آخر الكبار

آخر الكبار

 

محمد مجير الخطيب الحسني

في أصيل هذا اليوم الثلاثاء 1 ربيع الأول 1444 غيَّب ثرى الصحراء آخرَ عمالقة رجال الفكر والدعوة والقلم من رَعِـــــيلٍ مضى عاصر المتغيرات القاسية والتحولات الصعبة في العالم الإسلامي، فشمر ذلك الرعيل عن ساعده، ولم يدخر وسعًا في تعريف الأمة بثوابتها، ودعوتها إلى أصالتها، وربطها بماضيها، مع توجيه حاضرها، والنهوض بواقعها، والنظر إلى مستقبلها ...

مات آخر الكبار من رعيل الصحوة الإسلامية في البلاد العربية العلامة يوسف القرضاوي رحمه الله تعالى وعظَّم أجر ذويه وأجر المسلمين بفقده، وقد مات قبله من ذلك الرعيل خلال نصف قرن: سيد قطب، وأبو الأعلى المودودي، ومحمد الغزالي، وأبو الحسن الندوي، ومحمد قطب، وغيرهم رحمهم الله ممن قيضهم الله (مع ما بينهم من اختلاف) لينفوا عن مفاهيم الإسلام الكلية عبث الحكومات اللادينية (في المرحلة التي تلت الاحتلال البريطاني والفرنسي) في مناهج التعليم الرسمية ووسائل الإعلام، وليعيدوا الثقة بالإسلام في قلوب أبنائه، وليوقظوا جيلا طالما عبثت بعقوله الثورات والاتجاهات اليسارية في الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين، فعاش في أوهام الحتميات الكاذبة الخاطئة التي لم ينته القرن العشرين حتى أعلنت إفلاسها أمام مد إسلامي لم يبق منها ولم يذر ..

لقد مات الشيخ يوسف القرضاوي رحمه الله وأفلت بموته شمس عصر قد مضى ...

ونحن اليوم في عصر جديد وفي أجيال جديدة، لم تعش في القرن العشرين، ولم تدرك كيف آلت الأمور إلى ماهي عليه الآن من انحرافات أبشع، وظلم أشنع، وطغيان أفظع، في ساحة إسلامية متدابرة غير متراصة، وجهود إسلامية مشتتة مبعثرة مرتجلة، توفر الجهود على أعداء ماكرين متسلطين ...

نحن اليوم بأمس الحاجة إلى قطب جديد، ومودودي جديد، وغزالي جديد، وندوي جديد، وقرضاوي جديد، ولن تعدم هذه الأمة خيرا، ومن قال: هلك الناس فهو أهلكهم ....

ويحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ...

عظم الله أجر المسلمين بفقيدهم، وعوض المسلمين خيراً

رحم الله العلامة القرضاوي وغفر له وأعلى درجاته وجعله في عليين مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا ...

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين