أتينا لرفع الظلم عن أهل الشام.. مفجر عملية سجن حلب

كلمات نورانية تفوّه بها المهاجر الشهيد سيف الله الشيشاني قائد عملية تحرير سجناء حلب تبين عن صدق منطقه، وطهارة نيته، ونقاوة سريرته.. كلمات قالها وهو متوجه صوب هدفه الواضح  "نحن لم نأت إلى الشام لنبني إمارات قوقازية، أتينا لرفع الظلم عن أهل الشام" ويا للبون الهائل، والفرق الشاسع بينه وبين منتسبي دولة العراق والشام (داعش) الذين أوقعوا أشد الظلم والبطش والتقتيل والتنكيل والإرهاب بكل من يخالف طريقهم الأعوج.. وهذا هو الصدق الذي نعت الله به الأنصار "وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون" أتينا لرفع الظلم عن أهل الشام.. لا لإيقاع  داعش الظلم وتكريسه كفعل سفاح الشام أو أشد.. "من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ...." 

وكأني وأنا أرى صورته وهو يحث الخطا لتحرير السجناء أنظر إلى عمير بن الحمام رضي الله عنه يركض وهو يرتجز:

ركضاً إلى الله بغير زاد         إلا التقى وعمل المعاد 

والصبر في الله على الجهاد     فكل زاد عرضة النفاد

              غير التقى والبر والرشاد

أو كأنه شهيد القرن العشرين سيد رحمه الله يصدح:

لعمرك إني أرى مصرعي      ولكن أغذُّ إليه الخطا

لعمرك هذا ممات الرجال      فمن رام موتاً شريفاً فذا

مخاطرة وانغمار

مخاطرة لا تهور، وانغمار لا انتحار، واقتحام مزلزل لا اندحار. له نسب قريب متصل بنسب الصحابة، وحبل ممدود مربوط بهم أصّلها العز بن عبد السلام قاعدة لا لبس فيها فقال: والمخاطرة بالنفوس مشروعة في إعزاز الدين، ولذلك يجوز للبطل من المسلمين أن ينغمر في صفوف المشركين، ومن قال بأن التغرير بالنفوس لا يجوز فقد بعد عن الحق ونأى عن الصواب، وعلى الجملة فمن آثر الله على نفسه آثره الله.

وهذه القاعدة مقتبسة من هدي الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم ففي مسند أحمد بن حنبل عن نعيم بن همار رضي الله عنه أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الشهداء أفضل؟ قال: الذين إن يلقوا في الصف لا يلفتون وجوههم حتى يقتلوا، أولئك ينطلقون في الغرف العلى من الجنة، ويضحك إليهم ربهم، وإذا ضحك ربك إلى عبد في الدنيا فلا حساب عليه.

وكذا كان المتطلعون للقرب من الله، فقد كان نور الدين الشهيد يقتحم بنفسه صفوف الأعداء حتى أشفق عليه الفقيه الشافعي قطب الدين النيسابوري قائلاً له: بالله يا مولانا السلطان لا تخاطر بنفسك، فإنك لو قُتلت قُتل جميع من معك، وأخذت البلاد، وفسد حال المسلمين. فقال له: اسكت يا قطب الدين، فإن قولك إساءة أدب على الله، ومن هو محمود؟ من كان يحفظ الدين والبلاد قبلي غير الله الذي لا إله إلا هو؟

وهذه المخاطرة مشروعة إن كان يعلم المنغمس والمقتحم في العدو أنه يوقع النكاية فيهم بقتل أو جرح أو هزيمة أو تجريء للمسلمين عليهم أو إضعاف نفوسهم، أما إذا كان مجرد تهور طائش فهو ممنوع لاسيما إن ترتب على ذلك وهن المسلمين.

رحمك الله يا سيف الدين الشيشاني وفرج ونفس كربك يوم القيامة ، كما نفست وفرجت باقتحامك كرب المساجين، ورفع ذكرك في الدنيا والآخرة، فقد نلت الحياة عند ربك ترد أنهار الجنة تأكل من ثمارها وتشرب من مياهها

يا شهيداً رفع الله به      جبهة الحق على طول المدى

سوف تبقى في الحنايا علماً    هادياً للركب رمزاً للفدى

ما نسينا أنت قد علمتنا    بسمة المؤمن في وجه الردى

"والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم، سيهديهم ويصلح بالهم، ويدخلهم الجنة عرّفها لهم"

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين