أبو منصور الجواليقي‎

في مثل هذا اليوم 15 من المحرم 540 هـ توفي الجواليقي صاحب كتاب " المعرَّب "عن 74 عاما،

وهو أبو منصور بن الجواليقي موهوب بن أحمد بن محمد بن الخضر بن الحسن البغدادي الحنبلي .اشتهر بالجواليقي نسبة إلى عمل الجواليق (أوعية تصنع من الصوف أو الشعر) وبيعها.

ولد في ذي الحجة سنة 466هـ ، واشتغل بطلب العلم منذ زمن مبكر، فدرس على أعلام عصره، ومن هؤلاء الأعلام ممَّن روى عنهم في كتابيه الرئيسيين "المعرب "، و"شرح أدب الكاتب", ومن أشهرهم :الخطيب التبريزي ،وأبو الحسين بن الطيوري، وأبو القاسم بن البسري، وثابت بن بندار أبو المعالي وغيرهم من علماء عصره.

قال عنه ابن رجب: "هو شيخ أهل اللغة في عصره،وبرع في علم اللغة العربية، ودرس العربية في النظامية بعد شيخه أبي زكريا - التبريزي- مدة، ثم قربه المقتفى لأمر اللّه تعالى فاختصّ بإمامته في الصلوات، وكان المقتفى يقرأ عليه شيئاً من الكتب، وانتفع به، وبان أثره في توقيعاته، وكان من أهل السنة المحامين عنها، ذكر ذلك ابن شافع ..".

وقال ابن خلكان : "وكان يصلى بالمقتفى باللّه، فدخل عليه، وهو أول ما دخل ،فما زاد على أن قال: السلام على أمير المؤمنين، فقال ابن التلميذ النصراني ـ وكان قائماً وله إدلال الخدمة والطب ـ : ما هكذا يسلم على أمير المؤمنين يا شيخ، فلم يلتفت إليه ابن الجواليقي، وقال: يا أمير المؤمنين لو حلف حالف أن نصرانياً أو يهودياً لم يصل إلى قلبه نوع من أنواع العلم على الوجه لما لزمته كفارة؛ لأن اللّه تعالى ختم على قلوبهم ولن يفك ختم اللّه إلا الإيمان، فقال: صدقت أو أحسنت، وكأنما ألجم ابن التلميذ بحجر مع فضله وغزارة أدبه" .

وقال تلميذه ابن السمعاني في حقه : "إمام اللغة والأدب، وهو من مفاخر بغداد ، وهو متدين ثقة، ورع غزير الفضل، كامل العقل ، مليح الخط ، كثير الضبط ، صنف التصانيف وانتشرت عنه، وشاع ذكره ونقل بخطه الكثير" .

وقال تلميذه ابن الجوزي:" لقيت أبا منصور الجواليقي، فكان كثير الصمت، شديد التحري فيما يقول متقنًا محققًا، وربما سُئِل المسألة الظاهرة التي يبادر بجوابها بعض غِلمانه، فيتوقف فيها حتى يتيقّن"..

تلاميذه:

انتشر ذكر الجواليقي في عصره، وقرأ عليه الكثير من الطلبة والمتعلمين، وأقتصر على من ذكرهم الأستاذ أحمد شاكر ، وهم سبعة:

- أبو سعد السمعاني عبد الكريم بن محمد بن منصور (506-562) صاحب كتاب الأنساب.

- أبو البركات بن الأنباري عبد الرحمن بن محمد (513-577) صاحب كتاب الإنصاف وأسرار العربية.

- ابن الجوزي أبو الفرج عبد الرحمن بن علي (510-597).

- ابنه أبو محمد إسماعيل بن موهوب.

- ابنه الآخر أبو طاهر اسحاق بن موهوب.

- أبو محمد عبد الله بن أحمد المعروف بابن الخشاب( 492 - 567 ).

- تاج الدين أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي البغدادي(520- 613).

مصنفاته:

- شرح أدب الكاتب، وأدب الكاتب لابن قتيبة الدينوري البغدادي، طبع شرحه سنة1350هـ عن نسخة دار الكتب المصرية العامرة في مكتبة القدسي ،وقدم له أديب العربية: مصطفى صادق الرافعي.

- المعرَّب من الكلام الأعجمي على حروف المعجم، وهو يُعنى بتتبُّع الألفاظ الدخيلة في لغتنا العربيَّة الفصحى ودراستها، نشره العلامة الشيخ أحمد شاكر، ثم حققه العلامة الهنديُّ د. ف. عبدالرحيم، ونال على دراسته وتحقيقه للكتاب شهادةَ الدكتوراة من جامعة الأزهر سنة 1973،وصدرت طبعته المحققة عن دار القلم بدمشق، ط1، 1410هـ/ 1990م. 

- تكملة إصلاح ما تغلط فيه العامة.وقد حققه الدكتور محمد عبد العال محمد إبراهيم في جامعة عين شمس الآداب، ونال درجة الدكتوراة سنة 2002 في رسالته: "جهود الجواليقي اللغويه والنحويه مع تحقيق كتابه: تكمله إصلاح ما تغلط فيه العامة"، 

ويعدُّ كتابه هذا (تكملة إصلاح ما تغلط فيه العامة) نموذجًا لما طرأ على البنى الصرفية للناس فى زمنه ممّا جعله أهلاً للدرس الصرفى قبل غيره. 

فقد جاء الجواليقى , بكتابه هذا ليثبت أن اللغة فى حاجة ماسّة إلى تسجيل أغلاط الناس فى النطق كما كانت فى حاجة شديدة إلى تقنينها وتقعيدها فى قواعد تضبط نطق الناس فلا يحيدون عنها .

وقسم الباحث دراسته على مقدمة و قسمين ؛ جعل القسم الأول خاصًا بالدراسة, والثانى للتحقيق .

- اختصار صحاح الجوهري،قام بتحقيقه عـاطـف محمـد المغاوري إبـراهيم في رسالته : "الجهـود اللغـوية في اختصار صحاح الجوهري"سنة 2006،تناولت هذه الرسالة الجهود اللغوية في اختصار صحاح الجوهري للجواليقي مع تحقيق الكتاب. وكانت أهداف البحث: تحقيق النص تحقيقا معجميا تعرف جهود الجواليقي في اختصار الصحاح ، ورصد القضايا اللغوية ودراستها وتعرف أوجه الاتفاق والاختلاف بين اختصار الجواليقي ومختار صحاح الرازي وقد قسم الباحث الدراسة إلي قسمين: 

القسم الأول : يتناول دراسة جهود الجواليقي اللغوية والنحوية، أما القسم الثاني فيتناول دراسة نصية ثم النص المحقق. وتناولت الدراسة أوجه الاتفاق والاختلاف بين اختصار الجواليقي ومختار الصحاح للرازي، كما تناولت القضايا الصوتية في اختصار الصحاح للجواليقي اما قسم التحقيق فقد تناول مقدمة التحقيق والنص المحقق.

-شرح مقصورة ابن دريد.

-المختصر في النحو. 

هذه أهم آثاره وما حولها من دراسات، وقد كتب الدكتور عبد المنعم أحمد التكريتي سنة 1979 في جامعة بغداد رسالته:"أبو منصور الجواليقي و آثاره في اللغة " في 523 .وجعلها في ثلاثة أبواب : 

الباب الأول:في ثلاثة فصول تحدث فيها عن عصره، وحياته، وثقافته، وآثاره المطبوعة والمخطوطة والمفقودة، والآثار التي رواها. 

والباب الثاني: دراسة آثاره، جعله في ثلاثة فصول، درس فيها كتبه :(المعرب من الكلام الأعجمي على حروف المعجم)،و (شرح أدب الكاتب)، و (تكملة إصلاح ما تغلط به العامة).

والباب الثالث: في فصلين تكلم فيهما عن منهجه في الدراسة اللغوية، والثاني: عن الجواليقي في الدراسات اللغوية.

ولم تكن اللغة والنحو هي ما برع به الجواليقي وحسب, بل كان له اهتمام بعلم الحديث ولهذا ترجم له الحافظ الذهبي في "تذكرة الحفاظ"، وذكر عنه تلميذه السمعاني أنه كان بارعاً في الفقه والحديث. 

وفاته:

توفي في سحر يوم الأحد خامس عشر المحرم سنة 540 هـ ، عن 74 عاما ، ودفن بباب حرب عند والده .رحمه الله تعالى وأثابه رضاه.

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين