أتَدرُون مَن هذا الساقِطَ المَهينَ؟!

صرخةٌ في وجه المُنافقين المُفترين ..!!

{وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ * يَسْمَعُ آيَاتِ اللهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [الجاثية:7ــ8] .

الساقِطُ المَهينُ ، والمُجرم بحقّ دينه وأمّته اللعين : هُوَ ذلك الكذّاب المُفتري ، الذي لا ينقصه العقل والفهم ، ولا العلم والمَعرفة ، ولكنّه تنقصه تقوى الله تعالى ، والخشية من غضبه وحسابه ، فلا عجب أن يمرد على الكذب ، ويزيّن له الشيطان عمله ، فيلهث وراء الدنيا ، ويهوي أسفل سافلين مع الساقطين الخاسرين من أشباهه وأمثاله ..

الساقِطُ المَهينُ هُوَ الذي يأتي إلى كلّ ما يجمع الأمّة ، ويؤلّف بينها فيشكّك فيه ، ويحاول بأباطيله وترّهاته نقضه وتقويضه ، وتحطيمه وتمزيقه ..

الساقِطُ المَهينُ هُوَ ذلك الذي يَعمَى عن أعداء دينه وأمّته ، وهو يراهم يُخطّطون ويمكرون ، ويتجرّأون ويعتدون ، ويفسدون في الأرض ، وينتهكون الحرمات ويسفكون الدماء .. ويعينهم على ما يفعلون ، بتشتيت وعي الأمّة وتغييبه ، والكذب على دينها وتاريخها ، وإشغَالها عن معركتها الحقيقيّة ، بإثارة الشبهات ، والتشكيك في ثوابت الدين ، وأصوله الكبرى ، بدعوى النقد والتجديد والتصحيح ..

الساقِطُ المَهينُ ، والخائن لدينه وأمّته هُوَ الذي يَتحرّكُ كما يُريدُ له أعداء الإسلام أن يتحرّك .. فيقف حيث يريدون له أن يقف ، ويتكلّم بما يريدون أن يتكلّم ، ويخرس عمّا لا يريدون أن يقول ، وينقض اليوم ما كان عليه بالأمس ، ويكذّب نفسه بنفسه ، لأنّه هكذا أمر وقيل له .. وهو أوّل من يعلم أنّه كاذب أفّاك في كلّ ما يدّعي ويقول .. ويحاول الهرب من خسّة نفسه وتناقضها ودناءتها ، فيتظاهر بالغَيرة على الحقّ ، والدفاع عنه ، والحرص على التجديد والإصلاح ..

الساقِطُ المَهينُ هُوَ الذي يأتي إلى مكامن القوّة في الأمّة والعزّة ، ومظاهر العافية والصحّة ، فيسعى في هدمها وتقويضها ، ويتطاول عليها بالغمز واللمز ، والسخرية والاستهزاء ، ويظنّ بغباء يحسبه غاية الذكاء أنّ قدرته على الكلام والبيان يسعفه بنقض الحقّ وإعلاء الباطل ..! ويَعمى عن سنن الله في خلقه وكونه ، وأنّ مثيله في الغابرين الهالكين قال عنه ربّ العالمين : {إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ * فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ}[المدَّثر18ــ20] ، فلم تنجده قوّة بيانه ، ولا فصاحة لسانه عن تفاهة قوله ، وسقوط حُجّته وبرهانه ..

الساقِطُ المَهينُ هُوَ الذي يحاول جاهداً طمس ماضيه وبدايته مع أهل الحقّ والهدى ، بأن يقدّم المَزيد من القرابين على معبد طواغيته ، ليصدّقوا براءته من الحقّ وأهله ..

الساقِطُ المَهينُ هُوَ ذلك الذي يبحث ويلهث وراء أبواب الشهرة والظهور ، ولو كان بمثل فعل من بال في ماء زمزم ، ليشتهر بين الناس ؛ فتراه تارة يطعن بالصالحين من عباد الله ، ويحرّض عليهم ، ويشمت بما ينزل بهم من بلاء ، وتَارةً أخرى يوجّه سهامه القذرة إلى ما تعتزّ به الأمّة من مفاخر تاريخها تحريفاً وتشكيكاً .. وتَارةً يتَصيّد بعض الأمور المُلتبسة على العامّة ، فينسِج عليها أفكاره المريضة وعلله .. وكلُّ شأنه لايخرج عن قول الله تعالى : {فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ}[البقرة:10] . فأوّل أمرهم مرض القلب ، وظاهره الافتراء والكذب ، وهم قبل ذلك : {يُخَادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ}[البقرة:9] .

أيّها المُنتكس التافه .! قبلك في السقوط في مزبلة التاريخ ومُستنقعاته العفنة كثير وكثير .. ماتت أفكارهم وترّهاتهم مع موت قلوبهم وضمائرهم ، ثمّ كانوا سطراً أسود في سفر التاريخ الطويل ، الذي يتأبّى على التزييف ، مهما تواطأ المُفترون ..

وأنتم أيّها المُؤمنونَ العقلاء .! لا يغرنّكم ظهور المُنافقين بصور برّاقة خادعة ، فإنّهم لا يَعدُون أن يكونوا زبداً مُنتَفشاً يذهب جفاءً : {وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ}[الرعد:17] ، أو رماداً اشتدّت به الريح في يوم عاصف ، تذروه الرياح ، فيصبح أثراً بعد عين ..

ثمّ أتظنّون أنّ أوّل انتكاس هذا المُنتكس الساقط حين قال ما قال ، من وقاحات إفكه المُبين ، ثمّ تجرّأ وتوقّح ، وقال ما قاء .. لا ، ثمّ لا .. إنّ أوّل انتكاسه كان من داخله ، يوم زيّن له الشيطان سوء عمله ، وخبث أفكاره فرآه حسناً ، فطوى في خبيئته ما لا يرضي ربّه من كبر وغرور ، وحسد ورياء ، وسوء ظنّ بمن كانوا بالأمس أساتذته ومربيه ، فاستكبر وعتا ، واغتر وتعالى ، واستحوذ عليه الشيطان ، وأنساه ذكر ربّه ، واستدرجته شياطين الإنس وأحاطت ، وأغرته وأغوته ، حتّى أصبح من الساقطين الهالكين ..

ولعلّ بعض القارئين يقول : ومَن تعني بهذا المَقال .؟ ولم لا تفصح عن اسمه ، ليُعرَف بشخصه ويحذر .؟ فأقول : رويدكم أيّها الناس .! لو كان زائغاً وساقطاً واحداً لهان أمرُه ، واتُّقي مكرُه ، ولم يعظم خطره وشأنه .. إنّه جيش من المُنافقين من أبنائنا ، الذين اصطادتهم قوى المَكر والشرّ ، من أعداء الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم ، فكانوا معاول هدم وإفساد في مجتمعاتنا ، ورءوس ضلالة مزروعين في كلّ مجتمع ، ويتصدّرون المَنابر ، ويترأسون على الناس ، ولو قطع رأس منهم لظهرت بعده رءوس ، فلا ينفع التحذير من واحد ، ومصنع التضليل والإفساد ينتج كلّ يوم عشرات ومئات .. فلا تفكّر في شخص بعينه وأمامك من أمثاله كثرة من الساقطين الهالكين ..

وإنّ المَسئوليّة الكبرى على حمَلة الحقّ ، أهل العلم الربّانيّين ، والدعاة المُخلصين ، الذين : {يَهْدُونَ بِالحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ} [الأعراف:181] ، وقد أخذ الله تعالى عليهم المِيثاق : {لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ}[آل عمران:187] ، فيجب عليهم تبرئة لذمّتهم أمام ربّهم ، وكلّ بحسب موقعه وإمكاناته أن تجتمع كلمتهم ، مهما اختلفت مدارسهم ومناهجهم على الوقوف في وجه هؤلاء الزائغين المُضلّلين ، غيرة على حمى الدين وحرماته ، ولا عذر لأحد منهم في السكوت عن هؤلاء الزائغين المُضلّلين .

وأنتم أيّها المُتدبّرون لكتاب ربّهم ، ألم يقل الله لكم في محكم تنزيله عن هؤلاء المُنافقين : {... يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ العَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ}[المنافقون:4] ، وضرب لهم ولأمثالهم أسوأ الأمثال بمن يقودهم ويحرّكهم من يهود وأذناب يهود ، فقال سبحانه : {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ القَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللهِ وَاللهُ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ}[الجمعة:5] ، وقال عزّ من قائل ، عمّن آتاه آياته فَانسَلَخَ مِنْهَا ، واشترى بها ثمناً قليلاً : {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ القَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ القَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الأعراف:175ــ176] .

فهل بعد هذا البيان من بيان .؟! وهل بعد هذا التحذير من تحذير .؟!

{رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الوَهَّابُ}[آل عمران:8] .

اللهم اهد ضالّ المُسلمين للعودة إلى دينك ، وهدي نبيّك صلّى الله عليه وسلّم ، واقطع دابر الكافرين والمُلحدين والمُنافقين . والحمد لله ربّ العالمين .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين