي، يعلمُ أنه لا يغفرُ الذنوبَ غيري".

 

سنن الترمذي (3446) وقال: حديثٌ حسنٌ صحيح، سنن أبي داود (2602) ومنه لفظه، وصححه في صحيح سننه.

 

يَعجَبُ من عبدهِ إذا قال: اغفرْ لي ذنوبي، أي: يرتضي هذا القولَ ويستحسنهُ استحسانَ المعجب. قالهُ الطيبي( ).

 

(17)

بعد الفراغ من الطعام

 

عن أبي أُمامة:

 

أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كانَ إذا رفعَ مائدتَهُ قال: "الحمدُ للهِ كثيرًا طيِّبًا مباركًا فيه، غيرَ مَكفِيٍّ ولا مُوَدَّعٍ ولا مُستَغنًى عنه، ربَّنا".

 

صحيح البخاري (5142).

 

حمدًا طيِّبًا: حمدًا خالصًا من الرياءِ والسمعة.

مباركًا: أي حمدًا ذا بركةٍ دائمًا لا ينقطع؛ لأنَّ نِعمَهُ لا تنقطعُ عنا، فينبغي أن يكونَ حمدنا غيرَ منقطعٍ أيضًا، ولو نيَّةً واعتقادًا. 

غيرَ مكفيّ: غيرَ مردودٍ عليه إنعامه.

غيرَ مودَّع: أي غيرَ متروك( ).

 

(18)

الحمد لله مرة أخرى

 

عن أبي أمامة:

 

أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان إذا فرغَ مِن طعامِهِ، وقال مرةً: إذا رفَعَ مائدَتَهُ، قال: "الحمدُ للهِ الذي كَفانا وأَرْوَانا، غيرَ مَكفِيٍّ ولا مَكفورٍ". 

وقالَ مرةً: "الحمدُ للهِ ربِّنا، غيرَ مَكفِيٍّ، ولا مُوَدَّعٍ، ولا مُسْتَغْنًى، ربَّنا".

 

صحيح البخاري (5143).

 

أروانا: من رَوِي، بمعنى شربَ وشبع.

ولا مكفور: ولا مجحودٍ فضلَهُ ونعمته( ).

 

(19)

أطعم وسقى

 

عن أبي أيوب الأنصاري قال:

 

كان رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم إذا أكلَ أو شربَ قال: "الحمدُ لله الذي أطعمَ وسقَى، وسوَّغَهُ وجعلَ له مَخرَجًا".

 

سنن أبي داود (3851) وصححه في صحيح سننه، صحيح ابن حبان (5220) وذكرَ الشيخ شعيب أن إسنادَهُ صحيح على شرط الشيخين. ولفظهما سواء.

 

سوَّغه: سهَّلَ دخولَ كلٍّ من الطعامِ والشرابِ في الحلق( ).

 

(20)

أطعمني.. وكساني

 

عن معاذ بن أنس:

 

أن رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّمَ قال: "مَن أكلَ طعامًا ثم قال: الحمدُ لله الذي أطعمني هذا الطعامَ ورَزقَنيهِ من غيرِ حولٍ مني ولا قوة، غُفِرَ له ما تقدَّمَ من ذنبهِ وما تأخَّر". 

قال: "ومَن لَبِسَ ثوبًا فقال: الحمدُ لله الذي كساني هذا الثوبَ ورَزقَنيهِ مِن غيرِ حولٍ مني ولا قوة، غُفِرَ له ما تقدَّمَ من ذنبهِ وما تأخَّر".

 

سنن أبي داود (4023)، قال في صحيح سنن أبي داود: حسنٌ دون زيادةِ "وما تأخَّر" في الموضعين. وحسنه في صحيح الجامع الصغير (6086) للأربعة وأحمد والحاكم.

 

(21)

شكر النعمة

 

عن أنس قال: 

 

قالَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: "ما أنعمَ الله على عبدٍ نعمةً فقال: الحمدُ لله، إلّا كان الذي أعطاهُ أفضلَ مما أَخَذ".

 

سنن ابن ماجه (3805) وصححهُ في صحيح الجامع الصغير (5563).

 

فيه إظهارٌ لفضيلةِ الحمد. فالحمدُ لله على نعمهِ كلِّها.

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين