أبناؤنا والقصص التاريخي

القصص التاريخي من الألوان المحببة إلى الأطفال! فطفل الثامنة والتاسعة يميل في هذه السن إلى معرفة الماضي، ويبدأ بالتوجه إلى التراجم وقصص السيرة الذاتية؛ وكذلك أطفال العاشرة والحادية عشرة يبحثون في هذه السن عن القدوة والمثل الأعلى ؟!

وقد تنبه أسلافنا إلى هذا الأمر في تعريف النشء بسيرة الآباء والأجداد، فنقل عن زين العابدين بن الحسين بن علي – رضي الله عنه – قوله: كنا نـُعلم مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما نُعلم السور من القرآن.

كما نـُقل عن أحد أحفاد سعد بن وقاص رضي الله عنه قوله: كان أبي يُعلمنا المغازي والسير، ويقول: يابني، إنها شرف آبائكم فلا تضيعوا ذكرها!

وإذا كانت الغاية من قصص البطولات استحضار الماضي العظيم، وعقد صلته بالحاضر، وإيقاظ الشعور بالتقدير، والرغبة في التقليد والمنافسة اللذين هما مصدر الإلهام في مرحلة الطفولة، فهل يصح أن يـُعرض أمام الأطفال كل ما ورد في صفحات التاريخ ؟

لا ننكر أن هناك مجموعات من القصص التاريخي قد سدت فراغا في مكتبة الأطفال والناشئين!

إلا أن بعض الكاتبين لم يميز بين ما يجب أن يقال للأطفال في سن معينة، وبين ما يجب أن يؤخر قليلا ريثما تنضج عقولهم، وتستوي مداركهم، وتتوازن محاكمتهم للأمور! فعمد إلى التاريخ بما فيه وراح يعرض على الأطفال معركة صفين والجمل وفتنة مقتل عثمان وعلي رضي الله عنهما، دون مراعاة للملابسات في مثل هذه الموضوعات التي لا يستوعبها الطفل حق الاستيعاب ؟! مع أن تاريخنا الإسلامي مليء بالبطولات الرائعة، والصفحات الناصعة!؟

فهل استوعب كتاب القصة كل مافي هذا التاريخ من بطولات وجوانب مضيئة، حتى يعرضوا على الطفل خلافات لا يستطيع أن يقدرها حق قدرها وهو في هذه السن المبكرة ؟

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين