هل يضمن الأجير إذا أخطأ في العمل؟

نص الاستشارة :

هل يضمن الأجير إذا أخطأ في العمل؟ 

الاجابة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

كتب عبد الكريم خلف: 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الإخوة الأكارم العلماء: وردني سؤال: تاجر اشترى ماكينات قص مشمع واستأجر رجلاً للتركيب، وادعى الرجل الخبرة... ولكنه أثناء التوصيل قام بخطأ في توصيل اﻷسلاك حسب تقييم خبير الشركة، فأدى لتلف اللوحة وقيمتها ما يقارب 1900 ألف وتسعمائة ليرة تركي.

هل على هذا الرجل ضمان نتيجة الخطأ أم لا؟ وجزاكم الله خيراً

طبعاً عرض عليه الصلح بدفع نصف المبلغ فلم يقبل.

تعليق الأخ أحمد زاهر سالم: 

إن كان كاذباً في دعواه الخبرة، فيضمن المبلغ كله. 

تعليق عبد الكريم خلف: 

مثل هذا النوع من الماكينات يحتاج لخبير من الشركة المصنعة، لكنه تجرأ وادعى الخبرة..

والسؤال هنا: هل تنطبق هذه الحالة على قاعدة (الخراج بالضمان)؟

‪تعليق الأخ يوسف أبو العظام: ‬

الأجير لا يضمن إلا في حالتي: التعدي أو الإهمال. 

فإن كان كاذباً في ادعائه الخبرة، فهو متعدٍّ، وعليه الضمان، وإلا فلا.

تعليق الأخ أحمد زاهر سالم: 

إذاً يضمن (من تطبَّب ولم يعلم منه الطب فهو ضامن) 

لكن إذا كان صاحب الماكينة يعلم أنه لا بد لها من خبير الشركة ومع ذلك رضي بغيره فلا يضمن المبلغ، إلا إن كذب في دعواه المعرفة، أو قصر تقصيرا لا يصدر إلا عن متهاون ومقصر. 

 

تعليق عبد الكريم خلف: 

هو لا يعلم إلا بعد وقوع الحادثة واستدعاء الخبير.

تعليق الأخ أحمد زاهر سالم: 

طيب، هذا العامل عنده خبرةٌ ما أم ليس عنده أي خبرة، وادَّعى كاذبا وجود أصلها؟

ثم هل العامل يعلم أنه لا بد لها من خبير خاص أم لا يعلم؟

تعليق عبد الكريم خلف: 

كلاهما لا يعلم، والعامل عنده نوع خبرة، ولكن السؤال: أليس الخطأ في توصيل اﻷسلاك نوع من التقصير؟

تعليق الدكتور خالد عبد الله: 

هناك فارق بين اﻷجير الخاص والأجير المشترك، فاﻷجير الخاص كالخادم في البيت والعامل في المحل بحيث يؤجر نفسه لشخص محدد، والأجير الخاص هو الذي يده يد أمانة ولا يضمن إلا في حالة التعدي والتقصير. 

أما اﻷجير المشترك فهو الذي يتقبَّل اﻷعمال من أشخاص متعدِّدين ويأخذ أجرته بعد إنجاز العمل عادة، ولا خلاف بأن اﻷجير المشترك يضمن في حالتي التعدي أو التقصير، أما إن لم يكن هناك تعدٍّ أو تقصير فقد اختلف العلماء فيه: حيث رأى بعضهم تضمينه حفظاً ﻷموال  الناس في زمن الفساد، ورأى آخرون أنه لا يضمن لأنه مؤتمن. 

والذي يظهر أن العامل في السؤال المذكور أجير مشترك، وهذه النقطة تحتاج لتأكيد، وطالما أنه أجير مشترك، ينظر إن كان خبيراً وقد وقع الخطأ دون تقصير منه أو تعدٍّ فلا يضمن.

وأما إن لم يكن خبيراً وقد احتال وادَّعى الخبرة، وقام بتوصيل اﻷسلاك بطريقة خاطئة فهاهنا يضمن، والله أعلم. 

تعليق الأخ أحمد زاهر سالم: 

إذا كان كلاهما لا يعلم، وكان عند العامل نوع خبرة، ولم يكن مقصِّراً (والحكم في ذلك لأهل الخبرة والعرف) فالقول بعدم تضمينه هو الأقرب، والله أعلم

تعليق عبد الكريم خلف: 

الخبير المختص حكم بتقصيره العامل.

 

تعليق الأخ أحمد زاهر سالم: 

فيضمن إذاً، والصلح خير.

تعليق عبد الكريم خلف: 

جزاكم الله خيراً.  

تعليق الأخ أحمد زاهر سالم: 

شيخ خالد: ما الفرق فقهيا بين الأجير المشترك والخاص؟

تعليق الدكتور خالد عبد الله: 

الخبير الذي حكم هو من قبل الشركة فهو أحد أطراف النزاع، فلا يكون طرفا في النزاع، وطرفا في التحكيم بآن واحد، لا بد في التحكيم أن يكون المحكم طرفاً مستقلاً. 

تعليق الأخ أحمد زاهر سالم: 

صحيح، تنبيه مهم. 

تعليق الدكتور خالد عبد الله: 

من أبرز الفروق الفقهية بين اﻷجير الخاص والأجير المشترك: أن اﻷجير الخاص كالخادم في البيت، والعامل في المحل بحيث يؤجر نفسه لشخص محدد، ويده يد أمانة؛ لذا لا يضمن إلا في حالة التعدِّي والتقصير. 

بينما اﻷجير المشترك فهو الذي يتقبل اﻷعمال من أشخاص متعددين، ويأخذ أجرته بعد إنجاز العمل عادة، وقد اختلف العلماء: هل يده يد أمانة أم يد ضمان؟ 

فمن رأى أن يده يد أمانة لم يضمِّنه إلا في التعدِّي أو التقصير.

ومن رأى أن يده يد ضمان فيضمنه حتى وإن لم يكن هناك تعدٍّ أو تقصير ما لم تكن جائحة لا علاقة له بها، والله أعلم. 

تعليق الأخ أحمد زاهر سالم: 

لم يظهر لي الفرق بين حقيقتهما الموجب للفرق في التضمين.. 

من الذي قال يده ضمان، ومن الذي قال يده أمانة؟

تعليق الدكتور خالد عبد الله: 

الفرق أن المشترك يضمن حتى دون تعدٍّ أو تقصير.

 

تعليق الأخ أحمد زاهر سالم: 

فهمت هذا أخي، ولكن لم يظهر لي اختلاف موجب للفرق بين الخاص والمشترك

يعني لو أجر شخص نفسه لاثنين يخدمهما فهل هو خاص أم مشترك؟

تعليق الدكتور خالد عبد الله: 

ذهب الإمام علي وعمر رضي الله عنهما وشريح القاضي وأبو يوسف ومحمد والمالكية إلى  أنَّ يد الأجير المشترك يد ضمان، وأنه يضمن الشيء التالف ولو بغير تعد أو تقصير منه؛ صيانة لأموال الناس وحفاظًا على مصالحهم. 

وذهب أبو حنيفة وابن حزم إلى أن يده يد أمانة فلا يضمن إلا بالتعدي أو التقصير. وهذا هو الصحيح من مذهب الحنابلة، والصحيح من أقوال الشافعي رضي الله عنه. 

وقال ابن حزم: لا ضمان على أجير مشترك أو غير مشترك، ولا على صانع أصلاً، إلا ما ثبت أنه تعدى فيه أو أضاعه. 

تعليق الأخ أحمد زاهر سالم: 

أما الذي يقبل العمل، ويأخذ أجرة على إنجازه فهو أجير عمل يقوم به في بيته أو محله أو مصنعه هو أجير عمل، وهو غير أجير الخدمة، ولا علاقة لهذا بالخاص والمشترك، ومذهبي أنا شافعي. 

تعليق الدكتور خالد عبد الله:  

اﻷجير الخاص يكون أجره مرتبط بمدة محددة فهو يأخذ أجره على الزمن، وهاهنا يكون المثال كالخادم في البيت على اعتبار أن عقده محدد بالزمن غالباً. 

والأجير المشترك يكون أجره على العمل وليس على الزمن، لربما يكون هذا الفارق أوضح.

تعليق الأخ أحمد زاهر سالم: 

جميل... هذا تقسيم للإجارة إلى عمل وإلى زمن وهو غير الخاص والمشترك

جزاك الله خيرا.

إن تكرمت عليَّ بإيراد تعريف الفقهاء للخاص والمشترك، والفرق بينهما من كتاب معتمد أكن لك شاكراً.

تعليق الدكتور خالد عبد الله:  

على جميع اﻷحوال لا مشاحَّة في الاصطلاح كما يقال. 

في "المغني" لابن قدامة : "مسألة: وقال: (وما حدث في السلعة من يد الصانع، ضمن) وجملته: أن الأجير على ضربين خاص، ومشترك. 

فالخاص: هو الذي يقع العقد عليه في مدة معلومة، يستحق المستأجر نفعه في جميعها، كرجل استؤجر لخدمة، أو عمل في بناء أو خياطة، أو رعاية، يوماً أو شهراً، سمي خاصاً لاختصاص المستأجر بنفعه في تلك المدة دون سائر الناس. 

والمشترك: الذي يقع العقد معه على عمل معين، كخياطة ثوب، وبناء حائط، وحمل شيء إلى مكان معين، أو على عمل في مدة لا يستحق جميع نفعه فيها، كالكحال، والطبيب؛ سمي مشتركاً؛ لأنه يتقبل أعمالاً لاثنين وثلاثة وأكثر في وقت واحد. 

ينظر : المغني لابن قدامة، كتاب الإجارات :مسألة الأجير على ضربين خاص ومشترك. 

 

والحمد لله رب العالمين

مجالس العلم

تنسيق: عبد الكريم خلف

مراجعة وتدقيق: الأستاذ الشيخ مجد مكي

تاريخ المناقشة: [27/8/2015م]


التعليقات