آهات شامية وخطوات عملية

 


آهات شامية وخطوات عملية


الحمد لله ذي القوة المتين، ناصر المظلومين، ومجيب دعوة المضطرين، ومغيث المستغيثين، فارج الهمِّ، وكاشف الكرب، لا إله إلا هو الرحمن الرحيم، وصلى الله وسلم على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وخلفائه الراشدين، ومن استن بسنتهم إلى يوم الدين.

 

إخوة الإيمان: كل يوم تطلع علينا فيها آلام الشام، وكل يوم نقف منا على أخبار الأحزان..


مآذن الشام تبكي إذ تعانقني *** وللمآذن كالأشجــار أرواح

أيها الإخوة المؤمنون
مرت سنتان كاملتان على الثورة السورية وبمقدار بطش النظام وتجبره يقابله إصرار الثوار على الصمود وانتزاع الحرية والكرامة، وإليكم إحصاءات توثق لبطولات النطام وانتصاراته ضد شعبه الأعزل

إحصـائــيــات الثــورة:
ضحايا الثورة تجاوزت: 64,946
ضحايا الثورة من الأطفال: 4,349
ضحايا الثورة من الإناث 3,567
ضحايا الثورة من العساكر: 7,014
ضحايا الثورة الذين ماتوا تحت التعذيب: 1,455
المفقودون: +60,000
المعتقلون حالياً حوالي: +140,000
عدد الجرحى: +137,000
اللاجئون السوريون منذ بداية الثورة: +714,118


هذا ومع صمت العالم وتفرجه إنهال هذا النظام الوحشي على جسد الشعب السوري المنهك المسكين، يقطع الكهرباء والماء عن الأحياء السكنية والمشافي، ثم يتفنن بكل صور الإجرام القمعي، وبجميع الأسلحة الثقيلة من دبابات وصواريخ وراجمات، تدك المدن والأحياء والبيوتات، وعلى رؤوس أهلها أطفالاً ونساء، ومرضى وجرحى وأبرياء، ومن تمكنوا منه تفننوا بذبحه بالسكين، رضيعًا كان أو امرأة أو من المسنين، ففي كل يوم مئات الشهداء والثكالى، على يد طائفة من المجرمين القتلة.


آهٍ لشعب أعزل مسالم يواجه كل لحظة مجازر جماعية متناهية في البشاعة والقبح، تُقتلع حناجرهم، وتُقطع أيديهم وأرجلهم، ويُنكل بهم بما لا يتصوره عقل، ولم تره عين في تاريخ الإجرام والتعذيب.

 يا الله! يُقتلون بدم بارد في الشوارع والطرقات دون أي رحمة أو شفقة أو حتى مراعاة لأية حقوق إنسانيّة أو أخلاقيّة، والعالم كله متفرج  ساكت .....ولا مجيب. إن المجيب! هو وحده الرحيم القريب، هو الذي بيده تصاريف الأمور، إن المجيب هو الله ذو القوة والجبروت الحي الذي لا يموت، (وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ) [إبراهيم: 42] .


أيها المؤمنون والمؤمنات: إن الله تعالى يبتلي العباد ليمتحن إيمانهم وصدقهم (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) [الملك: 2]، ومثل هذه الأحداث ليست ابتلاء لأهلنا في سوريا  فقط ،

إنها سنة الابتلاء لنا نحن أيضًا، ابتلاء لكل مسلم ينبض قلبه بالإيمان الصادق وهو يرى ويسمع حال إخوانه في الشام، فالله يمتحننا أيضًا ماذا فعلنا؟ وما شعورنا؟ وماذا قدمنا لشعب مسلم مسالِم أعزل بيننا وبينهم رابطة الدين والإنسانية واللغة والتاريخ والحضارة ، ماذا قدمنا ونحن نراهم يعانون أبشع أنواع الظلم والتعدي والقتل والفتك والتنكيل والاغتصاب والسرقة وإتلاف المملكات وحرق الحروث والزروع.

إن الواجب علينا إبراء للذمة أمام الله تعالى نصرة إخواننا المظلومين، ضمن خطوات عملية منها:
الخطوة الأولى:

 هي تصحيح النظرة للقضية السورية فهي ليست للسوريين فقط بل لكل المسلمين وللإنسانية

ولذا فلا بد من تصحيح النية والقصد، لا بد أن يعلم كل مسلم أنَّ القضية قضيته، وأن البداية بترسيخ هذا المعنى، فهو أساس النصر (إنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ) [الرعد:11].



الخطوة الثانية للنصرة:

الدعم المادي وبذل المال في سبيل الله، وإيصاله للمحتاجين في الداخل وللاجئين في الخارج في المخيمات في تركيا والأردن ولبنان، فقد أوجب الله الجهاد بالمال، وحث عليه ورغب فيه فقال:(انْفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ) [التوبة: 41] وقال: (وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ) [الحديد: 7]، والحق أنها أهم الخطوات العملية، أولاً لأن المال برهان واضح على الهم والصدق للقضية، ولأن المال عصب الحياة.

.
الخطوة الثالثة للنصرة: إشعار إخواننا في سوريا أنهم منا ونحن منهم، وأن معهم قلب أكثر من مليار مسلم فضلاً عن أحرار العالم، فدماء سوريا التي تنزف هي والله تنزف من قلوبنا.

والنبي صلى الله عليه وسلم يقول«الْمُؤْمِنُ مِرْآةُ الْمُؤْمِنِ، وَالْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ، يَكُفُّ عَلَيْهِ ضَيْعَتَهُ، وَيَحُوطُهُ مِنْ وَرَائِهِ». رواه أبو داود وحسنه الألباني في صحيح الجامع. وكما قال صلى الله عليه وسلم: «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ» متفق عليه.


ولا شك أن هذا المعنى في حق المغتربين السوريين بكل مكان هو أولى وأوجب، فكل سوري مغترب هو سفير للقضية السورية، فعليه أن يُحسن سفارته بأن يتحرك وأن يوضح وأن يطالب وأن يبذل كل وسعه، فهو باب من أبواب الجهاد في سبيل الله، فلا تحرم نفسك وشعبك وبلدك هذا الخير.



الخطوة الرابعة للنصرة وهي: اليقين التام بأن النصر آت وبث هذه الروح في نفوس إخواننا المظلومين وعدم تيئيسهم وتخذيلهم،قال الله تعالى: (وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْـمُؤْمِنِينَ)[الروم:47]، (وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ)، فلا نستبطئ النصر مهما كانت التضحيات (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْـجَنَّةَ وَلَـمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ) [البقرة:214]؟ فيجب الحق المبين:(أَلا إنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ)[البقرة:214]. فالحذر الحذر من التيئيس والتثبيط.

 


الخطوة الخامسة للنصرة: الدعم والتشجيع للهيئات والمؤسسات التي تبنّت القضية السورية وتعمل لأجلها بكافة أنواع الدعم؛ ماديًّا، ومعنويًّا.

الخطوة السادسة للنصرة:قيام الأطباء والشباب القادر على تجهيز قوافل طبية وإغاثية عاجلة لمخيمات الدول المجاورة تواسي اللاجئين وتداوي الجرحى وتعين الملهوف والفقير.


فبطش النظام وقسوته هذه الأيام هي والله ثم والله ثم والله ثقة بالله هي علامات إفلاس واحتضار، واضمحلال وإدبار، وتخبط وبوار، ونهاية وانهيار].

الخطوة السابعة للنصرة: حضور جميع الفعاليات والتطاهرات التي تدعم القضية وتعرف بها وبهذا الخصوص ندعوا الإخوة والأخوات لحضور الملتقى التواصلي الذي سيقام في مدينة ماينز الأد المقبل زسيحضره فضيلة الدكتور راتب النابلسي

الخطوة الثامنة الدعاء الصادق:

فكل واحد منا قادر على أن يتوجه إلى الله بالدعاء لنصرة إخواننا هناك، فكم من السجدات في الظلمات، التي تنفست فيها بدعوات ودمعات، فإن الله يسمع ويرى وهو القائل: (قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعَاؤُكُمْ) [الفرقان: 77]، والقائل: (فَلَوْلا إذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [الأنعام:43]، ويقول صلى الله عليه وسلمأفضل العبادة هو الدعاء».

إخوة الإيمان! رغم قتامة المشهد، ورغم سخونة الحدث، ورغم بشاعة الإجرام، ورغم وحشية وفظاعة النظام في القمع والقتل والتدمير هذه الأيام، إلا أننا متفائلون، فالأحداث تحمل في طياتها خيرًا كثيرًا،


نسأل الله تعالى أن ينصر إخواننا المستضعفين في سوريا، كما نسأله تعالى ان يرفع الظلم عنهم ويمكن لهم في أرضهم ويرد كيد الطغاة المعبدين، كما نسأله تعالى أن يتقبل الشهداء عنده ويشفي المرضى ويفك أسر المأسورين، ويعيد اللاجئين إلى ديارهم سالمين غانمين

إنه سميع مجيب والحمد لله رب العالمين

 

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين