أبو حازم الفقيه والخليفة سليمان بن عبد الملك

رجال ومواقف:

أبو حازم الفقيه والخليفة سليمان بن عبد الملك

حيدر الغدير

 

(1)

سليمان بن عبد الملك – رجل

الرجل: كيف أصبحتَ اليومَ يا أميرَ المؤمنين؟

سليمان: بخير من الله وفضل، نسأله تعالى أن يقبل حَجَّنا، فهو وحده يعلم كم احتملنا في سفرنا هذا من مشاق.

الرجل: ما كان الله لِيُضيع عمل أحدٍ قط، إنه أرحم بنا من الأب والأم.

سليمان: صدقتَ والله!.. اللهم تقبل منا ما كان صالحاً، وأصلح منا ما كان فاسداً، واجعلنا من الصالحين.

الرجل: اللهم آمين.. اللهم آمين.. "صمت قصير"

سليمان: ترى كيف الرعية؟ أهي بخير؟ أثَمَّةَ شكوى؟ هل هناك ظلامة؟

الرجل: الناس بخير يا مولاي، الأحوال هانئة، والرزق وفير، والعدل أخذ مجراه، وذلك هو فضل الله وكرمه.

سليمان: حمداً لله على ما أنعَم.

الرجل: والناس يا مولاي يدعون لك، ويذكرونك بخير.. كثيراً ما سمعتُ من يدعو قائلاً: اللهم احفظ أمير المؤمنين سليمان بن عبد الملك وأيِّدهُ وانصره.

سليمان: ذلك فضل الله عليَّ. "في صوت ضارع" ربِّ أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليَّ وعلى والديَّ وأن أعملَ صالحاً ترضاه. "صمت قصير، ثم سليمان يتحدث"

سليمان: ارفقوا بالحجاج وأحسِنوا إليهم.

الرجل: أمرُ مولاي.

سليمان: وابذلوا لأهل مكة المكرمة كل عون هم بحاجة إليه، فهم جيران بيت الله عز وجل.

الرجل: بارك الله فيك يا مولاي، سنفعل ذلك إن شاء الله.

سليمان: "بعد صمت قصير" ترى من هو اليوم عالمُ مكة الكبير؟

الرجل: إنه أبو حازم يا أمير المؤمنين.

سليمان: أجد نفسي بحاجةٍ إليه.. فقد حاك في نفسي شيء، وأجدني ثقيل الفؤاد، فلعله يمحو ذلك عني.

الرجل: أنرسِلُ في طلبه يا أميرَ المؤمنين؟

سليمان: أجل..! أرسلوا في طلبه، وترفقوا به ولا تُرَوِّعوه.

الرجل: في الحال يا أمير المؤمنين.

 

(2)

سليمان بن عبد الملك - أبو حازم - الرجل

سليمان وهو يتحدث بصوت هادئ يدل على احترامه لأبي حازم. وأبو حازم يتحدث بصوت رجل واثق من نفسه رزين هادئ.

أبو حازم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سليمان: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، مرحباً بك يا أبا حازم.. مرحباً بك.

أبو حازم: مرحباً بك يا أمير المؤمنين، قبِلَ الله منك حجَّك هذا ووفقك لطاعته، وساق على يديك الخير.

سليمان: بورك فيك يا أبا حازم، وجزيت خيراً.

أبو حازم: وفيك يا أمير المؤمنين.

سليمان: يا أبا حازم، لقد حاك في نفسي شيء، ووجدتُني ثقيل الفؤاد فأرسلتُ أسألك.

أبو حازم: سَلْ عمَّا بدا لك.

سليمان: يا أبا حازم، ما لنا نكره الموت؟

أبو حازم: "بعد صمتٍ قصير" لأنكم خربتم آخرتكم، وعمرتم دنياكم، فكرهتم أن تنتقلوا من العمران إلى الخراب.

سليمان: "يردد في صوت حالم" من العمران إلى الخراب.. من العمران إلى الخراب.. "ثم يسأل أبا حازم"

يا أبا حازم.. كيف القدومُ على الله؟

أبو حازم: يا أمير المؤمنين، أما المحسن فكالغائب يقدُمُ على أهله، وأما المسيء فكالآبق يقدم على مولاه.

سليمان: "يبكي" ليت شعري ما لي عند الله؟

أبو حازم: اعرض نفسك على كتاب الله تعالى حيث قال: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ* وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} [الانفطار:13-14].

سليمان: فأين رحمة الله يا أبا حازم؟

أبو حازم: قريبٌ من المحسنين.

سليمان: فأي عباد الله أكرمُ يا أبا حازم؟

أبو حازم: أهل البر والتقوى يا أمير المؤمنين.

سليمان: فأي الأعمال أفضل؟

أبو حازم: أداء الفرائض مع اجتناب المحارم.

سليمان: فأي الكلام أسمع؟

أبو حازم: قولُ الحق عند من تخاف وترجو.

سليمان: فأي الناس أخسر؟

أبو حازم: رجلٌ باع آخرته بدنيا غيره.

  "صمت قصير"

سليمان: والله!.. لقد صدقت يا أبا حازم، ومثلك يَصْدُق، النقلة من العمران إلى الخراب ثقيلة شاقة.. "يغلبه البكاء فيبكي" وقد عمرنا دنيانا وخربنا آخرتنا.. "يبكي"

الرجل: "في صوت فيه عتب ولوم" ما هذا يا أبا حازم؟ لقد أبكيت أمير المؤمنين.

أبو حازم: بكاؤه مع من يريد له الخير، أفضل من ضحكه مع من يريد أن يتخذه سُلَّماً لمطامعه.

الرجل: كأنك تُعرِّضُ بنا يا أبا حازم.

أبو حازم: إنما هي قولة حق، وإنما تصيب من يقع تحت طائلتها.

الرجل: "غاضباً" أكثرتَ أكثرتَ.. يا أبا حازم، أبكيتَ أمير المؤمنين واتَّهمتَ جُلساءه.

أبو حازم: "غاضباً" إنها كلمة حق لا بد لي من قولها، فإن الله عز وجل قد أخذ الميثاق على العلماء ليبينُنَّه للناس ولا يكتمونه "صمت"

"في هدوء" اللهم ارزقنا الحق، وثبتنا عليه، ووفقنا لإبلاغه والجهر به حيث نكون.

*****

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين