من هم العلماء؟ قيمة العلماء -1-

 

 

1. قيمة العلماء :

من الملاحظات البارزة في تاريخ الحضارة ، أنّ الحضارات تقوم بشخصين : حكمة العالم و خبرة الحاكم ، فإذا فُقد أحدهما _ فضلاً عن أن يُفقدا معاً _ ، لا يكتب للشعوب أن تقوم قومتها الحضاريّة أو الاستمرار في مسارها الحضاري !!

هذه حقيقة ثابتة و جوهريّة في بنية صعود الحضارات و سقوطها !!

عندما نبحث قيمة العلماء في المنظومة الإسلاميّة ، نكتشف بأنّ موقع هذه القيمة الجوهريّة يختلف بين الإسلام و غيره ، من حيث المستوى و المدى و المغزى . فإذا كانت قيمة العلماء في الإطار الحضاري و الاجتماعي المنفصل عن الله تعالى ، مرتبطة بـ " المنفعة " الماديّة المتمركزة حول الدنيا الفانية التي يقدمونها لشعوبهم ، فإنّ هذه القيمة تكتسب فضيلتها و أهميّتها في الإطار الحضاري و الاجتماعي المتصل بالله تعالى من منطلقات أخرى مرتبطة بطبيعة الإسلام نفسه ، و بمهمّة الإنسان في الحياة و مصيره بعد الموت ، كما سنعرف لاحقاً بحول الله تعالى . 

يمكننا أن نلخص بيان هذه القيمة الإسلاميّة للعلماء في ثلاثة مستويات :

? المستوى الأول : الحث على طلب العلم . 

لا يمكن لمن نظر في آيات القرآن الكريم و أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم  أن تخطئ عينه التنويه بالعلم و فضله ، و الحث الكبير على طلبه و السعي إليه . يقول جل مجده : { وَ قُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا } [طه:114] . يقول الرسول صلى الله عليه وسلم  : ? من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً ، سهل الله له به طريقاً إلى الجنة ، و إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يصنع  ? . 

? المستوى الثاني : التنويه بقيمة العلماء .

رفع الإسلام من شأن العلماء بما لا يمكن أن نجده في اية ديانة أخرى أو مذهب آخر . و نجد هذا في الكثير من الآيات و الأحاديث تصريحاً و تلميحاً . يقول الحق تعالى : { قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ } [الزمر: 9]. و يقول أيضاً سبحانه : { إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ } [فاطر:28] . و قال الرسول صلى الله عليه وسلم  : ? فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم ? . 

? المستوى الثالث : تعظيم مسؤوليّة العلماء .

إذا كان الإسلام أولى عناية خاصة للعلم و عظم العلماء و نوّبه بذكرهم و شرفهم ، فإنّه نبّه على المسؤوليّة الكبيرة الملقاة عليهم . يقول الحق تعالى ذامّاً للعلماء الذين يُفرّطون في مسؤوليّتهم : { لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَ الْأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَ أَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ } [المائدة:63] . و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  : ? إن أخوف ما أخاف على أمتي من بعدي الأئمة المضلون ? .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين