أفضل الكلام وأحبه إلى الله -11-

 

(ثانيًا)

الحمد لله (5)

 

(28)

الحمد لله الذي كفاني

 

عن ابن عمر:

 

أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّمَ كان يقولُ إذا أخذَ مَضجعَه: "الحمدُ لله الذي كفاني وآواني، وأطعمني وسقاني، والذي منَّ عليَّ فأفضل، والذي أعطاني فأجزل، الحمدُ لله على كلِّ حال، اللهمَّ ربَّ كلِّ شيءٍ ومَلِيكَه، وإلهَ كلِّ شيء، أعوذُ بكَ من النار".

 

سنن أبي داود (5058) وصحح إسنادهُ في صحيح سننه، صحيح ابن حبان (5538) وصححهُ الشيخ شعيب. واللفظُ للأول.

 

منَّ عليَّ فأفضل: زاد، أو أكثرَ، أو أحسن.

فأجزل: فأعظمَ، أو أكثرَ من النعمة.

مليكه: مالكه( ).

 

(29)

الحمد لله الذي عافاني

 

عن أبي هريرة رضيَ الله عنه:

 

أن رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّمَ قال: "إذا قامَ أحدُكم مِن فِراشهِ ثمَّ رجعَ إليه، فليَنفُضْهُ بصَنَفَةِ إزارهِ ثلاثَ مرَّات، فإنَّهُ لا يدري ما خلَفَهُ عليهِ بعد، فإذا اضطجعَ فلْيَقُلْ: باسمِكَ ربِّي وضعتُ جنبي وبكَ أرفَعُهُ، فإِنْ أمسَكْتَ نفسي فارحمْها، وإِنْ أرسلْتَها فاحفظْها بِما تَحفَظُ بِهِ عبادَكَ الصالحين. فإذا استيقظَ فلْيَقُل: الحمدُ للهِ الذي عافانِي في جسَدِي، وردَّ عليَّ روحي، وأذِنَ لي بذِكْرِهِ".

 

سنن الترمذي (3401) وقال: حديثٌ حسن. وحسَّنهُ في صحيح الجامع الصغير (716).

 

بصنَفةِ إزاره: بطرفه.

فإنَّهُ لا يدري ما خلَفَهُ عليهِ بعد: قالَ الطيبي: معناه: لا يدري ما وقعَ في فراشهِ بعدما خرجَ منه، من ترابٍ أو قذاةٍ أو هوام. 

وقال النووي: معناهُ أنه يستحبُّ أن يَنفضَ فِراشَهُ قبلَ أن يدخلَ فيه؛ لئلّا يكونَ قد دخلَ فيه حيَّةٌ أو عقربٌ أو غيرهما من المؤذياتِ وهو لا يشعر، ولينفضْ ويدهُ مستورةٌ بطرفِ إزاره؛ لئلّا يحصلَ في يدهِ مكروهٌ إنْ كان شيءٌ هناك( ).

 

(30)

عند الاستيقاظ

 

عن حذيفة بنِ اليمان قال:

 

كانَ النبيُّ صلَّى الله عليهِ وسلَّمَ إذا أخذَ مضجعَه من الليل، وضعَ يدَهُ تحتَ خدِّه، ثم يقول: "اللهمَّ باسمِكَ أموتُ وأحيا". وإذا استيقظَ قال: "الحمدُ لله الذي أحيانا بعد ما أماتَنا وإليه النشور".

 

صحيح البخاري (5955)، صحيح مسلم من حديث البراء (2711).

 

"باسمِكَ أموتُ وأحيا" أي: بذكرِ اسمِكَ أحيا ما حييت، وعليه أموت. 

وقالَ القرطبي: قوله "باسمِكَ أموت" يدلُّ على أن الاسمَ هو المسمَّى، وهو كقولهِ تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [سورة الأعلى: 1] أي: سبِّحْ ربَّك. هكذا قال جُلُّ الشارحين.

والمرادُ بالموتِ هنا: النوم.

وإليه النشور: أي البعثُ يومَ القيامة، والإحياءُ بعد الإماتة( ).

 

(31)

دعاء مقبول

 

عن عُبادةَ بنِ الصامت:

 

عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ قال: "مَن تَعَارَّ مِن الليلِ فقال: لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، لهُ المـُلْكُ ولهُ الحمدُ، وهو على كلِّ شيٍء قديرٌ، الحمدُ للهِ، وسُبحانَ اللهِ، ولا إلهَ إلَّا اللهُ، واللهُ أكبرُ، ولا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ، ثم قال: اللهمَّ اغفرْ لي، أو دعا، استُجِيبَ له، فإنْ توضَّأَ وصلَّى، قُبِلَتْ صلاتُه".

 

صحيح البخاري (1103).

 

تعارَّ من الليل: استيقظ، ولا يكونُ إلا يقظةً مع كلام( ).

أي: انتبهَ بصوتٍ من استغفارٍ أو تسبيحٍ أو غيرهما. وقوله: فقال حين يستيقظ: لا إله إلا الله، الخ: تفسيرٌ له. وإنما يوجدُ ذلك لمن تعوَّدَ الذكرَ حتى صارَ حديثَ نفسه، في نومهِ ويقظته( ).

 

(32)

سالم.. رجل من أمة محمد صلى الله عليه وسلم

 

عن عائشةَ زوجِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ قالت:

 

أبطأتُ على عَهدِ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ ليلةً بعدَ العِشاء، ثمَّ جئتُ، فقال: "أينَ كنتِ"؟ 

قلتُ: كنتُ أستمعُ قراءةَ رجلٍ مِن أصحابِكَ، لم أسمعْ مثلَ قراءتهِ وصوتهِ مِن أحدٍ! 

قالت: فقامَ، وقمتُ معَهُ، حتَّى استمعَ لَهُ، ثمَّ التفتَ إليَّ فقال: "هذا سالمٌ مولَى أبي حُذيفةَ، الحمدُ للَّهِ الَّذي جعلَ في أمَّتي مثلَ هذا".

 

سنن ابن ماجه (1338) وصححهُ في صحيح سننه، المستدرك على الصحيحين (5001) وقال: صحيحٌ على شرطِ الشيخين ولم يخرجاه.

 

سالم مولَ أبي حُذيفة أحدُ السابقين الأولين. مولاتهُ امرأةٌ من الأنصار. وكان حُذيفة بنُ عتبة بنِ ربيعة قد تبنَّاه... أمَّ سالمٌ رضيَ الله عنه المهاجرين الأولين في مسجدِ قباء، فيهم أبو بكر وعمر. وكان أكثرهم قرآنًا( ).

 

(33)

استفتاح الصلاة

 

عن جُبير بنُ مُطعم قال:

 

رأيتُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حين دخَل الصَّلاةَ قال: "اللهُ أكبَرُ كبيرًا، اللهُ أكبَرُ كبيرًا، اللهُ أكبَرُ كبيرًا. الحمدُ للهِ كثيرًا، الحمدُ للهِ كثيرًا، الحمدُ للهِ كثيرًا. سُبحانَ اللهِ بُكرةً وأصيلًا، سُبحانَ اللهِ بُكرةً وأصيلًا، سُبحانَ اللهِ بُكرةً وأصيلًا. اللهمَّ إني أعوذُ بكَ مِن الشَّيطان، مِن هَمْزهِ ونَفْثِهِ ونَفْخِه". 

قال عمرو [بنُ مرَّة]: وهَمْزُه: المـَوْتَة، ونَفْخُه: الكِبْر، ونَفْثُه: الشِّعرُ.

 

صحيح ابن حبان (1780) وصححهُ الشيخ شعيب على شرطهما، ورقم (2601) وذكرَ أن إسنادَهُ حسنٌ على شرطِ مسلم. ولفظهُ من الموضعِ الأخير.

 

الموتة: المرادُ بها هنا الجنون.

وفسَّرَ النفخَ بالكِبْر؛ لأن المتكبِّرَ يتعاظم، لا سيَّما إذا مُدِح.

وإنما كان الشعرُ من نَفثِ الشيطان؛ لأنه يدعو الشعراءَ المدّاحين الهجّائين، المعظِّمين المحقِّرين، إلى ذلك. وقيل: المرادُ شياطينُ الإنس، وهم الشعراءُ الذين يختلقون كلامًا لا حقيقةَ له( ).

 

(34)

الحمد لله ربِّ العالمين

 

عن ربيعة بن كعب الأسلمي قال:

 

كنتُ أَبِيتُ عندَ بابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فأُعطيهِ وَضوءَه، فأسمعهُ الهَوِيَّ مِن اللَّيلِ يقول: "سَمِعَ الله لمن حَمِدَه"، وأسمعهُ الهَوِيَّ من الليلِ يقول: "الحمدُ للهِ ربِّ العالَمين". 

 

سنن الترمذي (3416) وقال: حديثٌ حسنٌ صحيح.

 

الهَويُّ من الليل: الحينُ الطويلُ من الزمان( ).

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين