أفضل الكلام وأحبه إلى الله -12-

(ثانيًا)

الحمد لله (6)

 

 

(35)

سبحان الله بكرة وأصيلًا

 

عن ابنِ عمر قال: 

 

بينما نحن نصلِّي مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، إذ قالَ رجلٌ مِن القوم: اللهُ أكبرُ كبيرًا، والحمدُ لله كثيرًا، وسُبحان اللهِ بُكرةً وأصيلًا. 

فقالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "مَن القائلُ كلمةَ كذا وكذا"؟ 

قالَ رجلٌ مِن القوم: أنا يا رسولَ الله. 

قال: "عجِبتُ لها! فُتِحَتْ لها أبوابُ السماء". 

قال ابنُ عمرَ: فما تركتُهنَّ منذُ سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ ذلك.

 

صحيح مسلم (601).

 

(36)

أمُّ الكتاب

 

عن أبي هريرة قال:

 

قالَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: "{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} أُمُّ القرآن، وأُمُّ الكتاب، والسبعُ المثاني".

 

سنن الترمذي (3124) وقال: حديثٌ حسنٌ صحيح، سنن أبي داود (1457) وصححه في صحيح سننه.

 

 

قالَ أبو عبيدة في أولِ "مجاز القرآن": ولسورِ القرآنِ أسماء، منها أن {الْحَمْدُ لِلَّهِ} تسمَّى "أمَّ الكتاب"؛ لأنه يُبدأُ بها في أولِ القرآن، وتُعادُ قراءتها، فيُقرأ بها في كلِّ ركعةٍ قبلَ السورة. ويُقالُ لها "فاتحةُ الكتاب" لأنه يُفتتَحُ بها في المصاحف، فتُكتبُ قبلَ الجميع. اهـ. 

وقيل: سمِّيتْ أمَّ القرآنِ لاشتمالها على المعاني التي في القرآن، من الثناءِ على الله، والتعبُّدِ بالأمرِ والنهي، والوعدِ والوعيد، وعلى ما فيها من ذكرِ الذاتِ والصفاتِ والفعل، واشتمالها على ذكرِ المبدأ أو المعادِ والمعاش. 

وإنما سمِّيتِ الفاتحةُ بالسبعِ المثاني لأنها سبعُ آيات. واختُلِفَ في تسميتها بالمثاني، فقيل: لأنها تُثَنَّى في كلِّ ركعة، أي تُعاد، وقيل: لأنها يُثْنَى بها على الله تعالى. وقيل: لأنها استُثنيَتْ لهذه الأمة، لم تنزلْ على من قبلها( ) .

 

(37)

صلاة التسبيح

 

عن ابن عباس:

 

أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ للعباسِ بنِ عبدِ المطلب: "يا عباسُ، يا عمَّاهُ، ألَا أُعطيك؟ ألا أمنَحُك؟ ألا أحبُوك؟ ألا أفعلُ بكَ عشرَ خصالٍ إذا أنت فعلتَ ذلك غفرَ اللهُ لكَ ذنبَك: أوَّلَهُ وآخرَه، قديمَهُ وحديثَه، خطأَهُ وعَمْدَه، صغيرَهُ وكبيرَه، سِرَّهُ وعلانيتَه: عشرَ خصال. 

أن تُصلِّيَ أربعَ ركعات، تقرأُ في كلِّ ركعةٍ فاتحةَ الكتابِ وسورةً، فإذا فرغتَ من القراءةِ في أوَّلِ ركعةٍ وأنتَ قائمٌ قلتَ: سبحان اللهِ والحمدُ لله ولا إلهَ إلا اللهُ والله أكبرُ، خمسَ عشرةَ مرةً، ثم تركعُ فتقولُها وأنتَ راكعٌ عشرًا، ثم ترفعُ رأسَكَ من الركوعِ فتقولُها عشرًا، ثم تَهوِي ساجدًا فتقولُها وأنتَ ساجدٌ عشرًا، ثم ترفعُ رأسَكَ من السُّجودِ فتقولُها عشرًا، ثم تسجدُ فتقولُها عشرًا، ثم ترفعُ رأسَكَ فتقولُها عشرًا، فذلك خمسٌ وسبعون، في كلِّ ركعةٍ تفعلُ ذلك، في أربعِ ركَعاتٍ، إن استطعتَ أن تُصلِّيَها في كلِّ يومٍ مرةً فافعلْ، فإنْ لم تفعلْ ففي كلِّ جُمعةٍ مرةً، فإنْ لم تفعلْ ففي كلِّ شهرٍ مرةً، فإنْ لم تفعلْ ففي كلِّ سنةٍ مرةً، فإنْ لم تفعلْ ففي عُمُرِكَ مرة".

 

سنن أبي داود (1297) وصححه في صحيح سنن أبي داود، سنن ابن ماجه (1386) وصححه في صحيح سننه أيضًا. واللفظُ من الأول.

 

أمنحك: أعطيكَ منحة.

والحباء: العطية.

وعشرُ الخصالِ هي أنواعُ الذنوب، المنحصرةُ في قوله: أولهُ وآخره.. ( ).

 

(38)

غراس الجنة

 

عن ابنِ مسعود قال: 

 

قالَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: "لَقِيتُ إبراهيمَ ليلةَ أُسْرِيَ بي، فقال: يا مُحمَّدُ، أقْرِئْ أُمَّتَك منِّي السلامَ وأَخبِرْهم أنَّ الجنةَ طيِّبةُ التربَةِ، عَذْبةُ الماءِ، وأنَّها قِيعانٌ، وأنَّ غِراسَها: سبحانَ اللهِ، والحمدُ للهِ، ولا إلهَ إلّا اللهُ، واللهُ أكبر".

 

رواهُ الترمذي في السنن (3462) وقال: حديثٌ حسنٌ غريب. وحسَّنهُ له في صحيحِ الجامعِ الصغير (5152).

 

قيعان: أرضٌ مستويةٌ خاليةٌ من الشجر.

قال الطيبي: في هذا الحديثِ إشكال؛ لأنه يدلُّ على أن أرضَ الجنةِ خاليةٌ عن الأشجارِ والقصور، ويدلُّ قولهُ تعالَى: {جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} [سورة البروج: 11] على أنها غيرُ خاليةٍ عنها؛ لأنها إنما سمِّيتْ جنةً لأشجارها المتكاثفةِ المظلَّةِ بالتفافِ أغصانها. 

والجواب: أنها كانت قيعانًا، ثم إن الله تعالَى أوجدَ بفضلهِ فيها أشجارًا وقصورًا بحسبِ أعمالِ العاملين، لكلِّ عاملٍ ما يختصُّ به بسببِ عمله. ثم إنه تعالَى لـمَّا يسَّرَهُ لِما خُلِقَ له من العملِ ليَنالَ بذلك الثواب، جعلَهُ كالغارسِ لتلك الأشجارِ مجازًا، إطلاقًا للسببِ على المسبِّب. انتهى. 

قالَ القاري: وأجيبَ أيضًا بأنه لا دلالةَ في الحديثِ على الخلوِّ الكلِّي من الأشجارِ والقصور؛ لأن معنى كونها قيعانًا أن أكثرها مغروس، وما عداهُ منها أمكنةٌ واسعةٌ بلا غرس، لينغرسَ بتلك الكلمات، ويتميَّزَ غرسُها الأصليُّ الذي بلا سبب، وغرسُها المسبَّبُ عن تلك الكلمات( ).

 

(39)

غراس آخر

 

عن أبي هريرة:

 

أن رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّمَ مرَّ به وهو يَغرِسُ غَرْسًا، فقال: "يا أبا هريرةَ ما الذي تغرسُ"؟ 

قلتُ: غِراسًا لي. 

قال: "ألا أدلُّكَ على غِراسٍ خيرٍ لكَ من هذا"؟ 

قال: بلَى يا رسولَ الله. 

قال: "قل: سُبحانَ اللهِ، والحمدُ للهِ، ولا إلهَ إلا اللهُ، واللهُ أكبرُ، يُغرَسُ لكَ بكلِّ واحدةٍ شجرةٌ في الجنة".

 

سنن ابن ماجه (3807)، وصححهُ له في صحيح سننه، المستدرك على الصحيحين (1887) وقال: صحيح الإسنادِ ولم يخرجاه، وله شاهدٌ عن جابر.

 

(40)

أسلم والحمد لله

 

عن أنس رضيَ الله عنه قال:

 

كان غلامٌ يهودِيٌّ يَخدِمُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فمَرِض، فأتاهُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَعودُه، فقعدَ عندَ رأسِه، فقال له: "أسلِمْ". 

فنظرَ إلى أبيهِ وهو عنده، فقال له: أطِعْ أبا القاسمِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فأسلَم. 

فخرجَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو يقول: "الحمدُ للهِ الذي أنقذَهُ من النار" .

 

صحيح البخاري (1290).

 

وفي الحديثِ جوازُ استخدامِ المشرك، وعيادتهُ إذا مرض.

وفيه حُسنُ العهد، واستخدامُ الصغير.. ( ).

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين