حكم الإكراه على الطلاق بعد العقد

نص الاستشارة :

حكم الإكراه على الطلاق بعد العقد

الاجابة

كتب الأخ علي صياد:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 

إخوتي شاب عقد على فتاة عقد زواج، فهدده رجل من أقارب هذه الفتاة بالقتل إن تزوجها فخاف هذا الرجل من التهديد، فطلق هذه الفتاة. والسؤال: 

ما هي الحقوق التي يترتب دفعها لأهل الزوجة؟

تعليق الدكتور مرهف السقا: هل طلقها قبل الدخول؟

تعليق الأخ علي صياد: نعم قبل الدخول.

تعليق الأستاذة عابدة المؤيد العظم: في الأصل لها نصف المهر.

ولكن هذا طلاق المكره: ولذا في وقوع الطلاق، وفِي الحقوق المترتبة عليه نظر.

تعليق الأخ علي صياد: يعني في هذه الحالة ماذا تعطى الزوجة؟

تعليق الدكتور مرهف السقا: أخي الكريم هذه قضية يتداخلها أمر قضائي وشرعي، فإن الطلاق تحت التهديد يحتاج لمحاكمة قضائية لإثباته والحكم بوقوعه، أما الحكم الشرعي فيمن طلق قبل الدخول فنصف المهر ولا عدة عليها.

تعليق الأخ محمد سهل جنيد: مذهب الجمهور أن طلاق المكره لا يقع ... لكن هذا التهديد الذي طلق من أجله: هل يصل لحد الإكراه الشرعي الذي لا يقع به الطلاق ولا تترتب عليه أي حقوق ... وإن لم يكن فنصف المهر ...... في هذه الحالة كونه طلقها ... ليتصالحا على شيء والصلح خير.

تعليق الأستاذة عابدة المؤيد العظم: لا تحتاج المسألة لتفصيل، فالمسألة مذكورة بالقرآن ومعروف أن للفتاة نصف المهر 

ولكن: هذا طلق مكرها، وخوفا من القتل فلا شيء مادي عليه. 

والآن: لا تتوفر الان محاكم شرعية، وهكذا سيطول الموضوع

ويجب أولا ان يحصل على الحماية من أهل الزوجة من قريبهم هذا، ويفهم منهم وضع الشخص الذي يهدده، فإن كان حقا قد يقتله، فقطعاً لا شيء مادي عليه.

وليس مع العدل أن يطلق كارها ويتغرم المهر.

تعليق الدكتور مرهف السقا: دكتورة بارك الله فيك...نحن لا نعلم ملابسات القضية وكيف كان الإكراه ولا آثاره وما موقف أهل الفتاة، فدعوى الإكراه تحتاج لبينة وشرح، فإحالة القضية إلى محكمة أو مجلس صلح يتداولها وإن طالت أفضل عندي من الرجم بالغيب والإفتاء بالعموم، وما ذكرته من حكم المطلقة قبل الدخول هو حكم معروف وعام نعم وتطبيقه على الحالة المخصوصة بالنقاش يحتاج لإثبات الدعوى.

تعليق الأستاذة عابدة المؤيد العظم: فهمت عليك من الأول يا دكتور، ولكن أليس الأفضل أن يتكلم هو مع أهل الفتاة ويفهم الملابسات؟ ولماذا تمَّ تهديده؟ ومدى جدية ذلك؟... ربما تأثرت بجدي الذي كان لا يحب تأجيل المسائل (رحمة بالناس)، فخشيت إذا وصلت للمحاكم ألا تنحل المشكلة....

فالمحاكم في كل مكان تماطل وتؤخر مما يضر المصالح ويضيع الأوقات.

تعليق الأخ علي صياد: لكن أهل الزوجة لم يعلموا بهذا التهديد إلا بعد الطلاق واعتبروا أنه كلام جزاف لا غير.

تعليق الأستاذة عابدة المؤيد العظم: هذه النقطة مهمة جدا.

تعليق الأخ علي صياد: ولنفترض جدلاً أن الزوج أثبت بشهادة اثنين او اعتراف الشخص نفسه بأنه هدده فعلا لكن بالكلام وليس بإشهار سلاح عليه، لكن الخوف وقع في قلب الزوج مباشرة فطلق فما هو الحكم في ذلك؟.

تعليق الأستاذة عابدة المؤيد العظم: بصراحة هو تسرع، وخاف قبل أن يتحقق، وفِي هذه الحالة، تبقى زوجته (لأنه كان مكرهاً)، ويقرر الآن:

- إما يطلق ويدفع.

- أو يتمم الزواج.

وإذا رفضته الفتاة أو أهلها (لما فعله ولأنه بدا خوافا) فلهم الحق، ويطلقها، وعليه نصف المهر.

تعليق الأخ محمد سهل جنيد: لو تشكل لجنة وهذا موجود إن شاء الله ويتأكدوا من التهديد الذي وقع ومن أجله طلق ....لا بد من السماع من الأطراف خاصة قد يكون الحكم أن لا طلاق ... والله أعلم . 

فالإكراه له درجات، وهناك الإكراه الملجئ وغير الملجئ كما تعلمون. 

تعليق الأستاذة عابدة المؤيد العظم: هو يقول هددوه بالقتل ! 

وكونه خاف: معناها شعر بالجدية والصدق (إلا أن يكون جبانا)

تعليق الأخ حسن الشيخ: عاقبتموه لأنه خواف، هذه مسالك نفسية لا يد للرجل فيها، فالشجاعة لا تتحصل بالنصيحة، وجهة نظر.

تعليق الدكتور مرهف السقا: ولذلك قلت لا بد من محكمة أو مجلس صلح يتثبت من القضية.

تعليق الأخ علي صياد: 

إخوتي سمعنا كلام الطرفين، بخصوص السؤال الذي سألته. 

فوالد الزوجة تأكد من الشاب الذي هدَّده وتوعده، فاعترف والده وأعطى له ضمانا بعدم معارضته وأخبر والد الزوجة والد الزوج بذلك لكن حصل هذا بعد حلف الطلاق.

والد الزوج بعد ما جرى معه لا يريد تزويج ولده وهو يصر على الترك، فهل عليه نصف المهر

هل لنا أن نقول بأن الشاب تعجَّل بالطلاق، وأن نصف المهر قد استحقته هذه الزوجة 

وأن الهدايا ترد للزوج؟.

هنا نقاط تبينت منها من خلال استماعي للطرفين: 

أولا: أن والد الزوج رجل بعيد عن المشاكل. 

وأنه سمع ممن هدد ولده أن البنت تريده وهو يريدها وهذا ما أنكره أشد الإنكار والد الزوجة ولذلك استفز بهذه الكلمات فسارع الى أن يجعل ولده يطلق. 

ثانياً: أن والد الزوجة بحث عمن هدد الشاب ووجده واعترف اهله بذلك لأنه سبق أن خطبها ولم يعطها والد الزوجة. 

ثالثا: إن هذا الرجل على موجب وصف والد الزوجة بأنه ليس أهلا للتهديد، ولكنه يحمل سلاحا. وعذرا إن أطلت لكن اردت أن أبيِّن لكم التفاصيل.

تعليق الأخ محمد سهل جنيد: عليه نصف المهر إن أراد الطلاق، وإن استطعت أن تتفق معهم على مبلغ يتراضيا عليه ويصطلحا عليه والصلح خير.

تعليق الدكتور مرهف السقا: نعم...مع ما ذكره الشيخ سهل جزاه الله خيرا..

تعليق الأخ علي صياد: إخوتي طبعا أنا وجهت سؤالي لوالد الزوج، وقلت له: هل تريد أن ننسى ما مضى وتعقد عقد جديد فأبى واكتفيت. 

وهنا سؤالان: 

هل يوجه السؤال أيضا لوالد الزوجة: هل ترضى بالزواج للبنت بعد أن رفض الزوج. 

السؤال الثاني: هل يطلب مني أن أحلف والد الزوجة أنه لم يرسل الشاب الذي هدد. 

فالقرائن الظاهرة تقول غير ذلك لأن الطرفين اجتمعا مع من هدَّد الشاب.

أم أن ظاهر الكلام يكفي مع التذكير بوعيد الله إن كان هناك تلاعب أو تخطيط من قبل أهل الزوجة.

تعليق الأستاذة عابدة المؤيد العظم: هؤلاء وقع بينهم شيء... ومن الصعب أن هذا يتم الزواج، وسيبقى الشرخ مدى الحياة.

تعليق الأخ علي صياد: كلام صحيح ولهذا لم ألح في الصلح، وخفت أن تتأزم الأمور بينهما نتيجة هذا الكلام فنقع في مأزق بدلا من الصلح.

تعليق الأستاذة عابدة المؤيد العظم: 

هل نفهم من كلامك أن أهل الفتاة يريدون هذا الخاطب وأنهم تفاجؤوا بقرار طلاقه، ولم يكن لديهم أي علم بالتهديد الذي تلقاه؟ وأنهم حين علموا بالتهديد تحققوا، ثم سووا القضية؟

تعليق الأخ علي صياد: نعم ذكَّرته بالعفو وبأن يراعي ظرف هذا الرجل وذكرته بالآية: [إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح ].

وكذلك قلت لوالد الزوج: أن هذه المرأة قد تضررت ولو كان ضررا معنويا.

تعليق الأستاذة عابدة المؤيد العظم: فعلا : المرأة تضررت، وهذا الذي يوجب لها نصف المهر.

تعليق الأخ محمد سهل جنيد: قصدت بأن يصطلحا على مبلغ يتراضيا عليه.

تعليق الأخ علي صياد: هنا مشكلتان :

الاولى: أن والد الزوجة مصر على أخذ ماله كاملا فحب الدنيا واضح .

والثانية: أن والد الزوج مقتدر ماديا.

تعليق الأستاذة عابدة المؤيد العظم: الطرفان ظلما بطريقة ما: الشاب لأنه هُدِّد، والبنت لأنها طُلقت، ولذلك كلام الفاضل الشيخ محمد سهل هو الحل، يتراضيا على مبلغ

تعليق الأخ علي صياد: ما نسبة التراضي لو تكرمتم :هل نقول ربع المهر مثلا ،

وإذا لم يرض والد الزوجة إلا بالنصف، فهل يعطى؟

تعليق الأستاذة عابدة المؤيد العظم: حسب قيمة المهر الأصلية، فإذا كان مبلغا كبيرا جدا فيمكن أن يساومه على خمسه أو عشره... وإذا كان المهر الأصلي معقولا فممكن ربعه ... المهم أن يعوّضه بشي يرضي الفتاة عما ألمَّ بها

تعليق الأخ علي صياد: 500 ألف ليرة سورية مقدم ومثلها مؤخر.يعني 2000 دولار تقريبا

تعليق الأخ تيسير سندة: يوجد في الفقه مسألة مشابهة لهذه المسألة وهي اكتشاف الزوج عيب في الزوجة فإذا كان فيها عيب يفسخ النكاح ويدفع المهر ثم يرجع الزوج بالمهر على من غره جاء في "سبل السللام": - وعن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: أيما رجل تزوح امرأة فدخل بها فوجدها برصاء أو مجنونة أو مجذومة فلها الصداق بمسيسه إياها وهو له على من غره منها أخرجه سعيد بن منصور ومالك وابن أبي شيبة ورجاله ثقات. تقدم الكلام في الفسخ بالعيب وقوله وهو أي المهر له أي للزوج على من غره منها أي يرجع عليه وإليه ذهب الهادي ومالك وأصحاب الشافعي، وذلك لأنه غرم لحقه بسببه إلا أنهم اشترطوا علمه بالعيب فإذا كان جاهلا فلا غرم عليه وقول عمر على من غره دال على ذلك إذ لا غرر منه إلا مع العلم وذهب أبو حنيفة والشافعي إلى أنه لا رجوع إلا أن الشافعي قال بها في الجديد قال ابن كثير في الإرشاد وقد حكى الشافعي في القديم عن عمر وعلي وابن عباس في المغرور يرجع بالمهر على من غره 

لهذا يمكن القول بان الزوج تضرر بالطلاق فيرجع بالضرر على من أكرهه لكن يحتاج هذا الامر إلى قاض ومحكمة تثبت الإكراه وتلزم المكره بدفع نصف المهر، ما رأيكم؟

تعليق الأستاذة عابدة المؤيد العظم: فكرة في مكانها أستاذ تيسير، ولقد خطرت لي، ولكن تنفيذها صعب جدا، وبذلك لن يرجع هذا الخاطب بشيء.

تعليق الدكتورة ميادة الحسن: عليه نصف المهر، إلا أن يتراضيا على غيره.

وقد ركب الحموقة بالطلاق.

إجابة مركز الفتوى (إسلام ويب) على سؤال الأخ علي صياد:

http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Id=2678451&Option=QuestionId&lang=A

شاب عقد على فتاة، فهدده رجل من أقارب هذه الفتاة بالقتل إن تزوجها، فخاف من التهديد، فطلقها، فما هي الحقوق التي يجب دفعها لأهل الزوجة؟.

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان الواقع ما ذكر، وكان التهديد صادرا ممن يمكنه تنفيذه، فهذا الطلاق لا عبرة به، لأنه صدر عن إكراه، وبالتالي فالمرأة لا تزال في عصمة مطلقها المُكرَه، ولكن إن زال الإكراه وأمضى بعده الطلاق، فهو واقع، كما نص على ذلك بعض الفقهاء، وتجد كلامهم بهذا الخصوص في الفتوى رقم: 65141.( وخلاصة الفتوى: طلاق المكره لا يقع شرعاً عند جمهور أهل العلم إذا كان الإكراه المذكور عن طريق التهديد بالقتل أو حصول الضرر البيِّن في النفس أو المال، ففي الفتاوى الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية: ولا يقع طلاق المكره، والإكراه يحصل إما بالتهديد، أو بأن يغلب على ظنه أنه يضره في نفسه أو ماله بلا تهديد. انتهى.

ومحل عدم لزوم طلاق المكره ما لم يمضه الزوج بعد زوال الإكراه، فإن أمضاه فإنه يعتبر طلاقاً شرعياً ماضياً.

قال الحطاب في مواهب الجليل: ومن أكره على طلاق زوجته أو عتق عبده ثم أجاز ذلك آمناً لزمه، قيل لسحنون: ولم ألزمته ذلك ولم يكن ليعقد عليه طلاق ولا عتق وإنما ألزم نفسه ما لم يلزمه؟ قال: وإنما ألزمته لاختلاف الناس لأن من العلماء من يلزم طلاق المكره وعتقه. انتهى

وما تستحقه المطلقة قبل الدخول مضمن في الفتوى رقم 1955:

(وخلاصته: في حالة الطلاق قبل الدخول فإن المرأة المطلقة لا عدة لها ، قال تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحاً جميلاً ). [الأحزاب: 49].

والمرأة تملك المهر بمجرد العقد ، فإذا حدث طلاق قبل الدخول فإن المهر يتنصف بين الزوجين ، المقدم منه والمؤخر، قال تعالى: ( وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح وأن تعفوا أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم).

[البقرة : 237]. 

ويستحب أن يعفو أحد الزوجين عن النصف الواجب له لصاحبه لقوله تعالى: ( وأن تعفوا أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم). هذا كله في حالة عدم دخول الزوج، أو خلوته بها خلوة يمكن فيها الوطء عادة، فإن الخلوة الصحيحة بين الزوجين لها حكم الدخول على الراجح من أقوال أهل العلم إذا ثبتت بينهما بالإقرار، أو بالبينة فإنها تجعل للزوجة جميع الحقوق المقررة للمدخول بها، فلها جميع المهر، وتجب عليها العدة إذا طلقت، ولها النفقة من حين الخلوة بها إلى نهاية عدتها). 

ومنها تعلم أن هذه الحقوق تعطى للزوجة لا لأهلها. والله أعلم.

فتوى الشيخ الدكتور أحمد الحجي الكردي: 

إذا قلنا بوقوع الطلاق بهذا الشكل فيجب على الزوج إن دخل بها قبل العقد أو اختلى بها فعليه كل مهرها المعجل والمؤجل ونفقة عدتها، وإن كان قبل الدخول والخلوة فعليه نصف مهرها المعجل والمؤجل ولا عدة عليها ولا نفقة عدة لها. 

والحمد لله رب العالمين

مجالس أهل العلم

تنسيق: عبد الكريم خلف

مراجعة وتدقيق: الأستاذ الشيخ مجد مكي

تاريخ المناقشة: (16-17/9/2017م)


التعليقات