أطفال اليرموك..اغتيال مبكر للطفولة

لست أمنح مجالا للحرب أن تشغل حيزا من فكري و لست أمنح  لصور الرصاص و القذائف مجالا لإحداث إرباك لقلمي..لكني سأمنح فرصة لحروفي أن تشكل جملا كلها أسى و حسرة على موت الطفولة الشامية...بكاء على دمار بيت انتشرت فيه دمى أطفال اليرموك لتشرد هي الأخرى و تضيع ملامح اللعبة البريئة و الصغيرة فيها ، بحجم سن أطفال سوريا...

أحضن فيك و إلي أيتها  الطفولة الشامية  صمتك و أنينك ليدوي صدى الألم بداخل قلبي..فيسكن حب سوريا مسكن الأرض للأمطار بوافر الإحساس بالحضن الدافئ..لذلك تدفقت عبراتي في سكون و كلها محبة لجمال الصوت الطفولي..و تمام الصبر بعيون تشتاق أمنا و طعاما يكفي سؤال النظرة و تشرد الدمعة...فمن ينسي آلام الطفولة الشامية أيام الرعب و الظلام ولو  أنها طالت ؟..

يرتجف القلم بين أناملي احتراما لهذا الصنف من البشر الطفولي .. طفولة العقل و الضمير ..فأستصغر نفسي أمام إصرارها أن تعيش من خشاش الأرض..أتواضع كثيرا بل أكثر حينما تسقى الأرض الشامية بدماء الطفولة و هنا مكمن الحزن مني و في اهتزاز لإطراقة رأسي أن جوع الحرب ليس له ما يشبعه طول أيام ثقال على كاهل طفولي ..فمن للطفولة السورية سواك يا الله..من يمسح دمع اليتيم ؟...من يطبع قبلة امن و سلام على خد بريء لا يسع للجراح و نزيف الدم؟..و من يقدر و يعي أن للطفولة الشامية مستقبل آخر كباقي أطفال العالم ..أم أنه ركام الدمار بدخان يلغي كل طموح و كل آمال للذهاب إلى المدرسة و فهم بنود الحياة كما هي حقيقة و ليس زيفا من المكر و الخداع ...و من لسوريا أن يحيي بسمة حزينة رسمت من سنوات على أهل فيهم صمود القوة ...

يلفني الكثير من السكون الغير محبب لدي..سكون الرفض أن تغتال الطفولة الجميلة بعيون لامعة أن الخوف باق في ربوع البيت المكسر الأركان ..فهل  كل يوم دوي الدمار؟،  يا الله على فوضى القتل ، يا الله من لسوريا سواك كاف و  مخفف للآلام ،  فلن يحي روح الحياة سواك يا الله...و لكن لما كل هذا العنف مع الطفولة؟...

أكيد الصمت  و الأنين في حلقة نزاع مع ضمائر لا تتحير لاغتيال الجمال الشامي...و ككل كتابة عما يبعث في نفسي الحزن العميق..سأكتفي بهذا الدعاء:

اللهم ..هؤلاء أطفال الشام الحبيبة يصارعون الموت في لحظات ثقال كلها جوع و مرض ، نلجأ إليك يا رحمان بأكف الخشوع و بعبرات الأسى أن تنصر طفولة قطعت أكباد أمهات حيارى فيمن يمد الخلاص لفلذاتها..فالملجأ و الشكوى إليك وحدك يا من خلصت يونس من بطن الحوت بلا اله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ، و من شفيت أيوب بدعائه لك أن يا رب مسني الضر و أنت أرحم الراحمين ، فكنت له رحيما و معينا و شافيا  ، و لإبراهيم أن جعلت النار له بردا و سلاما ،فيا  رحمان ندعوك كما دعاك نبيك محمد صلى الله عليه وسلم :اللهم إليك أشكو ضعف قوتي و قلة حيلتي و هواني على الناس ،يا أرحم الراحمين ، أنت رب المستضعفين و أنت ربي ، إلى من تكلني ، إلى بعيد يتجهمني أم إلى عدو ملكته أمري ، إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي و لكن عافيتك هي أوسع لي ، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات و صلح عليه أمر الدنيا و الآخرة ، أن يحل علي غضبك أو أن  ينزل بي سخطك ، لك العتبى حتى ترضى و لا حول و لا قوة إلا بك..أعن أطفال اليرموك و أطفال سوريا كلها و أهلها على الخلاص..إنهم مستضعفون في الأرض و ليس لهم أحد سواك يخلصهم من محنتهم...لك الحمد و الشكر حمدا كثيرا طيبا مباركا يليق بمقام وجهك و عظيم سلطانك..سبحانك تعاليت و أنت على كل شيء قدير..

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين